تقرير: أمل رجب –
يعزز كفاءة الاستثمارات ويضمن الاستدامة الماليةتحسين بيئة العمل عبر تقريب المزايا التقاعدية، وتحقيق الاستغلال الأمثل للكفاءات والموارد والأصول
ينص المرسوم السلطاني (٣٣/٢٠٢١) على إنشاء صندوقين هما «صندوق الحماية الاجتماعية» والثاني «صندوق تقاعد الأجهزة العسكرية والأمنية»
خلال 12 شهرا من صدور المرسوم تتولى اللجنة المشكلة الإشراف على وضع ضوابط وإجراءات إعادة هيكلة أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية وإعداد مشروعي نظامي الصندوقين وإعداد مشروع قانون الحماية الاجتماعية
تشهد منظومة الحماية الاجتماعية في السلطنة تطورات مهمة تستهدف مزيدا من تطوير شبكات الحماية الاجتماعية وبناء منظومة شاملة ومتكاملة للحماية الاجتماعية تكون مظلة مستدامة لخدمات وبرامج وشبكات الأمان الاجتماعي الحالية والمستقبلية، وتضع الرؤية المستقبلية عمان 2040 هدف تحقيق الرفاه والحماية الاجتماعية ضمن أهم الأولويات الوطنية حيث إن تماسك المجتمعات وقوتها، وتحقيق السلم المجتمعي يتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية بالمحافظة على استدامة خدمات الرفاه الاجتماعي وجودتها، كالخدمات الصحية والتعليمية، وتوفير شبكات الأمان الاجتماعي التي توفر استدامة سبل العيش الكريم للأجيال الحالية والقادمة على حد سواء، وضمن أولوية الرفاه والحماية الاجتماعية تستهدف الرؤية المستقبلية مجتمعا مغطى تأمينيا بشبكة أمان اجتماعية فاعلة ومستدامة وعادلة، والوصول للشراكة الفاعلة بين القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني في مجالات التنمية الاجتماعية، وإيجاد مجتمع واعٍ متماسك ممكن اجتماعيا واقتصاديا، خاصة المرأة والطفل والشباب وذوي الإعاقة والفئات الأكثر احتياجا، ومجتمع مدني ممكن ومشارك بفاعلية في التنمية المستدامة وإطار تنظيمي فاعل ومحفز لعمل مؤسساته، وخدمات وبرامج اجتماعية متطورة ملبية لاحتياجات المجتمع، وبيئة وأنظمة محفزة لرياضة مساهمة اقتصاديا ومنافسة عالميا، وحماية اجتماعية متكاملة موجهة للفئات الأكثر احتياجا، لتمكينها من الاعتماد على الذات والمساهمة في الاقتصاد الوطني. وفي إطار تحقيق طموحات الرؤية المستقبلية، تعتبر صناديق التقاعد من أهم مكونات منظومة الحماية الاجتماعية وتسعى السلطنة لضمان استدامة هذه الصناديق عبر دمجها في صندوقين وفق المرسوم السلطاني رقم (٣٣/٢٠٢١) الذي صدر في أبريل الماضي في شأن أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية، وينص المرسوم على دمج عدة صناديق تقاعد في صندوقين الأول هو «صندوق الحماية الاجتماعية» والثاني هو صندوق تقاعد الأجهزة العسكرية والأمنية، ويتمتع كلا الصندوقين بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ويتبعان مجلس الوزراء ويصدر نظامهما بمرسومين سلطانيين، كما تتولى اللجنة المشكلة بقرار من مجلس الوزراء الإشراف على وضع الضوابط اللازمة واستكمال كافة الإجراءات المتعلقة بأيلولة مهام واختصاصات وأصول وحقوق والتزامات وموجودات والذمم المالية للصناديق قيد الاندماج، ووضع ضوابط وإجراءات إعادة هيكلة أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية وإعداد مشروعي نظامي الصندوقين وإعداد مشروع قانون الحماية الاجتماعية الذي يتضمن النظم التقاعدية الواجب تطبيقها على كافة الموظفين والعاملين والأحكام ذات الصلة بمنظومة الحماية الاجتماعية وذلك خلال اثني عشر شهرًا من تاريخ صدور هذا المرسوم.
ويأتي دمج صناديق التقاعد في السلطنة في سياق السعي الحثيث للتمهيد لانطلاقة ناجحة نحو تحقيق تطلعات وطموحات الرؤية المستقبلية عبر إجراءات منها إعادة الهيكلة الشاملة للجهاز الإداري للدولة وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤية السلطنة وأهدافها، كما تم توحيد الاستثمارات الحكومية تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني بهدف رفع كفاءتها وزيادة مساهمتها في رفد العائدات العامة والتنويع الاقتصادي وتوليد فرص العمل.
