تربط مدافع المنتخب المغربي أشرف حكيمي ومهاجم نظيره الفرنسي كيليان مبابي صداقة وطيدة منذ انضمام الأول إلى صفوف باريس سان جرمان الموسم قبل الماضي، لكن هذه الزمالة ستتوقف لمدة 90 دقيقة على الأقل بعد غدٍ الأربعاء عندما يتواجهان بملعب البيت في نصف نهائي مونديال قطر 2022.
للمصادفة، ستكون مهمة حكيمي رقابة مبابي، لأنه يلعب في مركز المدافع الايمن، فيما يشغل مبابي مركز الجناح الأيسر، وبالتالي فإن المنافسة ستكون على أشدها بينهما من أجل هدف واحد هو بلوغ المباراة النهائية للعرس العالمي الأول في الشرق الأوسط.
ستكون مهمة حكيمي وقف الانطلاقات السريعة والمراوغات الرائعة لصديقه كيليان، فيما سيكون على عاتق الفرنسي وقف المساندة الهجومية للأخير لزملائه وإيجاد الثغرة في دفاع الأسود والتي لم ينجح أي من المنتخبات الخمسة (كرواتيا وبلجيكا وكندا واسبانيا والبرتغال) في إيجادها.
ووجّه حكيمي رسالة خاصة إلى مبابي عقب تأهل منتخبي بلدهما إلى دور الأربعة، عبر نشره تغريدة عبر حسابه على توتير، قال فيها “أراك قريبا يا صديقي”، رد عليها الأخير بثلاثة قلوب.
لم يكن حكيمي مرتاحًا في سان جرمان عندما حطّ الرحال قادما من إنتر، لكنه وجد ضالته في مبابي أحد أبناء جيله مواليد 1998.
منذ خطواته الاولى في العاصمة، جعل مبابي الأمور أسهل على حكيمي بفضل إتقانه للغة الإسبانية وتقاسم نفس الاهتمامات حسبما ذكرته صحيفة “لو باريزيان”.
مرّ التيار بسرعة كبيرة بين اللاعبين كما قال المدافع “نحن صديقان جيدان جدا. نشأت الصداقة بيننا بشكل طبيعي. ما يعجبني، يحبه هو أيضًا. لدينا نفس المشاعر”.
وجد حكيمي المنتمي إلى عائلة مغربية مهاجرة في إسبانيا، على غرار زميله المولود في فرنسا من أب كاميروني وأم جزائرية، في مبابي الصديق الوفي الذي ساعده على التأقلم في العاصمة الباريسية ولغة لا يفقهها.
قال مطلع العام الحالي “صداقتي الوطيدة مع مبابي لها أسباب عدة، حيث أننا شابان نبلغ من العمر 23 عامًا، نتشارك نفس الأذواق، نتحدث عن الموسيقى وألعاب الفيديو، نذهب إلى المطاعم أو نقضي الوقت معًا، نحب بعضنا البعض، وهذا الأمر يُلاحظ داخل الملعب وخارجه”.
وأضاف “لا أتحدث الفرنسية بشكل كبير مع مبابي، لكني بشكل عام أحاول تحسين هذه اللغة عبره. أنا أستمتع بتعلم هذه اللغة، وعلاقتي مع مبابي واحدة من أكثر الأشياء التي تساعدني على تعلمها، حتى لو كانت صعبة بعض الشيء”.
حتى في قمة التركيز والعزلة عن العالم الخارجي في معسكر المنتخبين، بقي التواصل بين اللاعبين مستمرا إن كان على أرضية الملعب من خلال احتفالاتهما بالأهداف على طريقة البطريق، أو خارجه عبر زيارة النجم الفرنسي لزميله في فندق الإقامة قبل مواجهة إسبانيا في ثمن النهائي، أو تفاعل مبابي مع تلك ركلة الترجيح الحاسمة التي سجلها حكيمي في مرمى الإسباني أوناي سيمون.
