هو سؤال قديم جديد لكن هذة الايام يزداد حضورا ..لماذا ؟لان داعشي الاخوان هزموا دينيا وشعبيا ، ويريدون أن يردوا علي هزيمتهم التي يقف خلفها الشعب والجيش والمؤسسات كلها منذ غضبة وثورة 30 يونيو 2011 ؛ بخلط للاوراق وبنشر للاكاذيب والفتن وبسباب وشتائم هي من أصل عقيدتهم الفاسدة ضد أهم وأنبل وأرقي مؤسسة دينية ووطنية في الشرق الاسلامي قاطبة :مؤسسة الازهر الشريف وحتي لا نتوه مع منهجهم التكفيري والشتائمي فأننا نذهب الي قلب القضية وجوهرها؛إنهم يكرهون الازهر لانه( كعبة الاسلام الوسطي الصحيح) وهي كعبة هم عنها بعيدين هم يريدون إسلام وقبلة داعش وإن إدعوا غير ذلك. فالواقع السياسي والديني بعد30 يونيو2013 وحتي اليوم2021 كشف حقيقة قبلتهم التي اليها يتوجهون ،(قبلة داعش) وهي قبلة كرهها الناس بالفترة وبما قدمته من تشويه تاريخي لللاسلام يعجز اشرس أعداء هذا الدين أن يقدموا مثله ، ولذلك كرهوا الازهر لانه يقدم الاسلام المحمدي الصحيح والنقي . *وحتي نستبين ذلك هذة جولة مضادة نقدمها عن الازهر الذي لايحبه الاخوان عن الازهر تاريخا ودورا و فماذا عنه ؟ بداية ورغم أن موضوع الأزهر من الموضوعات التي وضعت على طاولة البحث كثيرا ، وتناولها الكتاب والباحثين بالبحث فى النشأة والهدف والمعارك والمراحل التاريخية ……، بيد أن الحديث عن الأزهر خاصة في مواجهة فكر داعش والاخوان الشاذ لا ينتهي ،نظرا لأهمية دوره المأمول منه ولموقعه من الأمة هذا الموقع الذي لم تستطع أي جامعة إسلامية(أو جماعة دينية ) أن تحل محله منذ بدأ وحتى الآن، ورغم تراجع دوره في بعض المراحل التاريخية ،إلا أن العناصر المكونة له وتاريخه ومعاركه ورصيده الحضاري هي التي جعلت الأمة تتعلق به كلما جد جديد وحلت أزمة أو كارثة بالأمة .
فالأزهر الذي انشأ عام 359هـ/ 970م، وافتتح فى العام 393هـ/974م ، كان وحيد الدهور وفريد العصور ومن يومها والى الآن لم يسكن ولم يخلد إلى الراحة أو الدعة وكان دائما طليعة الأمة فى كل المواقف سواء فيما يتعلق بالعلم الشرعي من فقه وتفسير وحديث ، أو أعمال عقلية من فلسفة ومنطق واجتماع … أو ثورات واحتجاجات ومقاومة مستعمر ومستبد.
لقد كانت الحقبة الناصرية-علي سبيل المثال- بمعاركها القومية ومواجهاتها الجذرية مع جماعات الارهاب الاخواني بفكرها الشاذ ؛ واحدة من أخصب الفترات التي عاشها الأزهر نظرا لتداخل رؤيته الجامعة والموحدة مع أهداف الثورة ، فالدوائر التي كان يتحدث عنها ناصر هي نفس الدوائر التي ينشط خلالها الأزهر لنشر رسالته ، فإذا كانت الثورة ترى أهمية الدوائر الثلاث العربية والأفريقية والإسلامية ، فان الأزهر له نفس الدوائر باعتباره الجامعة الكبرى المصرية موقعا ، العربية لسانا ، الإسلامية دينا ،الإنسانية هدفا ورسالة ،فالأزهر هو الجامعة التي سمت وتجاوزت فوق اللون والجنس والموطن القطري ، وأشاعت جوا من الإخاء الانسانى وأساتذتها هم من علموا أهل كل الأقطار والأمصار فبذلك حققت كل شروط الحرية والالتزام الجامع .
