لست بحاجة إلى من يكيفني مع أي بيئة حياتية اكون متواجدا معها، حاضرا فيها مجتمعا مع أهلها مشاركا لهم في سبل حياتهم اليومية أفرح لأفراحهم وأحزن لأحزانهم آكل مما يأكلون وأشرب مما يشربون وألبس كما يلبسون متزينا كما يتزينون من باب الوازع الديني والذي هو أمر الله تعالى حين يقول : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))
ثم أنني لا أسمح لأي كان من البشر أن يتدخل في أموري الحياتية الشخصية لا لسبب ما ولا بدون سبب كان ! فالله سبحانه وتعالى كرمنا بالعقل لنميز به الخبيث من الطيب وبالتالي فإنه ليس من المعقول أن يصل الإنسان إلى درجة تناسبه من الفكر والثقافة ثم يآتي من لا فكر له ولا منطق أن يقول افعل كذا ولا تفعل كذا !! فإفعل كذا ولا تفعل كذا هذا الحال أنا الذي أقرره أفعل كذا أو لا أفعل كذا ومتى أفعل ومتى لا أفعل كذا !!.
والله تعالى مطلع علي وعلى آدمي حي وهو الذي قال :- (( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) ويقول ايضا :- (( بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ )) وقال أيضا : (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) وبالتالي له حرية الاختيار والحساب على رب العزة والجلال و إلا لماذا علماء النفس والمنطق والفلسفة الدين الإسلامي بأن هناك سنا للرشد يكون فيه الإنسان معتمدا على نفسه وشخصه بحيث يكون مسؤول أمام الله تعالى وأمام القانون حيال كل عمل يقوم به في هذه الحياة ومهما كان شكل ذلك العمل عما إذا كان متضمنا خيرا أم أن له علاقة في مداخل الشر ! والحمدلله على نعمة العقل والدين !.
إن اعتماد الإنسان على نفسه في ظرف الرخاء يجعله في منتهى الجهوزية للإعتماد على نفسه في أوقات الشدة والحياة بتقلباتها تكون مدرسة مليئة بالأحداث التي تجعلنا نسير في دروب مساراتها محمومين بتنوع الأحداث التي تكون كفيلة بأن نختبر فيها بإختبارات تزرع فينا مكامن لكسب الخبرة وأخذ العبرة للإعتبار بها حتى لايتكرر علينا أي خطأ فادح قد ارتكبناه بقصد الإصلاح فكانت نتائجه عكسية فالعيب ليس في الخطأ ومن البديهي أن يخطأ المرء حتى يكون على استعدادا تاما بأن لا يكرر ما ارتكبه من خطأ وبالتالي يقولون : إن الخطأ دائما مايعلم الإنسان الحرص على اتقان أي عمل دون تكرار للخطأ فيه ((فكل ابن آدم خطآء وخيرالخطائين التوابون))
ثم أن هناك مقولة شائعة لا أدري إن كانت هي حكمة او إنها عبارة يستعان بها كمثل ألا وهي :- (من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه) ورغم ذلك فإن الإنسان الذي يعقل الأمور لن يرضى لغيره أن يتدخل في شؤونه خاصة كانت أم عامة من باب حرصه على الحفاظ على حلمه وهدوء أخلاقه وطولة باله وبالتالي فإنه لايحب ان يؤذي الآخرين لماذا ؟! لربما قد تعود على الهدوء وعدم التشنج والضجر من إخوانه وربما يكونون أعزاء عليه وبالتالي أيضا يتوجب على أولئك أن يلتفتوا إلى حلم هذا الشخص وإلى دماثة أخلاقه وجمال هدوئه فالأخلاق هي مرتبة عليا وجليلة ولسموها مكان عظيم مع الله جل وعلا ولهذا قال الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :-(( وانك لعلى خلق عظيم )).
ثم إن التدخل في الشؤون الداخلية بدعوى النصح لا يكون في زحمة من البشر ولا يكون بصوت يعتلي كل أصوات الضوضاء وإنما يكون حاله بيني وبطريقة هادئة يسودها الود والاحترام حتى يكون جو ذلك النصح مفعم بالرضى من الطرف الملقاة إليه النصيحة أو بطريقة التهاتف على حدة – اللهم إجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه – آمين.
الكاتب الأستاذ / فاضل الهدابي