الرأفة هي محطة من محطات الرحمة والرحمة تأتي في بعض الأحيان صفة يتصف بها من يتحلى بها من البشر كأن يقال لفلان من الناس :- (يا أخي فلان رحيم) والرحيم هو اسم من أسماء الله تعالى الحسنى ونحن كل يوم حينما نأتي للصلاة نبدأ قرآءة الفاتحة بالبسملة وجميع سورة القرآن الكريم نبدأها بالبسملة فنقول بسم الله الرحمن الرحيم فأنظر أخي القارئ الكريم إلى هذه العبارة وإلى جمالها وفي نفس الوقت أنظر إلى مهابتها فهي مهيبة جدا لجلال قدرها فنحن نستشعر وجود الله – عزوجل – عندما ننطقها ونحن خاشعين ذليلين بين يديه – سبحانه وتعالى- لماذا لأننا ندرك حسيا بأن الله يرانا ويسمعنا حينما نقولها !.
ثم فأنظر إلى كلمتي الرحمن الرحيم فهاتين الكلمتين لهما دلالات واضحة على أن الله – سبحانه وتعالى – من صفاته الرحمة لكل عباده وإلا لماذا جعل للتائبين من المعاصي مقام عالي منزلة رفيعة أنهم تابوا وأنابوا وندموا على ما اقترفوا من معاصي بعد تركهم لها !.
فقبوله – عزوجل – لتوبة العبد هي رحمة مابعدها رحمة فبها تمحى كل الذنوب والآثام التي قام بفعلها ذلك الإنسان التائب وببدء صفحة جديدة في حياته ! (والنائب من الذنب كمن لاذنب له).. بحيث يكون مستقيما مواظبا على أفعال البر والخير وعلى العبادات المفروضة كالصلاة والصيام والحج والمستحبة كالنوافل والصدقات وغيرها من أعمال الخير حتى يكون قريبا من الله – جلّ وعلا – وحتى يكون مطمئنا على نفسه وعلى أهله وحياته وحتى يوفقه الله إلى اتقاء يوميات إبليس وتزيينه لأهواء الشر لبني البشر!.
إذن الرحمة هي كل الخير للناس ! مليئة بأبواب خزائن العطايا الرحمانية وبالتالي أن الذي يرحمك قد سبقته رحمة الله لك فأوحاها الله إليه بأن يأتيك ويرحمك أي يسامحك ويعطف على مشاعرك وأحاسيسك وإذ ليس من السهل أن يتجاسر الإنسان على نفسه بنسيان كل الذي اقترفته يداك ضده أوكل الذي قاله لسانك فيه سواء كان ذلك بالغيبة أو النميمة التي سرعان ما تنتشر أقوالها بين عالم الأنس وتتناقلها الأفواه والألسن دون أي تمحيص ودون أي تأكيد لصحتها من عدمها وبالتالي فإن الذي يستطيع نسيان ماقيل عنه كذبا وزورا لينسفه وراء ظهره فذلك المرء والله هو أمرُُ رباني وهذا يقودنا إلى فهم حالتي الحلم والصفح اللذان هما بابان آخران من أبواب الرحمة التي لايمتلكها كل الناس ولذلك نرى في الحياة بشر في منتهى الحلم وفي منتهى الصفح عن الآخرين وهؤلاء لديهم قوة غير عادية في حالة ضبط النفس عند كل موقف يستدعي الغضب والاقتصاص من أولئك الذين يؤذون العالمين بشتى انواع الأذى ونحن دائما نقول ونردد ” عبارة المسامح كريم ” وهذه العبارة سليمة من الناحية الكلامية وأيضا لها علاقة بالسلامة المعنوية لماذا ؟! لأن المتنازل عن حقه في إقامة الشكوى والحجة ضد الذي آذاه هو مخلوق قد تفضل على صاحبه الذي ظلمه بالمسامحة والعفو على الرغم أنه قادر على منازلته في المحاكم وقادر على جره إلى السجون ولكن نفسه الرضية الخيّرة وسريرته الطيبة هما اللآتي منعنه من فعل مايجب فعله قانونيا والله تعالى مطلع على جميع النوايا الآدمية إذن “فالرحمة هي آسمى مراتب التعايش والخير لبني الإنسان ولولاها لما قامت للحياة قائمة ولكن يأبى الله العزيز إلا إن تستمر الرحمة بين الناس لتسمر الحياة وليستمر الخلق فيها وعلى هذه البسيطة لكي يستمر عمرانهم وتستمر عطاءاتهم فيها”.
الكاتب / فاضل بن سالمين الهدابي