دار حوار بيني وبين مُستثمر أجنبي اختار السلطنة كبلد لتعظيم استثماراته، هذا المُستثمر قدم إلى عُمان قبل سنتين وجائحة كورونا تفتك بالاستثمارات والتجارة وحركة رؤوس الأموال، ورغم هذه الظروف إلا أن المستثمر الأجنبي استطاع أن يجلب استثمارات للسلطنة ويفتح وكالة لبيع سيارات دخلت السوق العُماني لأول مرة.
سألته عن اختياره للسلطنة فقال بلادكم من الدول التي حازت على قدر عالٍ من مناسيب الأمن والأمان الاقتصاديين، وتعتبر من البلدان التي يحلم كل مستثمر أجنبي أن تطأ أرجله أرضها الجميلة بطيبة وكرم أبنائها وهذه السمعة الطيبة مشجعة لأي مستثمر أن يتوجه إلى بلادكم. لكن- والكلام للمستثمر- هناك تعقيدات تواجه المُستثمر خاصة تلك المتعلقة بفتح الحساب المصرفي والإقامة؛ فمثلاً أنا هنا مستثمر إقامتي سارية المفعول لمدة سنة ويعمل لدي موظف وتعطى له إقامة لمدة سنتين فهذه القوانين في نظري غير مُشجعة؛ فلا بُد من إعطاء المستثمر الأجنبي الحوافز، خاصة إذا كان جادًا وله الرغبة في الاستثمار.
ويضيف المستثمر أن سلطنة عُمان لديها كل المقومات لكي تسحب البساط من الدول الأخرى؛ لأن عمان باختصار يتوفر فيها الأمان والاستقرار، وهذه الميزة المهمة محفزة ولكنها لا تكفي، فكما يُقال عندنا بلغة رجال الأعمال إن “رأس المال جبان”، وهذا يعني أنه إذا لم يجد هذا المال الرعاية والتشجيع، فقد يهرب أو لا يأتي، ولابُد من قوانين محفزة لاستقرار المال. فالمستثمر يواجهه عدد من التحديات ولابُد أن تزاح أمامه فمثلاً تجد الصعوبات في فتح الحساب المصرفي واستخراج مأذونيات العمل. ويضيف المستثمر قائلاً إن فتح المجال للاستثمارات العالمية هو الطريق السليم لتحقيق الشراكة الحقيقية؛ فهناك طابور طويل من المستثمرين ينتظرون أن تفتح لهم المجال لدخول السلطنة ولا بُد أن تختار السلطنة- وهذا من حقها- المستثمر الجاد الذي يستطيع أن يضيف قيمة حقيقية، ويساهم في دفع عجلة التنمية، ويأتي بالاستثمارات الضخمة التي تفتح المجال لتوظيف المئات من أبناء الوطن، فالسلطنة تعد من البلدان التي حازت على تصنيفات مشرّفة، تسمح لها بأن تكون مناخاً جديراً بالثقة استثمارياً، وهذا بشهادات تصنيفية عالمية المستوى، موثوقة المقاييس، مما يجعلنا نتساءل على المستوى المحلي: ما الذي يمنع من أن تتحول سلطنة عُمان إلى دولة شغوفة بالجذب الاستثماري الأجنبي الهادف.
أعتقد الإجابة على هذا السؤال الذي يطرحه هذا المستثمر الذي فضّل عُمان عن غيرها من الدول، تتمثل في توحيد القرارات من قبل الجهات المعنية، وبخاصة الحكومية وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وشرطة عُمان السلطانية وجهاز الاستثمار العماني ووزارة الخارجية ممثلة بسفارات السلطنة المنتشرة في الخارج، التي يمكنها أن تمهّد الطريق، بشكل صحيح للمستثمر الأجنبي سواء من الناحية القانونية، أو الاستثمارية، أو الإجرائية، بما يتسق مع التوجهات التي تصبّ في صالح إنعاش الحراك الاقتصادي العُماني، عبر تفعيل ما لم يُفعّل من قبل، أو اقتراح مساحات استثمارية تتناسب مع المرحلة الحالية، أو ابتكار طرق إجرائية حديثة، تتناسب مع كم ونوع الاستثمار المطلوب جذبه على مدار خطة تنموية أو خطة سنوية.
لذا نجد أنه من الضروري تمهيد الطريق للاستثمارات العالمية لتجد موطئ قدم حقيقي فبدلاً من الاكتفاء بالنظر إلى هذه الاستثمارات، ونرى أن الضرورة تقتضي النظر بعين المنطق إلى منجز السلطنة في تصنيفها العالمي، واستثمار تلك التصنيفات لجذب تلك الأموال أو جزء منها على أقل تقدير، والتعامل معها على أنَّ السلطنة البيئة المناسبة طويلة الأمد، ما دام المناخ آمناً ومطمئناً في مختلف السياقات التي تحمي المال القادم للاستثمار فيها.
لذلك نأمل في القريب العاجل أن نرى التفاتة جادة ومرنة، صيغة توافقية مع المستقبل، تتخذ من الموقف التصنيفي العالمي للسلطنة نقطة ارتكاز لما ينبغي صنعه حول جذب الأموال والاستثمارات الدولية، وفتح الأبواب لها بشكل جديد ومختلف، وبذلك حتماً ستكون السلطنة البيئة الجاذبة للعديد من الاستثمارات الجادة والتي بدورها سترفد الاقتصاد الوطني بعناصر النمو اللازمة.
حمود بن علي الطوقي