واشنطن- مع قرب انتهاء عمليات الإجلاء من مطار كابل في أفغانستان، والتي شملت نحو 120 ألف شخص من أفغانستان منذ 14 أغسطس/آب الجاري، ألقى الكثير من أعضاء الكونغرس باللوم على وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” لما وصفوه بتخليهما عن آلاف الأفغان.
وسواء حدث ذلك بسبب ما يصفه هؤلاء بسوء وبطء التخطيط لعمليات الإجلاء، أو اعتماد واشنطن على وعود حركة طالبان بتسهيل نقل الأفغان المتعاونين إلى خارج البلاد بعد انقضاء مهلة 31 أغسطس/آب الجاري، فإن الغضب يتزايد في واشنطن بشأن مصير هذا العدد الكبير من الأفغان الذين لم يجدوا سبيلا للمغادرة رغم الوعود الأميركية.
ولم يقتصر الغضب على البنتاغون والاستخبارات، فقد نال الرئيس جو بايدن نصيبا وافرا من انتقاد أعضاء سابقين عسكريين ممن خدموا في أفغانستان.
واتهم هؤلاء الأعضاء بايدن بالتخلي عن شركاء في حرب شاركوا بها ودفع فيها زملاء لهم حياتهم ثمنا لخدمة مصالح وطنهم.
ولم يُطمئن البيان الصحفي الذي صدر أمس الأحد عن وزارة الخارجية الأميركية، وأشارت فيه إلى تعهد حركة طالبان بضمان تمكين جميع مواطني الدول الأجنبية، أو أي من الأفغان الذين عملوا معها، من السفر لخارج أفغانستان، مخاوف الكثيرين من أعضاء الكونغرس ممن يمتلكهم الغضب بسبب التخلي عن الأفغان الذي عملوا وساعدوا الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين.
وأبرز بيان الخارجية تأكيدات من حركة طالبان أن جميع الرعايا الأجانب، وجميع الأفغان الحاصلين على أذونات سفر سيسمح لهم بمغادرة البلاد بكل حرية.
صدمة مسؤولي الاستخبارات السابقين
وعبر العديد من مسؤولي “سي آي إيه” والبنتاغون السابقين عن صدمتهم من ترك الآلاف من الأفغان، بعدما تم تقديم وعود لهم بإجلائهم خارج أفغانستان.
وقال المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جون برينيان، في حوار مع شبكة “إن بي سي نيوز” (NBC News) إن “ضباط وكالة الاستخبارات المركزية لديهم شعور حقيقي بالالتزام الأخلاقي والشخصي تجاه الأفغان الذين دعموهم ودربوهم”.
من ناحية أخرى، يدافع بعض المسؤولين الديمقراطيين عن قرارات الإدارة الأميركية، ويقولون إن الوضع الهش للقوات الأميركية على الأرض لم يترك لبايدن خيارات جيدة لتمديد وجودها، ولم يكن هناك بديل عن التسريع بالانسحاب”.
وشكك رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي النائب آدم شيف، قبل أسبوع، -بناء على ما سمعه في جلسة مغلقة للجنته مع قادة الأجهزة الاستخباراتية- في إمكانية استكمال إجلاء الأميركيين والمتعاونين من الأفغان في 31 من أغسطس/آب، وبرر شيف ذلك بكثرة أعداد الراغبين في الرحيل من أفغانستان.
من ناحية أخرى، تشير تقارير إخبارية إلى غضب واسع داخل إدارة بايدن من مسؤولي وزارة الخارجية، لعدم تصرفها مبكرا بشأن التعامل مع عمليات فحص طالبي تأشيرات الهجرة الخاصة.
وقال أحد مسؤولي وزارة الأمن الوطني إن نظراءهم في وزارة الخارجية لم يتحركوا في وقت أبكر، لأنهم كانوا مترددين في بدء عملية إجلاء جماعي قبل مغادرة الرئيس الأفغاني، خشية أن يظهر ذلك باعتباره انعداما للثقة في القيادة الأفغانية.
اتساع الغضب في الكونغرس
ولم تسهم زيارة مدير الاستخبارات المركزية وليام بيرنز لكابل ولقائه بزعماء حركة طالبان في الدفع بتمديد وجود القوات الأميركية هناك، وإن ساعد في تسريع عمليات الإجلاء لكن ليس بالقدر الذي يسمح باستكمال إجلاء كل المتعاونين الأفغان.
واعتبر بعض أعضاء الكونغرس أنه وبسب بالفشل في الاستعداد المبكر لعمليات الإجلاء، والفشل في تمديد أمد بقاء القوات الأميركية، لم يكن الوقت كافيا لإجلاء جميع المترجمين والمتعاونين الأفغان وغيرهم ممن ساعدوا الأميركيين خلال 20 عاما.