نشر مبابي تغريدة كتب فيها: “أشرف حكيمي” إلى جانب بعض الرموز التعبيرية منها صورة بطريق وقلب وتاج.
وخطف حكيمي الأنظار برقصة البطريق، بعدما سجل ركلة الحسم، وهي نفس الرقصة التي قام بها رفقة زميله الإسباني سيرخيو راموس في إحدى مباريات باريس سان جرمان هذا الموسم.
يشترك الاثنان في احتفال آخر متطابق: القرفصاء، الإبهام على الأنف، اليد على الظهر، في وضع إبريق الشاي ، والذي احتفل به “كيكي” عندما هز شباك بولندا (3-1) في ثمن النهائي.
تجمَع حكيمي مع زميله مبابي، علاقة صداقة وطيدة منذ سنوات، حيث عهدا دائماً على مشاركة صورهما معاً خارج الملعب، كما يسافران معا أبرزها عندما تواجدا في العاصمة مدريد اواخر الموسم الماضي، عندما كان النجم الفرنسي مرشحا للانتقال الى ريال مدريد الإسباني قبل أن يقرر البقاء في باريس.
وقتها وجد حكيمي نفسه أمام نيران الانتقادات، بين من اعتبره محرّضاً لمبابي على الرحيل ومن يرى أنه ممتعض من النادي الملكي الذي رفض إعادته إلى صفوفه عقب انتهاء إعارته مع بوروسيا دورتموند الألماني ثم إنتر ميلان الإيطالي.
خرج حكيمي الذي كانت عدسات الكاميرات وميكروفونات وسائل الإعلام تترصده للحديث عن مستقبل مبابي، ليقول “مبابي سعيد في باريس سان جرمان، والكل يرى تركيزه التام على الفريق وأهداف النادي. لم أتحدث مع مبابي في هذا الموضوع، بل وسائل الإعلام هي من تأخذ الأمور خارج سياقها”.
لكن حكيمي عاد وكشف عقب تمديد مبابي للعقد أنه كان على علم بأنه باق، وقال في حديث لقناة “موفيستار” الإسبانية: “لقد علم زملائي خبر تمديده للعقد يوم إعلانه بالملعب، ولكن بما أن لدي صداقة مع كيليان، فقد عرفت ذلك قبل أيام قليلة”.
وقتها سخر حكيمي من الإسباني جيرارد بيكيه بشأن الصورة الشهيرة مع التعليق “باق” التي نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن استمرار البرازيلي نيمار مع برشلونة، بينما وقع الأخير مع باريس سان جرمان بعد بضعة أيام.
قال حكيمي ضاحكًا: “كان يجب أن أقوم بالتقاط صورة سيلفي مثل بيكيه: كيليان باق”. وصدق حدس مبابي عندما أعلن في المعسكر الاعدادي لباريس سان جرمان في الدوحة قبل انطلاق الموسم أن المغرب وفرنسا سيلتقيان في المونديال.
قال بابتسامة عريضة وباللغة الانكليزية في فيديو نشره نادي العاصمة على قناته الرسمية “سأضطر إلى تدمير صديقي”، رد عليه حكيمي بـ”سأضربه”.
ضحك مبابي ورد: “هذا يحطّم قلبي قليلاً، لكن كما تعلم، كرة القدم هي كرة القدم. يجب أن +أقتله+”.
ستكون مباراة الثلاثاء حاسمة بين هذا الثنائي المتفاهم جدا، لان الفائز بها سيخطو خطوة على حساب الآخر لتحقيق حلم لامسه وساهم فيه مبابي في النسخة الأخيرة في روسيا عام 2018، ويطمح حكيمي إلى معانقته للمرة الأولى في تاريخ بلاده لتأكيد مشواره الرائع في البطولة الحالية. وسيضع مبابي وحكيمي الصداقة بينهما جانبا خلال المباراة، ولكن بعدها سيكون كلام اخر!