أسهمت البنوك إلى حدٍ ما في مواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا على الأفراد والمؤسسات، والحق يقال إن بنك التنمية العماني على وجه الخصوص واكب المرحلة الراهنة وتحدياتها، وما سببته جائحة كورونا من آثار سلبية على سير أعمال العملاء من أصحاب المشاريع وخاصة الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وغيرها؛ حيث قدّم حلولًا مختلفة من منطلق الدعم والمساندة لتجاوز تبعات الجائحة وضمان استمرارية المشاريع، فعمل على تأجيل أقساط القروض، وإعادة جدولة القروض للبعض الآخر، إلى جانب تقديم قروض طارئة وفقا لاشتراطات معينة، وتقديم قروض تشغيلية للبعض، وغيرها من الإجراءات التسهيلية الأخرى، لكن ما زال العملاء يتوقعون من البنوك التجارية، وبنك التنمية العماني بشكل خاص، أن يقدموا المزيد من التسهيلات في ظل استمرار تدعيات الجائحة.
قلق البنوك من تقديم القروض لأصحاب المؤسسات الخاصة، غالبا يتمثل في عدم وجود ضمانات تتعلق بالمقدرة المالية لهذه الشركات في المرحلة المقبلة لسداد أقساط القرض في الوقت المحدد، وعدم ضمان استمرارية صمود أعمال الشركة وعوائدها في ظل هذه الجائحة، لذا نجد الشركات اليوم تقف أمام تحديات ماليه عدة نتيجة لتراجع الإنتاجية والأعمال في ظل استمرار النفقات من رواتب وفواتير تتبع كالكهرباء والمياه وشبكة الإنترنت…وغيرها من مستلزمات العمل اليومية، والكل يبحث عن حلول وبدائل لإنقاذ شركته من التعثر أو الإفلاس، والبحث عن مصادر أخرى للتمويل، ليتمكنوا من إبقاء الموظفين وعودة الحياة العملية وعدم اللجوء لاستقطاع الرواتب بشكل أكبر، إلى جانب ما نراه اليوم من تسريح لموظفين وغيرها من الآثار المترتبة على هذه التحديات. لكن يواجهون الرفض من البنوك التجارية، وأيضا من بنك التنمية العماني، في الحصول على التمويل والدعم بالقروض.. في ظل حاجتهم اليوم للخروج من هذا النفق المظلم بمؤسساتهم!!
وفي ظل ما يمر به قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تحديات، أصبح لا بُد على الجهات المعنية بهذا القطاع العمل بشكل أكبر على تنظيم آليات العمل، حيث تركز كل جهة على دورها المناط بها لخدمة هذا القطاع والعاملين فيه؛ سواء كانت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة “ريادة” أو بنك التنمية العماني كجهة تمويلية، أو غيرها من الجهات الداعمة والمساندة الأخرى لانتشال رواد الأعمال من الإفلاس والديون التي قد تؤدي بأصحابها إلى السجن أو فقدهم لمصدر رزقهم، كما يجب البحث عن أدوات تمويلية أخرى مناسبة تزامنا مع زيادة رأس مال بنك التنمية العماني إلى 100 مليون ريال عماني، والذي يجب أن يزيد إلى 400 مليون ريال حتى يتمكن من تمويل المشروعات التنموية من قبل القطاع الخاص، ويتماشى مع التغيُرات في السوق ليلبي الاحتياجات المستقبلية، بما يساعد على تعزيز ثقافة العمل الحر وصناعة قطاع ريادة الأعمال؛ سواء من خلال قروض لمشاريع تقنية المعلومات، أو قروض لمشاريع صناعية أو غيرها، وإذا كان من الممكن دراسة مدى إمكانية تقديم التمويل للأنشطة العقارية والتجارية لحاجتهم لذلك.
البعض من ذوي الاختصاص يقترح مدى إمكانية تأسيس “شركة ضمان قروض” تقدم ضماناتها للبنوك مقابل حصول أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة على تسهيلات من قبل البنوك عامة؟! كون أغلب التمويل المقدم من بنك التنمية العماني يذهب للمشاريع الناشئة وعالية المخاطر، مما يتطلب أن يتم التركيز على جودة ونوعية قطاعات العمل المتقدمة للتمويل والحرص على دراسات الجدوى الدقيقة لها والعمل على وضع مؤشرات لقياس الأداء في مساهمة هذه المشاريع بالناتج المحلي وعدد الوظائف التي يمكن أن يوفرها القطاع وضمان الاستمرارية كأحد أهم مؤشرات النجاح.
خلاصة الحديث.. نحن بحاجة للاستفادة من زيادة رأس مال بنك التنمية العماني، ومن ثم زيادة عدد المشاريع الممولة سنويا، ويجب إطلاق العنان لتحقيق الأهداف، وأن لا تكبلها البيروقراطية الزائدة عن الحد والمبالغ فيها والتي تعرقل مسيرة التقدم، وعلينا أيضا التكاتف للبحث عن أدوات تمويل آخري للدعم والمساندة.
إننا في مرحلة بناء وتقوية القطاع الخاص، الذي يجب أن ينمو ويكبر من خلال تحفيزه على تنفيذ كبرى المشروعات، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تلبية طلبات التمويل والاقتراض التي يحتاجها بمعدلات فائدة معقولة، لا بفوائد سنوية مركبة تثقل كاهل هذا القطاع، وتُضعف من تنافسيته التي تعاني في الأساس.
نريد قيمة مضافة يخلقها قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال نوعية اختيار المشاريع التي يُقدم لها التمويل، كما يجب علينا تفعيل حاضنات الأعمال، لتقديم التسهيلات من حيث التدريب والتأهيل والخدمات.
فايزة بنت سويلم الكلبانية