تشديد على عدم دخول المؤسسات إلا للمطعمين
الجائحة تنحسر والحياة تعود لطبيعتها مع الالتزام بالاشتراطات
«دلتا» الأكثر شراسة ـ ويوليو الأكبر في الوفيات بـ 812 حالة
تدابير شاملة وقرارات رافقت انتشار الجائحة وصولا إلى التعافي
كتب- سهيل بن ناصر النهدي –
عاد الموظفون بجميع القطاعات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص أمس إلى مقار عملهم بنسبة 100%، وسط تشديد على شرط مبدأ التطعيم باللقاح المضاد لفيروس كورونا كوفيد-19، للسماح بدخول جميع الوحدات الحكومية ومنشآت القطاع الخاص، حيث طبقت إجراءات التأكد من تلقي كل شخص للتحصين وعدم السماح بدخول من لم يثبت ذلك، كما بدأت المنافذ البرية والبحرية والجوية عملها باستقبال القادمين للسلطنة بشرط تلقي جرعتين من أحد اللقاحات المعتمدة في السلطنة.
وتأتي هذه الخطوات التدريجية نحو التعافي وعودة الحياة إلى طبيعتها، وسط استمرار تراجع مؤشرات وباء كورونا، حيث سجلت وزارة الصحة أمس 4 وفيات ليصل إجمالي الوفيات بالسلطنة إلى 4068 حالة وفاة بمرض كورونا، كما تم تسجيل 93 إصابة جديدة ليبلغ إجمالي الإصابات 302393، وبلغت نسبة التعافي 96.6% بعد تسجيل 134 حالة تعاف جديدة ووصول إجمالي المتعافين إلى 292038 حالة.
وبينت الإحصائية اليومية الصادرة من وزارة الصحة أن عدد الحالات المنومة خلال 24 ساعة الماضية بلغ 13 حالة، فيما بلغ إجمالي الحالات المنومة في العناية المركزة 52 حالة ليصل إجمالي الحالات المنومة في المؤسسات الصحية 107 حالات.
من جانبها بدأت مطارات عمان استقبال زوار السلطنة من جميع دول العالم بعد توقف لمدة طويلة حيث عادت العمليات التشغيلية إلى سابق نشاطها ومنح الضوء الأخضر أمام كبرى شركات الطيران العالمية لمزاولة نشاطاتها في تسيير رحلاتها المحلية والدولية عبر مطارات السلطنة بعد القيود التي فرضتها جائحة كورونا على مطارات السلطنة كليّا وجزئيا لما يقارب العام والنصف بسبب الإجراءات الاحترازية الوطنية للحد من انتشار فيروس كورونا ١٩ وما تلاه من أنواع مستجدة.
وتدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ وسط تفاؤل بعودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي مع مواصلة الالتزام بالتطعيم والإجراءات الاحترازية المتمثلة في تلقي اللقاح ولبس الكمامات والتباعد وعدم إقامة التجمعات.
وقد تحققت هذه المكاسب في العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل تدريجي بعد جهود متواصلة بذلت منذ بداية الجائحة قبل أكثر من عام ونصف، حيث تنبهت السلطنة ممثلة بوزارة الصحة إلى سرعة انتشار الفيروس على المستوى العالمي وانتقال العدوى من بلد إلى آخر، وعلى ضوء التواصل المستمر بين وزارة الصحة والعديد من المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالصحة، اتخذت الوزارة العديد من الإجراءات للتعرف بدقة على هذا الفيروس وطرق انتقاله وكيفية التعامل معه.
ومع تعاظم المخاوف العالمية من انتشار المرض بدأت الكثير من دول العالم اتخاذ إجراءاتها الوقائية لفحص القادمين عبر المطارات، حيث قامت وزارة الصحة بإجراءات الفحوصات للقادمين منذ بداية انتشار الجائحة ووقف الرحلات الجوية والبرية والبحرية القادمة من بعض الدول الموبوءة، وتجنب السفر إلى عدد من الدول.
وفي شهر فبراير من العام الماضي 2020 م سجلت السلطنة أول حالتين مصابتين بفيروس كورونا لمواطنتين قادمتين من الجمهورية الإيرانية، وعلى إثر ذلك ضاعفت وزارة الصحة إجراءاتها الاحترازية وكثفت من استعدادها لبدء دخول الوباء للسلطنة وكيفية التعامل مع انتشاره.
