فكرة مشروع القطار الخليجي ليست جديدة، فقد بدأت في عام 2009 خلال القمة الخليجية الثلاثين، وبدأت المراحل الأولى لشركة عُمان للقطارات في عام 2014، ولأسباب سياسية ومالية تأجلت فكرة القطار الخليجي المشترك إلى وقت آخر.
لكن في نهاية عام 2021، جرى استعراض المشروع من جديد خلال القمة الخليجية في دورتها الـ41، لكن بطريقة عملية من خلال إقرار إنشاء الهيئة الخليجة للسكك الحديدية ومقرها في الرياض، وتم تحديث المسار ليصل لحوالي 2117 كيلومترًا يبدأ من الكويت وينتهي بالعاصمة مسقط مرورًا بولاية صحار.
أعلاه يخص تنسيق الخط الخليجي المشترك للسكك الحديدية، أما فيما يخص الربط المشترك بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، فقد هلّت البشائر من خلال القمة التي جمعت بين حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- وأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة قبل عدة أيام، والتي انبثق عنها توقيع 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مواضيع عديدة؛ أهمها اتفاقية إنشاء شركة عُمانية اماراتية لإنشاء وإدارة وتشغيل السكة الحديدية بين صحار وإمارة أبوظبي مرورًا بمنطقة البريمي العمانية ومنطقة العين الإماراتية.
مشروع القطار المشترك بين عُمان والإمارات مشروع عملاق، والذي يمكن أن يصنف ضمن فئة الـ”Mega Project”؛ الأمر الذي سيُحدث نقلة نوعية حقيقية من عدة زوايا اجتماعية واقتصادية وأمنية، تشمل خلق وظائف نوعية مستدامة، وفرص استثمارية للشركات الصغيرة والمتوسطة في عشرات المجالات المباشرة وغير المباشرة، وخفض الكلفة التشغيلية في عمليات التصدير والاستيراد والإنتاج، ومضاعفة التبادل التجاري بين عُمان والإمارات، وتيسير تنقل الركاب، وتعمير بعض المناطق التي يمر بها القطار، وتطوير النظم اللوجستية البديلة للتجارة والسفر بين البلدين الأرخص والأسرع والآمنة، والأهم من هذا كله ضرورة تطوير القوانين والتشريعات التي تدعم استدامة وربحية هذا المشروع الضخم، خاصة فيما يتعلق بالوحدة الاقتصادية الخليجية، والتأشيرة الخليجية المشتركة التي تضمن تسهيل التبادل التجاري بين دول الخليج، وحرية تنقل المُقيمين في الأراضي الخليجية بسهولة ويُسر.
إنَّ مشروعًا كلفته أكثر من 3 مليارات و160 مليون دولار أمريكي يعد مرحلة واحدة من عدة مراحل لن يكون سهلًا، لكن هناك مرجعيات نتوسم فيها خيرًا عظيمًا تبدأ بقياداتنا الشابة الحكيمة والمجددة، وأيضا هناك مرجعية غاية في الأهمية، وهو إقرار الهيئة الخليجة للسكك الحديدية أن يبدأ الربط الفعلي لدول الخليج في عام 2027، إضافة إلى أهمية الشراكة بين مجموعة “أسياد” العمانية ممثلة في “قطارات عُمان” وشركة “الاتحاد للقطارات” الإماراتية التي أنهت فعليًا بعض المشاريع في دولة الإمارات، ولديها خبرة فنية واسعة في مواجهة الصعوبات الجغرافية والتضاريس الصعبة؛ مما يعني أن نبدأ من حيث انتهوا.
وبالرغم من بعض التوقعات السلبية في مدة إنجاز المشروع في وقت قياسي، إلا أنَّه من المناسب التفاؤل بالمعطيات الإيجابية، وخاصة أن أول اجتماع لمجلس إدارة الشركة الجديدة سوف يكون في أكتوبر الجاري، أي بعد أيام من القمة العمانية الإماراتية، ولعلنا نسمع أخبارا أكثر فرحًا واستبشارًا بعد الاجتماع، ولنأمل خيرًا.
خلفان الطوقي