أوصى ملتقى الأسرة الأول بمحافظة ظفار “حوار” الذي اختتمت أعماله اليوم تحت رعاية صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيــد محافظ ظفار، وبحضور معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجّار وزيرة التنمية الاجتماعية وعدد من أصحاب السعادة والمسؤولين بالاستمرار في تنفيذ الملتقى كل عام ليشمل كل محافظات سلطنة عمان ودراسة ارتفاع نسب الطلاق، وتقديم الحلول التي يمكن أن تسهم في الحد منها، وتنفيذ مختبر دائم -متعدد القطاعات – لبحث أسباب ارتفاع نسب الطلاق ورصد الحلول والاهتمام بتطوير برامج إعداد وتحضير المقبلين على الزواج، إضافة إلى العمل على تطوير خبرات الأخصائيين العاملين في مجال الإرشاد الأسري، كما أوصى الملتقى بتوعية الأسرة بأهمية الفحص المبكر قبل الزواج والالتزام بنتائجه مع دارسة إمكانية سن تشريع ملزم تجنبا للمخاطر الصحية للأبناء ورفع مستوى الوعي الرقمي والفني للوصول لاستخدام آمن للبرامج والتطبيقات الحاسوبية.
واستهدف الملتقى الذي أقيم على مدى يومين أكثر من 150 مشاركا من طلاب وطالبات الجامعات والكليات وأفراد المجتمع عامة، بهدف تعزيز تماسك واستقرار الأسرة وتنمية مهاراتها في إدارة الحياة الزوجية وتخطي الصعوبات التي قد تواجهها، وتنمية الوعي المجتمعي بأهمية الأسرة وتنمية البصيرة حول أدوراها المختلفة، وكذلك رفع مستوى الوعي لديها في ظل التطورات الحديثة بوجود وسائل الإعلام المختلفة، وتنمية المهارات والقيم الإيجابية، إلى جانب تطوير المهارات الوالدية الفعالة والتربية الصحية السليمة للأبناء لتنشئة جيل قادر على مواجهة التغيرات السريعة في الحياة.
دراسة المشكلات
وألقى محمد بن حميد الكلباني مدير عام التنمية الاجتماعية بمحافظة ظفار كلمة أكد فيها أن العلاقة الزوجية هي أساس بناء المجتمعات وقوته، وقد شرع الله في كتابه الكريم وسنة رسوله العظيم ما يحفظ كرامتها واستقرارها ويحفظ لها بنيانها وقوتها، فالأسرة هي الحاضنة التي ينشأ فيها خليفة الله في أرضه، وفيها يُحتضن ويربى ويتعلم ويصقل ومنها يتخرج ليكون فردا مشاركاً بقيمه ومبادئه وفكره في بناء المجتمعات بما سخره الله له، موضحا أن وزارة التنمية الاجتماعية وبالتعاون مع الجهات الشريكة أخذت على عاتقها دراسة الظواهر والمشكلات الاجتماعية ومحاولة إيجاد المبادرات والممكنات التي تسهم في التخفيف من حدتها، ولاسيما تلك التي تمس الأسرة العمانية بصورة مباشرة، وقد أولت الوزارة أهمية خاصة في هذا الجانب من خلال ما تضمنته استراتيجية العمل الاجتماعي (2021-2030) بمحاورها الخمسة الرئيسة، حيث أفردت الوزارة محورا خاصة بمسمى “تنمية الأسرة والمجتمع” حرصا منها في المحافظة على كيان الأسرة العمانية وتماسكها.
بعدها قدم عدنان بن مصطفى الفارسي مدير الأمانة الفنية للجنة الوطنية لشؤون الأسرة المتحدث الرئيسي للملتقى عرضا ركز من خلاله على العلاقة بين أطراف الأسرة والزوج والزوجة والأبناء والتنظيم الرباني لهذه العلاقة ودورها في تحقيق التماسك الأسري، مشيراً إلى أهمية منظومة القيم وتأثيرها على التماسك الأسري، وأن الخلل في هذه المنظومة نتج عنه الكثير من المشكلات الأسرية التي أصبحت ظاهرةً الآن، مؤكداً على ضرورة التعاون الأسري لبناء أسرة سليمة ومجتمع واعٍ.
بعدها بدأت جلسات عمل الملتقى إذ تناولت الجلسة الأولى التي أدارها عبدالله بن رمضان بيت مجزح مدير دائرة التنمية الأسرية بمحافظة ظفار تقديم ثلاث أوراق عمل حملت الأولى عنوان “وجعل بينكم مودة ورحمة” أكد من خلالها الدكتور عبدالرب بن سالم اليافعي نائب رئيس جمعية بهجة العمانية للأيتام أن الهدف من مشروع “مودة” نشر الوعي لدى المقبلين على الزواج وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، وإكسابهم المهارات اللازمة للتعامل مع المشاكل الأسرية، وكذلك الحد من حالات الطلاق في المجتمع، بالإضافة إلى ترسيخ مبدأ الحب والتراحم بين أفراد الأسرة العمانية.