ويكتسب دمج صناديق التقاعد أهمية كبيرة على عديد من المستويات فهو خطوة إيجابية تستهدف إيجاد نظام حماية اجتماعية يدعم التكافل والعدالة بين الأجيال ويضمن الاستدامة المالية للصناديق، ويساعد في خلق كيانات قوية من الجانبين الإداري والاستثماري يكون لديها القدرة على مساهمة أكبر في التنويع الاقتصادي وخدمة أهداف التنمية المستدامة خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه أنظمة التقاعد في مختلف أنحاء العالم بسبب المتغيرات الديموغرافية وارتفاع متوسط عمر البشر، وهي متغيرات أدت إلى زيادة الالتزامات الحالية والمستقبلية لدى مؤسسات وصناديق التقاعد وتتزايد أهمية الاستعداد لمواجهة هذه التحديات خاصة أن المستجدات العالمية والمحلية تفرض واقع جديد بشكل مستمر في بيئة الاقتصاد وفي سوق العمل، وهو ما يتطلب مواكبة من قبل صناديق الاستثمار ومؤسسات التقاعد للتعامل مع كافة المستجدات والمتغيرات التي تشهدها السلطنة وكذلك العالم، كما يعمل دمج الصناديق على تعزيز كفاءة الاستثمارات لتحقيق عوائد أعلى، والاستغلال الأمثل للكفاءات البشرية والموارد والأصول المتاحة، وتوسيع قاعدة المشتركين والاستعانة بالكفاءات العمانية لتطوير وجمع ودمج البيانات وإيجاد قواعد بيانات حديثة ضمن نظام مركزي موحد يضم بيانات العاملين والمتقاعدين.
من جانب آخر، يحقق دمج صناديق التقاعد واحدا من أهم الأهداف هو المساهمة في تحسين بيئة العمل عبر تقريب المزايا التقاعدية بين مختلف الجهات، وتعتبر زيادة مساهمة قطاعات التنويع الاقتصادي في النمو الاقتصادي وخفض الاعتماد على قطاع النفط والغاز واحدة من أولويات السياسات الاقتصادية لتحقيق أهداف متعددة منها خلق المزيد من فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الشراكة الفاعلة بين القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني في مجالات التنمية الاجتماعية، وتشجع التوجهات الاقتصادية على توليد فرص العمل الجديدة في القطاع الخاص والتركيز على الإحلال والتعمين في الوظائف المجدية للشباب العماني، وفي الوقت نفسه تشهد السلطنة توسعا في منظومة ريادة الأعمال وإنشاء الشركات الناشئة التي تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتلبية تطلعات الشباب، وفي هذا النطاق الخاص بسوق العمل تعد الحماية الاجتماعية واحدة من أهم الضمانات التي يسعى إليها المواطن عند تحديد خياره في العمل، ومن أجل بيئة عمل جاذبة ومرضية للمواطن تم خلال الفترة الماضية إنجاز خطوات مهمة منها نظام مد الحماية الاجتماعية للعمانيين العاملين في دول المجلس، ونظام التأمين على العاملين لحسابهم الخاص وتوسيع مظلة الحماية لتشمل رواد الأعمال، كما تم خلال العام الماضي إعلان نظام الأمان الوظيفي في إطار توسيع منظومة الحماية الاجتماعية والتعامل مع التطورات التي يمكن أن تؤثر على سوق العمل وعلى الأوضاع المعيشية للمواطن، ويعد نظام الأمان الوظيفي مشروعا وطنيا مبنيا على أساس التكافل الاجتماعي تقوم فكرته على توفير الحماية الاجتماعية للعمانيين المنهية خدماتهم من العمل لأسباب خارجة عن إرادتهم، بحيث يعمل النظام على مساعدتهم في تأمين مستلزماتهم الأساسية في المرحلة الانتقالية وذلك بتوفير دخل يكفل مستوى لائق من العيش الكريم لهم ولأسرهم.
ويذكر أن الحماية الاجتماعية هي جملة من الإجراءات والسياسات والبرامج المعنية بالمجتمع والمهتمة برفاهية الإنسان للحد من الفقر عبر تعزيز كفاءة العمل ودفع المواطنين نحو استغلال قدراتهم وكفاءاتهم وإدارة المخاطر التي قد يتعرضون لها، كما أنها تعتبر قيمة من قيم التضامن المؤثرة في بناء الوطن المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف وحضارتنا الوطنية والمواثيق الدولية، لذلك فهي مرتبة عليا من مراتب التكافل الاجتماعي، وهي بمثابة صمام الأمان الذي يهدف إلى إيجاد نوع من الطمأنينة لأفراد المجتمع على مستقبلهم وحاضرهم، وعلى النطاق العالمي تتعدد مجالات الحماية الاجتماعية لتشمل الخدمات العلاجية وخدمات الصحة، ومنح المرض أو العجز عن العمل، ومنافع الشيخوخة، والتغطية ضد حوادث العمل والأمراض المهنية، والمنافع العائلية، ومنافع الأمومة، والمنح للباحثين عن العمل ومنافع المتبقين على قيد الحياة (المستحقين /الورثة).