وقد سخرت السلطنة جميع الإمكانيات للتعامل مع الجائحة بالشكل المناسب ووفق المؤشرات وحسب تطور وانتشار الوباء، ولرفع مستوى الاستعداد والتعامل فقد تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأسدى الأوامر السامية بتشكل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، مشكلة من عدد من الجهات المدنية والعسكرية لتتعامل مع تطورات الوباء ومستجدات الوضع بشكل دائم، حيث تواصل اللجنة حالة انعقادها الدائم منذ تشكيلها.
ذروة الوفيات
وعلى الرغم من أن جائحة كورونا مرت بعدد من المراحل وقوة الانتشار وعدد الإصابات والوفيات، إلا أن أشهر يوليو ويونيو ومايو تعد الأصعب من ناحية الوفيات والإصابات حيث دخل متحور (دلتا) وهو الأقسى بين المتحورات التي أدت إلى ارتفاع الإصابات والوفيات بالسلطنة، ليبلغ المتحور شراسته في شهر يوليو من العام الجاري حيث سجلت السلطنة 50 حالة وفاة في يوم واحد، والذي وافق الأول من شهر يوليو ، وبلغت الوفيات ذروتها لتسجل 812 حالة في شهر واحد، وشهد شهر يونيو من العام الجاري تسجيل أعلى عدد إصابات جديدة، حيث بلغت ٢٥٢٩ حالة في يوم الحادي والعشرين من الشهر نفسه، كما بلغت الوفيات في الشهر ذاته 492 حالة، فيما بلغت في شهر مايو 378 حالة، حسب ما ذكر المحلل الإحصائي إبراهيم الميمني .
وبالتزامن مع فترة الذروة وصلت نسبة إشغال أسرّة العناية المركزة بمرضى فيروس كورونا المستجد إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل وتجاوزت في كثير من الأحيان نسبة الـ100 % ، وأصبحت تستقبل حالات تفوق طاقتها الاستيعابية وسجل المستشفى السلطاني أعلى عدد لمرضى كورونا في العناية المركزة، بـ 52 حالة على جهاز التنفس الاصطناعي، و6 حالات من دون تنفس اصطناعي، يليه مستشفى خولة بـ 23 حالة على جهاز التنفس الاصطناعي، و5 حالات من دون تنفس اصطناعي في فترة من الفترات.
الإغلاق التام والجزئي
والتزاما بقرارات اللجنة العليا ولكبح جماح الأعداد المتزايدة في الفترة الماضية وأثناء الذروة اتخذت العديد من الإجراءات الوقائية ومن بينها (الإغلاق الجزئي) و(الإغلاق التام) حيث بدأ تطبيق الإغلاق الجزئي الأخير الذي استمر شهرين متتاليين والذي بدأ في الـ ٢٠ من شهر يونيو وانتهى بتاريخ ٢١ أغسطس الماضي، حيث كان الإغلاق من الساعة ٨ مساء إلى ٤ فجرا ، وفي يوم ١٦ ولغاية 29 يوليو الماضي كان الإغلاق من الساعة 5 عصرا ولغاية 4 فجرا، وقد تخللت تلك الفترة ولأول مرة تطبيق (الإغلاق التام) الذي تزامن مع أيام عيد الأضحى المبارك.
وفي التاسع والعشرين من يوليو تم تحديد الإغلاق الجزئي ليبدأ عند الساعة 10 مساء ولغاية 4 فجرا حيث استمر هذا الإجراء لغاية 21 أغسطس والذي انتهى فيه قرار منع الحركة.
وقد بذلت الجهات الأمنية والعسكرية وشرطة عمان السلطانية جهودا كبيرة خلال تلك الفترة لتطبيق الإغلاق، إضافة إلى الجهود التي بذلت من جميع الجهات لتفعيل نقاط السيطرة والتحكم بين المحافظات.
اللقاحات
وبذلت السلطنة ممثلة بوزارة الصحة جهودا كبيرة للحصول على جرعات من اللقاح المضاد لفيروس كورونا في ظل منافسة عالمية على اللقاحات المعتمدة، وركزت وزارة الصحة بشكل جيد على مأمونية اللقاحات، حيث تم تشكيل لجنة خاصة تختص بالتعاقد ومتابعة التنسيق مع الشركات العالمية المصنعة للقاحات، ووصلت أول دفعة من اللقاحات من نوع لقاح ( أكسفورد – أسترازينيكا) المُضاد لفيروس كورونا، وهو عبارة عن لقاح يعطى على جرعتين تفصل بينهما 21 يوما، حيث خصص التحصين في البداية الفئات الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات المرض إضافة إلى العاملين في الخطوط الأمامية والمصابين بالأمراض المزمنة وكبار السن، وتواصلت جهود وزارة الصحة لجلب واستيراد حيث توالت دفعات وصول اللقاحات ووصلت أول دفعة من لقاح -فايزر بيونتيك- عبر مطار مسقط الدولي وبلغت 15 ألفًا و600 جرعة، كما وصلت كمية من لقاح «فايزر – بيونتيك» بكمية بلغت 11700 جرعة. ووصلت دفعة ثالثة من لقاح «فايزر- بيونتيك» وكان عددها 17 ألفًا و550 جرعة.
