التوجيهات السامية لجلالة السُّلطان المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- بتخفيض رسوم إصدار وتجديد تراخيص استقدام القوى العاملة غير العُمانية سيكون لها مردود إيجابي كبير على الاقتصاد العُماني خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن هذه القرارات التي سيتم تفعليها في بداية شهر يونيو المقبل وتتزامن مع تحسن أسعار النفط العالمية التي بدأت تتصاعد بوتيرة سريعة منذ تفاقم أزمة غزو روسيا لأوكرانيا، الأمر الذي سوف يعزز الموازنة المالية السنوية.
التوجيهات السامية بتخفيض أسعار المأذونيات وتراخيص العمالة الوافدة تنسجم اليوم مع بيئة الأعمال التجارية في المنطقة والعالم الذي يعمل على جذب الكفاءات والكوادر المتعلمة خاصة في مجالات التقنيات والمعارف الحديثة، وفي مجالات التصنيع والزراعة والسياحة، باعتبار أنَّ الكل يعمل هنا وفي المنطقة من أجل تحقيق التنويع الاقتصادي، خاصة في مجال تحقيق الأمن الغذائي الذي بدأنا نشعر بقوته في الآونة الأخيرة.
فأسعار التراخيص الجديدة المعلنة تنسجم مع تطبيق دليل تسعير الخدمات الحكومية الأخرى التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التنافسية في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز دور القطاع الخاص، وتقديم المزيد من التسهيلات للشركات التي تعمل على دعم نسب التعمين لديها.
ومما لاشك فيه، أن القطاع الخاص سيستفيد من هذه القرارات والتخفيضات خلال المرحلة المقبلة، وسيعمل على جذب المزيد من العمانيين الباحثين عن العمل بهدف الحصول على مزايا وتخفيضات أكبر في هذا الصدد، بجانب قيامه بتشغيل العمالة الوافدة في الأعمال الفنية التي تحتاج إليها، الأمر الذي يعطي فرصة لرواد الأعمال المبتدئين بالاستعانة بالعمالة الوافدة التي يجتاجون إليها في الأعمال اليومية في ظل تراجع قيم هذه التراخيص والاستفادة من خبراتهم.
إن صدور التوجيهات السامية لتقديم مزيد من الحوافز للقطاع الخاص تأتي في إطار تحسس وتلمس جلالته- حفظه الله- لمشاكل وقضايا هذا القطاع الذي واجه خلال السنوات الماضية الكثير من التحديات والديون والعقبات والمشاكل التي نتجت بسبب تراجع أسعار النفط العالمية من جهة، والنتائج السلبية التي تركتها الجائحة كوفيد-19 وتحوراتها من جهة أخرى بسبب الإغلاقات؛ الأمر الذي يتطلب تقدير ذلك، وتعزيز الإنتاجية لديها لدعم مسيرة التنمية الشاملة المستدامة في البلاد، ولينعكس ذلك على رفاهية المواطن في المرحلة الحالية والمقبلة.
لقد لاقت هذه التوجيهات السامية من قبل أصحاب المؤسسات والشركات ورواد الأعمال وكل من ينتمي إلى القطاع الخاص ترحيبًا وثناءً وإشادة، خاصة وأن قيمة المبالغ السنوية التي تم تخفيضها كبيرة من حيث النسبة؛ حيث كانت الأسعار السابقة سبباً مباشراً في ترك الكثير من العمالة الوافدة أرض السلطنة للعودة إلى دولها بسبب عدم جدوى استمرار تشغيل مؤسساتهم في البلاد، أو التوجه لدول أخرى للعمل بها سواء في المؤسسات المماثلة أو في أعمال خاصة. واليوم نرى أن نسبة التخفيض في قيمة التراخيص تتجاوز 80% بل تصل أحيانا إلى 89%، الأمر الذي سيدفع الكثير من المؤسسات والشركات لتشغيل العمالة الوطنية للحصول على مزيد من التخفيض في أسعار تراخيص العمالة الوافدة بسبب ارتباط هذه الأسعار بتشغيل المزيد من العمانيين في تلك المؤسسات. وإذا نظرنا إلى أسعار التراخيص القديمة والجديدة التي سيتم تطبيقها اعتباراً من شهر يونيو 2022، نجدها كالتالي:
بالنسبة لكبار المسؤولين من الفئة الأولى في الشركات فإنها سوف تنخفض من 2001 ريال عماني إلى 301 ريال عماني لمدة سنتين، وإلى 211 ريالا عمانيا في حالة وفاء المؤسسات والشركات بنسب التعمين الأعلى.
بالنسبة للفئة الثانية من الفنيين ومن في حكمهم فسوف تنخفض من 601 -1001 ريال إلى 251 ريالا عمانيا وتتراجع إلى 176 ريالا عمانيا في حالة الالتزام بنسبة التعمين.
أما الفئة الثالثة من العمالة التي كانت بقيمة 301- 361 ريالا عمانيا فإنها تصبح 201 ريال عماني وتتراجع إلى 141 ريالا عمانيا إذا استوفيت نسبة التعمين المطلوبة. وهناك أيضا تخفيض للعاملين الوافدين للعمالة المنزلية للمواطنين الذين لديهم عمال ما بين 1 إلى 3 عمال في المنازل، وذلك من 141 ريالا إلى 101 ريال، وللذين لديهم من 4 عمال وأكثر من 241 ريالا إلى 141 ريالا.
أما بالنسبة للمزارعين ومربي الإبل والماشية فإن أسعار تراخيصها للعمالة الوافدة سوف تنخفض من 201 ريال إلى 141 ريالا للذين لديهم عدد 1 إلى 3 عمّال، ومن 301 ريال إلى 241 ريالا للذين لديهم 4 عمال وأكثر.
وبالنسبة لحاملي بطاقة رواد الأعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة فإن رسوم إصدار وتجديد تراخيص استقدام العمالة الوافدة غير العمانية ستصل إلى 101 ريال ممن يعمل لديه عامل إلى 5 عمال، و151 ريالا للذين لديهم 6 إلى 10 عمّال شريطة توظيف عماني واحد على الأقل. كما تتضمن التوجيهات السامية إعفاء المنشآت والأفراد من غرامات تأخير تجديد التراخيص شريطة أن يتم تجديدها قبل الأول من شهر سبتمبر المقبل 2022.
إن مثل هذه القرارات تلبي فعلاً تطلعات أصحاب القطاع الخاص الصغار ومدى حاجتهم لتوفير بعض الأموال لمواجهة الديون التي ترتبت عليهم من المشاكل التي تعرضوا لها خلال السنوات الماضية، كما تلبي حاجة المؤسسات الكبيرة أيضًا ممن تسعى إلى زيادة وتعزيز أعمالها التجارية والخدمية في البلاد، في الوقت الذي شملت تلك التوجيهات إضافة 25 سلعة غذائية إلى القائمة المعفية من ضريبة القيمة المضافة بجانب 513 سلعة مُعفاة سابقاً، والعمل على تنفيذ المشاريع التنموية التي يمكن أن تعود بمزيد من المنافع للاقتصاد العماني، بجانب العمل على توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين، الأمر الذي سيُشجع العمانيين نحو العمل الحُر وتشغيل المؤسسات الصغيرة الخاصة.
حيدر بن عبدالرضا اللواتي