“العُمانية” صدر عن دار نثر للنشر في محافظة مسقط كتابٌ سرديُّ عنوانه “جذورٌ معتمة” للكاتب والشاعر العُماني سماء عيسى، يحوي نصّين طويلين في 48 صفحة من القطع المتوسطة، وغلافه لوحةٌ للفنانة سماء بنت سامي البلوشيّة.
اختار سماء عيسى للنص الأول عنوان “تلوح كباقي الوشم” وكتب فيه 16 نصًّا سرديًّا، وسمّى نصَّه الثاني من الكتاب “مجرد كلب يعوي في الفناء” وفيه 14 مقطعًا، وصف في أجزاء منها الصحراء؛ باعتبارها مخبأً سرّيًّا ضمّت القاتل حتى لحق بضحيته المغدور بها.
وتأتي هذه التجربة السرديّة مختلفة في تصويرها لدواخل النفس البشريّة، وفي مقاطعها المتصلة نقرأ لسماء عيسى تجربة مختلفة تنطلق من الذات إلى الآخر، في تصوير أخّاذ للوحيد مغتربًا يتأمل حوادث الماضي، تلك التي غدرت فيها الحياة بأحبة صاروا أغرابًا لا يذكرهم إلا الذين يرفضون النسيان، وتذكِّرهم الكتابةُ بكل شيء.
ويوثِّق الكاتب في هذه التجربة الجديدة بالفن صورًا تاريخيّة لرجال ونساء لا يمكن اللقاء بهم إلا في “جذور معتمة”، وذاكرة القارئ في هذا السرد الشفاف تستعيد من سنتذكرهم رغم مرور نصف قرن، أو نتعرف عليهم إن لم نصادف أسماءهم، سواء بالبحث عنهم في حكايات تاريخ مطلع سبعينيات القرن الماضي -هذا إن كان التاريخ فعلًا قد وثّق تلك الحيوات-، وإن لم يكن لهم نصيب يذكِّرنا بهم فإن “جذور معتمة” يأتي شاهدًا بالكتابة عنهم وعنّا.
ومن الكتاب نقتطع هذا الجزء ونقرأ: “عندما اقتيدت المرأة إلى ساحة الإعدام الواقعة خارج بوابة السجن الخلفيّة، بعيدًا عن أي مرأى بشري، اقترب منها قائد الفرقة الذي كان برتبة نقيب، ومعه غطاء قماش أسود، أملًا في ربط عينيها به؛ كي لا تبصر بنادق الرماة المتجهة إلى جسدها، بَحْلَقَتِ المرأة في النقيب جيدًا، كما بَحْلَق النقيب في المرأة بنفس العمق، تذكرت المرأة الستينية هذا الصبي الذي كان يتضوّر جوعًا في الأزقة دون بيت يأويه، وتذكّر هو أيضًا المرأة عندما حضنته وأخذته إلى منزلها، أطعمته وأسقته، وأصبح واحدًا من أفراد عائلتها”.
الجدير بالذكر أن دار نثر للنشر كانت قد أصدرت قبل عام كتابًا شعريًّا لسماء عيسى بعنوان “برقٌ أزرقُ في سماء بعيدة” ولاقى احتفاء القرّاء به.
واختارت إدارة معرض مسقط للكتاب 2022م الشاعر والكاتب سماء عيسى بصفته الشخصية الثقافية في دورة المعرض الفائتة، وله أكثر من خمسة عشر إصدارًا منشورًا في الشعر والسرد، وهو من الفاعلين في الثقافة العُمانية بتجربته الكتابية المتواصلة طوال العقود الأربعة الماضية.