وقبل عبد الناصر فإن نظر القادة والعلماء الثقاة للازهر أنه ليس مبني أو مسجد للصلاة وفقط ولكنه قيمة دينية وعلمية وثقافية في مواجهة الشرك بالله ومساندة جماعات الغلو (مثل الاخوان في زمن فتنتهم بعد ثورة يوليو 1952 ويناير2011)وظل الازهر بمثابة الناقوس الذي ينبه الحاكم ويرشد الجمهور إلي الصواب ويشعل الروح الوطنية في نفوس أبناء مصر والعالم الإسلامي علي مر التاريخ ولا نريد أن نسرد التاريخ النضالي للأزهر في صد المغول والتتار والصلبيين والموقف البطولي المنطلق من داخله لثورة القاهرة الأولي وثورة القاهرة الثانية ضد الغزو الفرنسي في نهاية ا لقرن السابع عشر بالإضافة إلي النداء الشهير في الإعتداء الثلاثي علي مصر ” هنحارب .. هنحارب مش هنسلم ” من قبل إنجلترا وفرنسا وإسرائيل عام 1956 م وما زال الأزهر حتي اليوم (2021)يشهد ذات الدور وبخاصة في مواجهة الدواعش الجدد الذي خربوا سوريا وليبيا والعراق بتمويل اجهزة مخابرات غربية واقليمية معروفة .
ولم يقف الأزهر هذا الموقف من خلال إندفاع عاطفي أو غيرة دينية ولكن من موقف عقائدي واعي ، متصدياً لأي خروج عن الإسلام ، وإذا كان الإسلام يعني الحرية والعدل والمساواة والرحمة والتضامن الإجتماعي والتكافل الإجتماعي وهذه أساسيات الإسلام ، فأن الأزهر بدوره من خلال المؤسسات التابعة له ومن خلال شيوخا العلماء أستوعبها تماماً وترجمها لسياسات ومواقف ،صحيح ليست هي الكمال وصيحيح هناك نقد ونقص هنا أو هناك ..ولكن بلاشك كان الازهر هو الحارس الواعي عليها وعلي قيمها العليا خاصة بعد فتنة الاخوان وادواعش
إن الحديث اليوم عن الدورالحضاري للأزهر في نشر وتعميم ثقافة الحوار والتسامح التي حاربها الاخوان الدواعش ، تعد قيمة مهمة يعمل الازهر عليها باعتباره بما يملك من رصيد تراثي وحضاري وغلبة ثقافة الحوار عليه فانه مؤهل دون غيره فى الإطلاع بدور الوسيط الحضاري بين الحضارات المختلفة للقضاء على فكرة العنف الديني ووصم ” المسلم ” دائما ومن خلال ثبات الصورة الذهنية التي تختزل دائما الإسلام بـ ” جماعات الإسلام السياسي الداعشي ” وبأن الإسلام دين عنف .