تبادل الاحترام
وتناولت ورقة العمل الثانية عنوان “وسائل استقرار الأسرة (التجربة الماليزية أنموذجاً)” أشار فيها الدكتور جلال بن يوسف المخيني مدير دائرة الإرشاد والاستشارات الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية إلى عدد من وسائل التي تساهم في استقرار الأسرة كضرورة تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأُسرية، وأهمية تبادل الاحترام والاتصال الفعال بين شريكي الحياة، إذ أن مُعاملة الزوجين لبعضهم بشكل غير لائق أو عنيف أمام الأطفال هو أمر في غاية الخطورة على صحتهم النفسية، فهذا قد يُشعرهم بالكره وعدم الاستقرار والعُنف، وكذلك أن تكون طبيعة العلاقة بين الأسرة تكاملية تشاركية، والتركيز على تقديم الدعم العاطفي إذ إن هذا الدعم يساهم بشكل كبير في تقوية روابط المحبة بين أفراد الأسرة الواحدة وبالتالي تحقيق استقرار الأسرة، إلى جانب المشاورة واتخاذ قرارات مشتركة بين الزوجين.
قيم الروابط
وقدمت الدكتورة سمية بنت سعيد البرعمي أستاذة مساعدة للإدارة التربوية بجامعة ظفار ورقة العمل الثالثة حول “مقترحات للتماسك الأسري” وضحت فيها بأن الأسرة العمانية تلعب دورا محوريا أصيلا في اجتثاث الأزمات المجتمعية، وهذا لا يتأتى إلا من خلال استشعار الأسرة لمسؤولياتها المنوطة بها، وإشباعها لحاجات أفرادها النفسية والجسدية والعاطفية بما يحقق تماسكا أسريا وبالأحرى يحقق تماسكا مجتمعيا، مضيفةً بأن ندوة التماسك الأسري لوزارة التنمية الاجتماعية أكدت على أهمية تنمية قدرات مختلف شرائح المجتمع العُماني، وتعزيز قيم الروابط الأسرية؛ لإيجاد مجتمع متماسك.
وجاءت بعدها أعمال الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور علي بن سهيل تبوك أستاذ مساعد بعلم الاجتماع الرقمي بجامعة ظفار والتي تضمنت ثلاث أوراق عمل إذ ناقشت الورقة الأولى “استراتيجيات مقترحة للحد من ظاهرة الطلاق في المجتمع العماني” قدمها الدكتور أحمد بن علي المعشني رئيس مركز الدكتور أحمد بن علي المعشني للاستشارات النفسية والأسرية وضح من خلالها عددا من الحلول للحد من ظاهرة الطلاق كتقليل تكاليف الزواج المبالغ فيها والتي تكبل الزوجين بقيود القروض والديون من بداية حياتهما الزوجية، والكشف الصحي قبل الزواج وإخبار الطرف الآخر في حال وجود مشكلة صحية، وكذلك زيادة الوازع الديني واستعراض القرآن الكريم وحياة الرسول عليه السلام وجعلهما منهجا لاختيار شريك الحياة، وأيضا ضرورة حل الخلافات الزوجية أولا بأول بشكل يمنع التراكمات والمشاحنات فيما بينهم، وغرس أهمية وقدسية رباط الحياة الزوجية في ثقافة الأطفال التربوية من خلال تخصيص مادة دراسية تهدف إلى تربيتهم تربية صالحة، إلى جانب الحفاظ على الثقة المتبادلة بين الطرفين وإقامة أسس الحب والاحترام بينهما.
الخلية الأساسية
وعرج الدكتور مصلح بن مسلم المجالي أستاذ الإرشاد النفسي والتربوي بقسم التربية بجامعة ظفار في الورقة الثانية التي حملت عنوان “النزاعات الأسرية ما بين نمط الشخصية وأسلوب التفكير” إلى أن الأسرة هي أحد أهم المؤسسات الاجتماعية المنظمة لعلاقات التواصل الإنساني السليم، وبذلك فإن سلامة الأسرة وتوافقها تعبر عن سلامة المجتمع بأكمله، حيث باتت الأسرة تشكل الخلية الأساسية في بناء المجتمع والمحافظة على بنيانه.
الذكاء العاطفي
وأردف بعدها الدكتور أحمد بن سعيد عبداللطيف بيت عامر رئيس وحدة الطب السلوكي للأطفال والمراهقين بمستشفى جامعة السلطان قابوس في الورقة الثالثة بعنوان “الذكاء العاطفي وكيفية تنميته في الأسرة العمانية” أن الذكاء العاطفي يلعب دوراً جوهرياً في النجاح في الحياة الزوجية والأسرية والحفاظ على استقرارها، وضرورة تدريب الأزواج على تنمية الذكاء العاطفي واستخدامها بشكل صحيح، وكذلك تدريبهم على مهارات الوعي الذاتي وضبط الذات والتحفيز، وأهمية رفع مستوى مهارات التعاطف الاجتماعية وهي إحدى مهارات إدارة العلاقات.
وقام راعي حفل ختام الملتقى صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، ومعالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجّار وزيرة التنمية الاجتماعية بتكريم الجهات المنظمة والمسؤولين عن إقامة الملتقى.