هناك دعوة للنزول للشارع تدعو لما يسمى بإسقاط النظام من بعض الهاربين الذين يريدون ويتمنون إسقاط الوطن وليس إسقاط النظام.
فهل الأنظمة والأوطان قد أصبح إسقاطهما بهذه السهولة وبتلك الطرق الحقيرة؟ وهل كل من هب ودب يتصور ويتخيل أنه زعيم يقود الجماهير من ماخورة لإسقاط الأوطان؟ وهل يتصورون أن ما حدث فى يناير ٢٠١١ وكان له ظروفه وواقعة يمكن أن يتكرر بذات السيناريو؟ وهل هؤلاء يريدون الثورة أم الفوضى؟
إذا كانوا يقصدون ثورة فهل يفهمون ويعلمون ما هى الثورة؟
الثورة فى التعريف السياسى، هى التغيير لكل مناحى الحياة تغيرًا جذريًا للأحسن، وذلك عن طريق تنظيم ثورى يمتلك رؤية وبرنامج ثورى بديل يغير للأحسن والأفضل وذلك عن طريق ارتباط ذلك التنظيم بالجماهير ارتباطًا عضويا وسياسيا وحزبيا وهذا يعنى أن هذا التنظيم معلن برنامجا وهدفا ورؤية وكوادر تعيش وسط الجماهير وليس الهاربين.
فهل يوجد ذلك التنظيم الثورى (بديلا للنظام) تعرفه الجماهير وتؤمن به؟ ولذا ولغياب هذا التنظيم فى يناير ٢٠١١ وجدنا تنظيم الإخوان جاهزا للاستيلاء على السلطة بل الاستيلاء على الوطن فى لحظة غياب وتغيب لكل النخب السياسية المصرية وأحزابها السياسية.
وعلى ذلك كانت القوات المسلحة هى الأداة الرئيسية والأساسية لإسقاط مبارك . وتكرر نفس المشهد فى اسقاط الاخوان، ولغياب هذا التنظيم وجماهيره المنظمة وجدنا كل القوى المتمسحة بالدين تستغل الظروف وتنشر الفوضى والتخريب الشئ الذى جعلنا لا نزال نعانى من ذلك التخريب.
ولذا ولغياب تلك المعطيات لا تكون هناك ثورة ولا تغيير ولكن الفوضى والتدمير الذى لا يبقى غير الخراب واسقاط الوطن الذى هو حماية وملاذ لكل المصريين الشرفاء المؤمنين به مهما كانت الظروف ومهما تجذرت المشاكل.
وللموضوعية فهؤلاء الداعين يعتمدون على وجود مشاكل اقتصادية تحيط بالمواطن من كل جانب، نعم هناك مشاكل اقتصادية نتيجة لتراكم زمنى إضافة لأحداث دولية تأثر بها العالم أثرياءه قبل فقراءه.
ولكن لا نستطيع أن نسقط فشل الحكومة فى إيجاد البدائل والطرق والأساليب والوسائل للحل بعيدًا عن روشتة صندوق النقد التى لا تتوافق ولا تصلح لأنظمة ودول تعانى من قلة الإنتاج فلا تصدير بعد الاكتفاء الذاتى بل استغراق فى استيراد اللازم وغير اللازم.
نعم سيعانى المواطن من تعويم الجنية نتيجة لارتفاع الأسعار وعدم ضبطها مع توازن الدخول مع هذه الأسعار، نعم كان هناك تقفيل على حرية ابداء الرأى وكان ذلك مقبولًا نظرًا لمواجهة الإرهاب وإعادة الأمن والأمان للوطن والمواطن.
ولكن الآن لابد من فتح الباب لممارسة حرية الرأي والتعبير لتحقيق التعددية التى تضيف للوطن والنظام.
نعم هناك فوضى فى الشارع نتيجة لعدم تطبيق القانون مما جعل هناك ظواهر اجتماعية يجب مواجهتها بالقانون بلا تردد، هناك مشاكل كثيرة لا يستطيع أحد إنكارها ولكن من الطبيعى أن تكون تلك المشاكل.
ولكن هل نتيجة وحلاً لذلك ندعو إلى النزول للشارع فى ظل دعوة مشبوهة معلومة المصدر ومعروفة الأهداف التى لا تريد للوطن أى خير؟ وإذا كانت الفوضى هى المقصودة (وتجربة يناير لا تزال ماثلة أمامنا) فهل نحقق لهم هذه الفوضى؟ ولحساب من؟ ومن الذى سيدفع الثمن؟ هل النظام الحاكم أم الشعب المصرى كله؟ وهل مطلوب بدلا من إيجاد حلول للمشاكل إضافة مشاكل بل فوضى لا تبقى ولا تزر؟ فلنحافظ على مصر الوطن فلنعبر عن ارائنا وأن نعلن عن مطالبنا فهذا حق لكل مواطن وهذا التزام على كل حكومة.
حتى نحمى مصر وطن كل المصريين من كل فوضوى لا يعلم ماهو الوطن غير أنه تراب عفن.
حمى الله مصر وشعبها العظيم.
جمال أسعد