١ بيني وبينكِ من هوى وتَصاب
زُمَرٌ مُعتَّقةٌ من الأنخاب
٢ فلقد هوَيتُكِ قبلَ معرفةِ الهوى
وعشقتُ عزَّكِ يا لباةَ الغاب
٣ ومشيتُ تحتَ سماءِ كلِّ قصيدةٍ
من جانبيكِ، وخلفَ كلِّ شهاب
٤ وملأتُ من “بردى” كؤوسَ يَراعتي
فعرفتُ معنى الزهوِ والإعجاب
٥ فإذا أتيتُ فإنني بكِ مُغرَمٌ
صَبٌّ، وليس بسائحٍ جَوَّاب
٦ أو غِبتُ عنكِ، فأنت بين جوانحي
فلتغفري لي يا دمشقُ غيابي!!
٧ ها قد أتيتُكِ والهوى بركابي
فيحاءُ، والتاريخُ من أسبابي
٨ والشهبُ في أفقِ السماءِ شواخصٌ
ترنو إليَّ، و”عبدُ شمسِ” صحابي
٩ وبأضلعي من “آلِ جفنةَ” هَزةٌ
خفَّاقةٌ، ملأت عليَّ إهابي
١٠ لا تمتري بي الذكرياتُ عن الألى
رسموا العُلا بكتائبٍ وكتاب
١١ فالشمسُ في سوريةٍ ليست سوى
ما سطَّرته أسنَّةُ الأصحاب!!
١٢ والشهبُ بالفيحاءِ ليست غيرَ ما
رسمت أميةُ من هوىً مُنساب !!
١٣ إني أكادُ أشمُّ ريحَ محمدٍ
في جانبيكِ تضوعُ بالأطياب
١٤ وأرى الصحابةَ حوله في وِقفةٍ
عزت على الإطناب و الإسهاب
١٥ فيحاءُ يا قلبَ العروبةِ والعلى
يا خيرَ أرضٍ للعلا وروابي
١٦ ما حاولَ الرومانُ مسَّ جبينَكِ الوضاءَ، إلا كنتِ ليثَ الغاب !
١٧ قد جاشت الأحداثُ نحوَكِ بالردى
فلقيتِها بعزائمِ الوثَّاب
١٨ وأبَيتِ إلا أن تكوني مثلما
قد كنتِهِ أفقًا بغيرِ ضباب!!
١٩ فلأنتِ أنتِ دمشقُ من نبضِ الألى
جعلوكِ نبضَ أسنَّةٍ الكُتَّاب
٢٠ ما زلتِ تتخذينَ من أفقِ السما
لك منزلًا يزهو بكلِّ شِهاب
٢١ وتُراوحينَ الأرضَ منك بفِتيةٍ
من كلِّ بدرِ دُجىً وكلِّ مُهاب
٢٢ أكبَرتُ فيكِ العبقريةَ تنثني
كالحورِ قد برزت بدونِ نقاب
٢٣ وكأنما قال الجلالُ لك: انشُري
ما شئتِ من ألقٍ ومن إعجاب
٢٤ فلأنتِ مهدُ العبقريةِ ما لها
إلَّاكِ من حَرسٍ ومن أرباب
٢٥ فبنيتِ للتاريخِ أعظمَ ما بنى
غُرٌّ من الأعجامِ والأعراب
٢٦ ورسمتِ ما زانَ السماءَ وشُهبَها
وأعدتِ للعلياءِ بُردَ شباب!
٢٧ وكتبتِها غَرَّاءَ من قصصِ العلى
ستظَلُّ تُروى طيلةَ الأحقاب
٢٨ ويظلُّ يرويها الحداةُ، فإن همُ
سكِروا بخمرتِها ، فما من عاب!!
٢٩ أبناءَ سوريا، وأُسدَ عرينِها
عذرًا، إذا ما جئتُكم بعتابي!!
٣٠ هذي الديارُ النابتاتُ على الضحى
والنائفاتُ بكم من الأقطاب!
٣١ أنتم فوارسُها وشُهبُ سمائها
وحماةُ بَيضتِها بيومٍ نابي
٣٢ ما بالُها باتت تئنُّ مروعةً
ما بينَ ظِفرٍ منكمُ أو ناب
٣٣ “ابنُ الوليدِ” يئنُّ في حمصٍ أسىً
و”أبو عبيدةَ” منكمُ بمُصاب !!
٣٤ يستصرخانِ الخيلَ، وهي كئيبةٌ
ويناديان فيالقَ “الأصحاب”
٣٥ أما “أبو حفصٍ” فيشربُ همَّه
أحسِنْ عزاءك يا “فتى الخطاب”!
٣٦ و”صلاحُ” يندبُ خيلَه وسيوفَه
أوّاهُ أين أسنَّتي وحرابي!!
٣٧ هذي ديارُ أميةٍ، ماذا جرى
يا شمسُ هل لي منكمُ بجواب!!
٣٨ أولَمْ يكن”مروانُ”شيخُ ديارِكم
ما بالُه أمسى على الأبواب
<<>>
٣٩ يا أمتي طمَّ العبابُ، وكلُّنا
تحت اللظى في المعركِ الغلاب
٤٠ ياليت شعري أين آسادُ الشرى
من كلِّ ذي لِبَدٍ وذي قرضاب !!
٤١ أين الفوارسُ من أهلَّةِ يَعربٍ
أين الأشاوسُ أين أسدُ الغاب
٤٢ أين الذين إذا سرت راياتُهم
ريع العدوُّ لها، بكلِّ تَباب!
٤٣ “القدسُ” تَشرقُ بالدموعِ ذليلةً
تحت السنابكِ يا له من عاب!!
٤٤ تبكي مآذنُها و يندبُ صرحُها
ويولولُ المحرابُ للمحراب!!
٤٥ والرافدانِ ولا أزيدُكمُ أسىً
كم يشكوانِ بمدمعٍ سَكَّاب
٤٦ وبنو العروبةِ في جميعِ ديارِهم
لاهُونَ بين مُطبِّعٍ ومُحابي!!
٤٧ بَرِحَ الخفا، قد أعلنوها للملا
حربًا بكلِّ أسنَّةٍ وحِراب
٤٨ دوَّى بها “بوشٌ” وقال بأنها:
حربُ الصليبِ وليس ذا بعجاب
٤٩ خططٌ مُحددةٌ، وحربٌ فظةٌ
خيضت بكلِّ شمائلِ الأذناب!!
٥٠ لا تَعرفُ الوحشُ الكواسرُ غيرَ ما
خُلقَت له من سيِّءِ الأوصاب
٥١ فاذا رمى خيرَ الديارِ بلؤمِهِ
وسقى سنابَلها بكلِّ الصَّاب!!
٥٢ فالحقُّ ذلك من طباعِ خِلالِهِ
فاحذر لظفرٍ من سُطاه وناب!
٥٣ فيحاءُ يا بنتَ المراوينَ الأُلى
عُذرًا اذا ما طالَ عهدُ غيابي !!
٥٤ بي من هواكِ أواصرٌ لمَّا تزلْ
من عهدٍ غسانٍ ترِنُّ ببابي !!
٥٥ مَلكتْ عليَّ مسالكي وممالكي
وسرت بروحي كالضيا وجنابي
٥٦ فلتقبلي عُذري وروحَ تنسكي
فيحاءُ لو أدمى الجبين عتابي!!
شعر : هلال السيابي
بمناسبة زيارتي لها
دمشق الفيحاء
٧ ربيع الثاني ١٤٤٤ هج
١ نوفمبر ٢٠٢٢ م