ما يقال عن سوريا منذ عام ٢٠١١م لم يتغير حتى تنتهي هذه الأزمة وتحرر كامل الأراضي السورية من يد الإرهاب، فالمؤمنون بحق سوريا المشروع في إنهاء أزمتها وفرض سيادتها بالأدوات والمعالجات الكفيلة ببقاء الدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار في كافة ربوع الوطن ماضون في تأييد الدولة السورية، سواء من السوريين أو العرب أو بقية الأطراف الدولية الأخرى، أما المتحدثون بخلاف ذلك فهم إما أنهم يؤازرون الحل الخارجي في إسقاط الدولة أو أنهم ما زالوا يعتقدون بجدوى الحلول الوهمية في منح المعارضة المسلحة والموجَّهة من قبل الخارج الحق في تحقيق مشروع الفوضى وتفتيت الدولة، وهما رأيان لا يمكن أن يلتقيا، لكن الأهم في ذلك أن سوريا الدولة مضت منذ ٢٠١١م وما زالت ماضية في تحقيق نجاحات تسجل لها في معالجة الأزمة وقد تحقق بالفعل تحرير أكثر من ٨٥% من أراضي الدولة، وقدمت سوريا الدولة والشعب مزيدا من التضحيات في سبيل عودة الهدوء والحياة الطبيعية، وكان ذلك بديلا من تركها دولة فاشلة في المستقبل تتقاذفها قوى الداخل والخارج، ويعيث فيها الصهاينة الدمار والخراب، وقد أدرك الشعب السوري هذه الحقيقة مبكرا، وكان مستعدا لدفع تكاليف تلك المشاريع الخارجية الناقمة على سوريا منذ قرارات المجلس الاقتصادي العربي في بداية الأزمة وحتى قانون قيصر. كل ذلك وغيره من الضغط الخارجي الممنهج على سوريا لم يفت في عضد أبناء سوريا ومضت سوريا بعزيمة أبنائها واثقة من نفسها مؤمنة بتحقيق الانتصار على المؤامرة الكبرى، فوظفت كل خطوط التأثير ومراكز الثقل الوطنية في تحقيق مشروع الانتصار، فكانت أمام خيار واحد وهو الانتصار، كما أعلنت القيادة السورية ذلك في أكثر من مناسبة. واليوم تتجلى سوريا أكثر فأكثر مع كل محطة انتصار تسجله الدولة بدءا من تجاوز محاولات الإدانة الدولية المتكررة والاتهامات المستمرة والدسائس التي حيكت لها، مرورا بمحاولات الإرهاب لضرب الدولة في مواطن خطرة وصولا إلى محاولة فرض التدخل الخارجي وفقا للبند السابع والتي لم تستطع الأطراف الدولية تحقيقه، ما يؤكد قدرة الدولة على توظيف عناصر قوتها وتحالفاتها مع قوى المقاومة المتخندقة معها وضمائر الشعوب الحرة المتعاطفة معها. ولم يتوقف الضغط الخارجي وتمويل وإسناد الإرهاب بمختلف الأسلحة القتالية حتى المحرمة منها، ولكن الدولة السورية بمختلف عناصرها كانت مؤمنة بالانتصار وكنا معها في هذا الخيار منذ بداية الأزمة، ونفخر بما تحقق على الأرض السورية رغم حجم التكلفة التي قدمتها سوريا، ولكن هذا ما أراد المتآمرون تحقيقه من الدمار، وما زال بعضهم يردد بسذاجة متعمدة أن الاستجابة كانت تقتضي التجاوب مع مشروع الفوضى الهدامة بتسليم السلطة في أحلك ظروف الأزمة والانسحاب من مواجهة تلك المؤامرة، وهذا عشم إبليس في الجنة.
اليوم سوريا تحقق انتصارا جديدا بتسيير الانتخابات السورية بنجاح رغم الأصوات الدولية التي حاولت التدخل في الانتخابات قبل شهر من الآن عبر مجلس الأمن بالتأكيد على عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات السورية ضمن حملة ضغط مستمرة لم تتوقف، ولم يكن ذلك بجديد ضمن حلقات الضغط على سوريا، ولكنهم سيأتون لاحقا للاعتراف بسوتشي وأستانة ومتشابهاتهما في تخبط واضح يراد منه استثمار المواقف للضغط على سوريا في كل محطة، لكن الواقع يؤكد أن سوريا في كل محطة تخرج كطائر الفينيق محلقا في السماء يحتفي بالبقاء والصمود والنجاح رغم الحطام والنار، وهكذا ستظل سوريا تعبِّر عن ديمومتها الوطنية تسير من نجاح إلى آخر في طريق اقتربت نهايته بإذن الله.
سوريا تقدم نفسها اليوم في انتخاباتها الرئاسية التي تمثل شأنًا سوريًّا لا يحق لأي طرف كان التدخل فيه، ولن يسمح بحرف اتجاهاته وذلك وفقا للدستور السوري لعام ٢٠١٢م ولائحة تنظيم الانتخابات المعتمدة في دمشق، ولا يتعارض مع القرار ٢٢٥٤ ضمن سيادة الدولة السورية، ويتنافس في هذه الانتخابات لعام ٢٠٢١م ثلاثة مرشحين هم الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية، إضافة إلى وزير الدولة السابق البرلماني عبدالله سلوم عبدالله، والسياسي الحقوقي المعارض الأستاذ محمود مرعي، وقد جرت الانتخابات السورية في الخارج بتاريخ ٢٠ مايو، واستكملت في الداخل اليوم الأربعاء ٢٦ مايو لتنتقل سوريا بعدها إلى مرحلة جديدة في طريق المستقبل الوطني. ورغم تأففات معارضة الخارج المتوازية مع التصريحات والمواقف المناوئة لسوريا التي لم تتوقف، إلا أن الزمن كفيل بعودة هؤلاء إلى سوريا لممارسة حياتهم الطبيعية بعد انجلاء غبار الأزمة وتحقيق الانتصار، وهو الوعد الوطني الذي قطعته سوريا على نفسها وسيتحقق ذلك بعون الله.
اليوم تنتقل سوريا من نجاح إلى نجاح وطني رغم محاولة البعض التقليل منه، لكن الواقع يفرض نفسه على الجميع، وهنا فإن الرموز السورية التي قدر لها الدفاع والصمود على أسوار سوريا هي نفسها اليوم تواصل مشروعها في حماية الدولة وتأمين مستقبلها للخروج من هذه الأزمة، لذا حق لهذه الرموز الوطنية في الدولة السورية الفخر، فقد كان عليها دفع تكاليف باهظة من أجل بقاء سوريا وإفشال مشروع الفوضى الهدامة، فتحية عربية من هذا المنبر الحر نرفعها للقيادة والحكومة السورية والجيش العربي السوري والشعب السوري العظيم الذي يرسم إحدى ملاحمه اليوم في الانتخابات الرئاسية، لتظل سوريا منيعة عصية تسجل انتصاراتها كما عهدناها سوريا قلب العروبة النابض وقلعتها الحصينة، على أمل أن يعقب هذه الانتخابات نجاحات متقدمة أخرى على صعيد الاندماج في المحيط العربي، والسيطرة على كامل التراب الوطني، والاحتفاء في دمشق الفيحاء بإعلان النصر النهائي بعون الله.
خميس بن عبيد القطيطي