ومع وصول كميات كبيرة من اللقاحات وسعت وزارة الصحة فئات المستهدفين باللقاح لتشمل طلبة المدارس من عمر 12 سنة وما فوق والوافدين وجميع الفئات المستحقة للتحصين، حيث بلغ إجمالي المُطعمين باللقاحات المُضادة لفيروس كورونا في السلطنة منذ بداية الحملة الوطنية للتحصين ضد كوفيد-19 ولغاية الأسبوع الماضي مليونين و504 آلاف و214 شخصًا بنسبة بلغت 71 بالمائة من إجمالي المُستهدفين.
وبلغ إجمالي المُطعمين بالجرعة الأولى مليونًا و256 ألفًا و8 أشخاص من إجمالي المُطعمين بنسبة بلغت 36 بالمائة، فيما بلغ إجمالي المُطعمين بجرعتين مليونًا و248 ألفًا و206 أشخاص بنسبة بلغت 35 بالمائة ، حيث تتواصل الجهود للتحصين بمختلف محافظات السلطنة.
وتتواصل عملية التحصين بجميع محافظات السلطنة، حيث هب عدد من المتطوعين لمساندة الكوادر الطبية لتحصين عدد أكبر من المواطنين والمقيمين.
المؤتمرات الصحفية
وعقدت اللجنة العليا منذ تشكيلها ولغاية الأسبوع الماضي 26 مؤتمرا صحفيا، حيث تكشف في هذه المؤتمرات باستمرار عن أبرز الجوانب والمستجدات الخاصة بالجائحة وتعلن عن وضع الوباء بشكل شفاف ودقيق وتحث فيه أفراد المجتمع بضرورة تطبيق الإجراءات الاحترازية، كما ركز المؤتمر الصحفي خلال مراحله المختلفة على الجوانب المهمة والجهود التي تبذلها الحكومة في إطار تعاملها مع الجائحة، حيث تشارك في المؤتمر عدد من الجهات للحديث عن جميع القطاعات.
مراحل وفترات
وعندما بدأت حالات الإصابة بالتزايد بين أوساط المجتمع وبدء انتقال الفيروس بين المواطنين والمقيمين وانتقاله محليا بعد أن كان لحالات قادمة من الخارج، وسعت وزارة الصحة منظومة مؤسساتها الصحية للتعامل مع الجائحة بتخصيص أجنحة ومرافق لمرضى كورونا بجميع محافظات السلطنة، كما وفرت آلافا من المتخصصين من أطباء وكوادر تمريضية وفنية وإدارية للتعامل مع مرضى ومصابي كورونا، بعدد من المستشفيات والمؤسسات الصحية.
وانسجاما مع تطورات الوضع وتزايد عدد الحالات والوفيات وللتخفيف عن المستشفيات المرجعية والمؤسسات الصحية التي تستقبل مرضى كورونا ، افتتحت وزارة الصحة المستشفى الميداني بمقر المطار القديم بمحافظة مسقط والذي خصص لمرضى كورونا، حيث جهز بجميع المستلزمات الطبية والفنية والطواقم الطبية العاملة من أطباء وممرضين حيث بلغت سعته في البداية بـ 100 سرير، وزادت مع تطور الأوضاع الصحية وانتشار الوباء إلى أن بلغت 312 سريرا.
85 ميناء
وعندما تنتشر الأوبئة والأمراض تتأثر الكثير من القطاعات، ولذلك فقد عملت السلطنة خلال فترة انتشار كورونا على فتح شبكات خطوط ملاحية للاستيراد المباشر وغير المباشر وتم تفعيل التواصل البحري مع أكثر من 50 ميناء حول العالم لجلب واستيراد مختلف البضائع الغذائية والتموينية والمستلزمات الاستهلاكية .
ومع ما تحقق من مكاسب والوصول إلى التعافي تدريجيا، تواصل وزارة الصحة دعواتها للمواطنين والمقيمين بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية وعدم التهاون أو التخلي عن الإجراءات والالتزام بها وذلك للحفاظ على ما تحقق والوصول إلى التعافي التام.