في حين لم يستبعد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أثناء ظهور له أمس في برنامج “واجه الأمة” (Face the Nation)، محاكمة الرئيس بايدن برلمانيا بسبب سوء إدارته لأزمة الانسحاب من أفغانستان.
“The parade of horribles are about to unfold,” Sen. Lindsey Graham (R-SC) says of Afghanistan. “We’re leaving thousands of Afghan allies behind us. We’re going to leave hundreds of American citizens behind. The chance of another 9/11 just went through the roof.” pic.twitter.com/8pb5Uin9il
— Face The Nation (@FaceTheNation) August 29, 2021
ويبدو أن مسيرة الرجلين المشتركة وزمالتهما لـ20 عاما، لم يشفعا لبايدن عند غراهام، حيث عملا معا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لعقدين من الزمن.
وقال السيناتور بن ساسي، العضو الجمهوري في لجنة الاستخبارات، “اللعنة على الموعد النهائي”. وأضاف أن “الأميركيين يريدون منا البقاء حتى نخرج كل الأميركيين وكذلك حلفائنا”.
وغرد السيناتور معقبا على جهود إجلاء الحلفاء الأفغان والمواطنين الأميركيين بالقول “من الواضح أنه لا توجد خطة، لم تكن هناك خطة، خطتهم كانت في الأساس كلمات سعيدة فقط”.
GOP Sen. Ben Sasse reacts to Sec. of State Blinken’s interview with @MarthaRaddatz on efforts to evacuate Afghan allies and American citizens: “There is clearly no plan. There has been no plan. Their plan has basically been happy talk.” https://t.co/X5tcU51pVd pic.twitter.com/HTPWHDverK
— This Week (@ThisWeekABC) August 29, 2021
كما غرد مايكل والتز، عضو مجلس النواب الجمهوري من ولاية فلوريدا، معلقا على قرب حلول موعد وقف الرحلات الجوية من أفغانستان، قائلا “لقد تخلى الرئيس بايدن عن كل ما كان لدينا في أفغانستان، ويجري مطاردة حلفائنا المحليين”.
Pres. Biden gave away everything we had in Afghanistan & our local allies are being hunted down. All we have left is VP @AmrullahSaleh2, @AhmadMassoud01 & the Panjshir Valley safe zone. Biden must stand with those that stand with America and oppose terrorism. pic.twitter.com/MN8YWitMAX
— Rep. Mike Waltz (@michaelgwaltz) August 28, 2021
وغرد جيم بانكس النائب الجمهوري من ولاية إنديانا، وهو محارب سابق بأفغانستان “لن أنسى أبدا الرجال والنساء الذين خدمت معهم بأفغانستان، ويجب على رئيسنا أن يؤكد لهم أن أمتنا لن تنسى أبدا تضحياتها وتضحيات أسرهم”.
I will never forget the men and women I served along side of in Afghanistan.
Our President must assure them our nation will never forget their sacrifices and those of their families. pic.twitter.com/KssgOfsxKS
— Jim Banks (@RepJimBanks) August 16, 2021
ويضم الكونغرس بين أعضائه البالغ عددهم 535 بمجلسي النواب والشيوخ، 49 عضوا شاركوا في حربي العراق وأفغانستان. ويشعر هؤلاء الأعضاء بغضب مضاعف نتيجة معرفتهم الشخصية بالكثير من المتعاونين الأفغان ممن عملوا لصالح القوات الأميركية.
دفاعا عن الاستخبارات
وفي المقابل، لم يقبل الكثير من مسؤولي الاستخبارات السابقين اتهامات المشرعين الأميركيين؛ فقد غرد جون ماكلافلين، المسؤول السابق في الاستخبارات، والمحاضر حاليا بجامعة جون هوبكنز مدافعا عن سجل ورصد وكالة الاستخبارات المركزية وعملها داخل أفغانستان.
The “intelligence failure” drumbeat is starting. People should be careful about the charge if they have not actually seen/read the intelligence; I have not. I suspect we will learn someday that intell rejected rosy estimates and warned about growing Taliban strength for years.
— john mclaughlin (@jmclaughlinSAIS) August 15, 2021
وقال ماكلافلين “يكرر الكثيرون ويلقون باللوم على الفشل الاستخباراتي فيما حدث في أفغانستان، يجب على الناس أن يكونوا حذرين بشأن توجيه التهمة خاصة أنهم لم يعرفوا من اطلع وقرأ المعلومات الاستخبارية بالفعل، وأنا لم أطلع عليها، لكنني أظن أننا سوف نعلم يوما ما أن استخباراتنا لم تقدم تقديرات وردية للأوضاع، بل حذرت من تزايد قوة طالبان على مدرا السنوات الماضية”.
المزيد من سياسة