هو شاهد من الشواهد على الإنجازات العظيمة التي اولتها الحكومة الرشيدة أهتمامها واولوياتها حتى أصبح وأمسى على الأيام والسنوات رمز من رموز ولاية قريات الجميلة التي ترتبط بهذا السدر من خلال الجبال بينها وبين ولاية دماء والطائين ، وترتبط بينها وبين صور ومسقط عن الطريق البحري الجميل ، ولاية قريات أصبحت همزة الوصل بين الولايات العمانية ، فكانت وما زالت ميناء ومرفئ وإستراحة للقادم والراحل منها وإليها ، لكن هناك منغصات بدأت تلوح في الأفق أصبحت هاجس لا يطاق وحمل هم كبير على فكر وراحة مواطنيها وخاصة الذين يقطنون على مسار وادي ضيقة من مزارع وحيل الغاف ودغمر .
تجميع المياه الآسنة ولفترة طويلة جدا بجوف حوض السد جعلها تتحول إلى مياه كدره لها روائح شبيهه بروائح المجاري عزكم الله ، وهذا ليس بغريب على حوض ماء يجمم بالاشهر دون ان يتم إطلاقة وافراغة تدريجيا بطريقة تتناسب مع الوقت والحجم ، خاصة ان وجود الحيوانات البرية النافقة فيه من اثر السقوط في البركة جعل المياه تتعفن وتتلوث بشكل ملفت للزائر والمقيم من خارج وداخل ابناء الولاية ، فلم تعد هذه المياه تصلح مطلقا للإستخدام الآدمي ، ناهيك عن مكابدة المواطن اثار هذه الروائح اثناء إطلاق مياه السد ومرورها على مزارع وحيل الغاف ودغمر ، فتأثر مرضى الجيوب الانفية والمصابين بأمراض حساسية الصدر أصبح يزداد يوما عن أخر من خلال استنشاق الروائح المنبعثة من هذه المياه الآسنة .
أن تغير الماء واللون والرائحة شرعا لا يجوز الوضوء به ، فهذه حالات ثلاث نهى عنها الاسلام في استخدام المياه اذا ما أصبحت عليه ، فكيف بهذه المياه التي تعد الآن في قريات شريان الحياة النابض ، لابد من وجود آلية أخرى تعمل عليها الجهات المسؤولة بالدولة في إعادة تهيئة المياه إلى حالتها الطبيعية من تنقية تامة قبل ضخها في مجرى الوادي لتمر بالقرب من منازل المواطنين والسياح مرتادي الموقع ، أن فلترة المياه وتنقيتها لم تعد من العوامل الصعبة او المستحيلة في الوقت الحاضر لما آلت إليه العلوم والتقنيات المائية من تطور ونمو بالعالم اجمع ، فأين الحراك المفروض من الجهات المسؤولة بهذا الشأن ، أم أصبحنا نطبق المثل الذي يقول .. يوم تسلم ناقتي ما عليي من رفاقتي .. ، لا أضن بأن الجهات المعنية انفقت ما أنفقته على هذا المكان ليصبح ويمسي عكس ما كانت تصبوا إليه من منفعة عامة .
الرعب والقلق الذي يعيشه أهل المنطقة الواقعه أسفل السد والذي يدخلهم دائما في حالة من التوجس والترقب عقب إعلان الجهات المسؤولة عن الأرصاد الجوية عن وجود منخفض او إعصار قادم لا يتصوره او يعيشة احدى اكثر من الذين يقطنون على مشارف الوادي ، حسب بحثي الذي قمت به والتقصي عن الوضع العام هناك ، أثبت لي ان اقرب منزل يبعد عن مسار وادي ضيقة ومجرى السد فقط ٤٠٠ مئة متر لا غير ، فتخيل نفسك عزيزي القارئ تعيش هذه الحالة النفسية كما عاشها أهل المنطقة في إعصار فيت وما حصل ، معايرة تصريف المياه بشكل دقيق وتقني ولفترة وجيزة ، يجعلنا في مأمن عن المخاطر المحدقة من جراء فيضان السد في فترة الأعاصير ، المواطن المقيم البسيط على مشارف الوادي ، لا يدرك المسائل العلمية التي تقوم على اساسها مبادئ التعامل مع السد والمياه وتصريفها ، هم ابسط من هذه التعقيدات بكثير ، على إدارة السد أن لم يسبق لها ووضحت خطة سير العمل والتعامل مع محتوى السد في الانواء المناخية وجب عليها الآن الحراك وتوضيح الآمر للسكان القريبين من السد ، لينعموا براحة البال ويطمئنوا على انفسهم وبيوتهم ومالهم ، وهذا لا يتأتا إلا من خلال الحديث معهم والشرح لهم وإيضاح الخطط في عملية إدارة الأزمات ، وذلك من خلال الاجتماع بهم وإقامة المحاضرات التثقيفية لهم ، فالعلم بالشيء عكس الجهل به .
أرى من الضروري إيجاد رؤية جديدة حول تصريف وتخزين وطلق المياه من وإلى الوادي بصورة متقنه تواكب الحاضر الذي نعيشه ، وهناك حلول كثيرة ومثمرة وناجعة في إدارة الموارد المائية بالشكل الإقتصادي والمردود المادي الذي يحفظ لكل شيء كيانه وخصائصة التي خلقها الله تعالى عليها دون أفساد محتواها والتكدير على سكان هذه الولاية وخاصة القرى التي ذكرتها في بداية سياق هذا المقال ، أتمنى من الجهات المعنية أن تبدأ وبشكل فعلي في تحسين مستوى خدمة السد بطرق عالمية وإمكانيات عالية وإستثمار ناجح بكل ما تحملة هذه الكلمات من معنى ، وعلينا جميعا ان نراعي بعضنا بعض ونعمل من اجل بعضنا بعض جنبا إلى جنب ، كما علينا ان نترجم كلمات القائد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم على أرض الواقع كما أراد ان تكون ترجمتها لهذا البلد ، والذي افنى عمره من أجل بلاده وشعبها لينعم بالأمن والأمان والإطمئنان ، ونحن وأنتم نقتدي به لأنه المعلم والوالد ، أهل قريات وتحديدا مزارع وحيل الغاف ودغمر يستحقون ما هو افضل من ذلك .
بقلم / يعقوب بن راشد بن سالم السعدي