إن التقدم بالحوار يقتضى استحضار الثوابت التي يكون منها الانطلاق والبدء ، ونصب أعيننا هو تعزيز وتحقيق المشروع العام للأمة ، وهذا يتطلب أن يأخذ الحوار مكانته اللائقة به فى مناهج تربية الأجيال وتعليمها احتراما وممارسة ، فى البيت والمدرسة والمجتمع ،ويمكن أن نرى حقيقة الأزهر الحوارية من زاوية أن الأزهر كمؤسسة لم تنشأ ليكون جهة إعلامية أو فى خدمة احد ، حيث أن الفاطميين انشأوا الأزهر ليكون مؤسسة دينية وعلمية إسلامية وفقط، مؤسسة لكل مذاهب أهل الإسلام تتجادل فيه وتتناقش فيه وهذا هو الدور الذي حمله الأزهر وبشر به بين المسلمين ، فالأزهر الشريف هو المؤسسة العلمية التعليمية الدعوية الوحيدة فى عالمنا العربي والإسلامي التي لا تحمل ولا تتبنى مذهبا عقائديا أو فقهيا ، فالأزهر هو المؤسسة الوحيد تقريبا القادرة اليوم على الدخول فى حوار حضاري أو الدعوة للحوار الحضاري بين أصحاب الحضارات المختلفة والديانات المتعددة ، وان الأزهر حين يقود الأمة فانه ودون نقاش قادر على جمع الكلمة وتحقيق مشروع امتنا الحضاري الذي يلتقي عليه الكافة من مختلف الثقافات والتيارات ليسهموا فى عمران عالمنا ، بمنهج وسطي قويم وهو ما رفضه الاخوان الدواعش منذ ثورة يناير 2011 ولايزالون يرفضونه ويريدون أن يكون الازهر مطية لفكرهم الداعشي التكفيري فقط وليس مؤسسة لحورات الامة بكل مذاهبها واتجاهاتها وهذا سبب اخر اساسي في كراهيتهم للازهر الشريف خاصة في أيامنا تلك
وللتاكيد علي ذلك فإن التاريخ يحدثنا بأن أهمية الأزهر تكمن فى شخصيته كما تكمن فى جغرافيته ، فقد استوعب المصريين الإسلام منذ البدء وأهدي حاكمهم إلى النبي بعض من الهدايا ،وكان المصريين ممكن أعانوا المدينة على الخروج من المجاعة فى عهد عمر بن الخطاب ،وهم أيضا الثوار فى وجه مروان بن الحكم الذي استبد بالأمر فى عهد عثمان وكانوا هم المحتفين بمحمد بن أبى بكر وضمن جند على بن أبى طالب ، ومصر هي ارض التوحيد الأولى بما تحفظه الذاكرة المصرية من تراكم وخبرات حضارية ، فالأزهر وجد فى القاهرة المعزية (مصر)،وفى مصر الأزهر مقامات الأولياء والقديسين على اختلافهم شكلا واتفاقهم روحا ،والدعاة الصالحين من المسلمين ممن ضاقت بهم الأصقاع ورحب بهم الأزهر فى مصر .
ولان الأزهر، تاريخا وتكوينا وممارسة ، عمل وبناء وتكوين بشرى ، بينما مكة والمدينة ، عمل الهي وبناء روحي ، فالأزهر هو المكان الذي تتمثل فيه فرق الإسلام كلها . فمن الفرق السنية الحنفية والمالكية والشافعية والأحناف والظاهرية والاباضية ، إلى فرق الشيعة الاثنا عشرية والإسماعيلية والفاطمية والعلوية والدروز وإخوان الصفا والبهرة ، يصاحب ذلك تمثيل جغرافي لكل الدول الإسلامية من خلال الدارسين والأساتذة والمتحاورين والمؤتمرين بالأزهر.
ومن هنا ومما سبق ندرك أن شخصية الأزهر وجغرافيته تجعل منه الجامع الموحد للعرب والمسلمين وهو عين ما يكره الاخوان الدواعش في الازهر لانهم يريدونه علي مقاس شذوذهم الديني والدنيوي، يريدونه أداة لمطامعهم ومشروعهم التكفيري ،ولكن تاريخ وعطاء وبنية الازهر الوسطية تأبي ذلك وستظل تأبي ذلك لانه (كعبة الوسطية) الاسلامية والاسلام الصحيح ..والتاريخ يحدثنا ويحسم :أن الكعبة تزار (لاتزور)ويلف حولها العباد و بداخلها يخشون ويعبدون فيها الله وحده ولا يعبدون ،اصنام الزمن الحديث ؛الاخوان –القاعدة – داعش ومن لف لفهم. والله أعلم
د. رفعت سيد أحمد
مجلة المصور 5 / 5 / 2021م