من المعروف أن لعلم الحديث مكانة رفيعة جداً في العالم الإسلامي
وكان للمدن التي انطلق منها وجال فيها رواة الحديث الأثر العظيم في الحفاظ على هذا العلم العظيم، ونتيجة لذلك نشأت في كل مدينة، مدرسة خاصة بها، وإن كنا قد ذكرنا في مواضيع سابقة المدرسة المستنصرية، والمدرسة الكوفية والبصرية، وغيرهم.
ولعل المدرسة الأولى والأعظم والأهم كانت في الحرم النبوي الشريف، عندما كان الناس تجلس حول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم
يسمعون حديثه ونصائحه وحكمه، كانت هي الأساس لكل ما تشكل لاحقاً وتطور عبر الزمان.
هؤلاء أنفسهم انتشروا في البلاد وجابوها طولاً وعرضاً، البصرة والكوفة والشام وواسط وبغداد ومصر وغيرها من البلاد الإسلامية، فألفوا مؤلفات كثيرة ونقلوا عن مئات المشايخ وكان لهم آلاف التلاميذ، بالتالي نشأت مدارس علمي الحديث والرواية على اعتبار أن الحديث هو المصدر الثاني التشريع الإسلامي، ويشكل القسم الأكبر لميراث الأحكام الفقهية والأخلاقية والعقائدية في ضوء أن الدين الإسلامي قرآني المبدأ، حديثي التفصيل.
ومن المعروف أيضاً أن للعراق الأثر الأكبر في انتشار المدارس الحديثية نشات في مدن إسلامية عريقة، في البصرة والكوفة، وواسط خلال القرنين الأول والثاني الهجريين، والتي سنذهب للإبحار في كل مدرسة على حدى على شكل سلسلسة أو حلقات خلال الأيام القادمة.
حيث سنتعرف على سمات كل مدرسة واتجاهاتها ومعرفة التوافقات والاختلافات بين المحدثين، وإلقاء الضوء على العلل الحديثية والكشف عنها في القادم من الأيام.
عبدالعزيز بن بدر القطان