فاطمة امرأة جميلة متزوجة ولديها ثلاث بنات وحلمها الكبير أن يرزقها الله بالولد فكانت تدعو الله وتتمنى الصبي في كل حمل كانت تحمله اما زوجها فكان فخورا بهن وسعيدا بما رزقه الله …ومرت السنوات وحملت فاطمة بحمل جديد وكل أملها ان يكون صبيا وكم كانت فرحتها كبيرة عندما اكملت الشهر السابع وذهبت للفحص الدوري وأخبرتها الطبيبة أن المولود ذكر فتهللت وأستبشرت واخذت تشتري وتنتقتي له احلى الملابس وأفخم سرير وأجمل الفرش.. وحان موعد الولادة وتهلل وجهها بالفرح عندما استمعت لصوت بكاء الطفل وكأنه سنفونية جميلة حملت الطبيبة الجنين وهي تقول : يالها من طفلة جميلة تشبه القمر .. تفاجأت فاطمة من حديثها ..وكانت تصرخ بقوة : لا لا لا اريد بنتا..لقد قالوا لي بأن الجنين ولدا…فاجابتها الطبيبة :قد يخطئ البعض وقد يصيب كل شيء بأمر الله ..فوضعتها فوقها فصرخت وهي تقول : لا اريدها أبعديها بعيدا عني ..أبعديها
فنادت الطبيبة زوجها وهي تخبره بان زوجته أحضرت بنتا فتهلل وجهه وهو يحملها قائلا :مرحبا بابنتي الغالية ..والحمد لله على سلامتك ايتها الحبيبة ساسميك((وفاء)) واناهنا معك ياجميلتي ..امك مرهقة الان لنتركها قليلا لترتاح …
ولكن الام لم تتقبلها مثلما توقع الاب وبمرور الايام والسنوات احست وفاء بان امها لا تحبها فهي لا تحتضنها ولا تقبلها ولا تتحدث إليها الا بلغة الضرب والصراخ .
في يوم أتت وفاء طائرة من الفرحة تنادي امها بأعلى صوتها فرحه لتخبرها بنجاحها بتفوق
اماه اماه ..لقد تفوقت على زميلاتي ..انا الأولى على بنات صفي ..قابلتها امها ببرود وهي تقول : لا داعي للصراخ اذهبي لابيك فهو الذي يدلعك كثيرا ولست انا ..تحطمت فرحتها وبكت وفاء كثيرا كان بكاءها يقطع القلب فأسرع إليها اباها متسائلا وهي تقول : لماذا يا امي ؟؟..لما لا تحبيني كبقية اخوتي ماذا فعلت ؟؟ فحضنها والدها بقوة وهو يقول لها: امك تحبك ولكنها مرهقة الآن …
لا يا أبي..لا ..امي عمرها لم تقل لي كلمة جميلة ولا أذكر انها قبلتني في يوم من الأيام..احضرت لها شهادتي بتفوق وقلت لربما يفرحها الأمر ولكنها لم تلتفت الي حتى بابتسامة ..واخذت تبكي والاب يصبرها ويعطيها الأعذار…ولكنها جرحت وجرحها عميق .
مرت السنوات ورزق الله فاطمة بالولد اخيرا وكانت فرحتها تفوق الوصف وطبعا الحب كل الحب الان سيكون لحبيبها المدلل محمد الذي كانت لا تتوانى في إحضار أي طلب يريده ..كانت وفاء تنظر لهم والدمعة لا تفارقها ولكن أباها الحنون يساعدها ويساندها على تخطي إهمال زوجته لها ويحثها لإكمال دراستها والتفوق
تخرجت وفاء مهندسة بعكس اخواتها اللواتي تزوجن بدون إكمال دراستهن اما محمد فكان اما متغيب او مطرود من المدرسة او البيت…
في يوم مرضت فاطمة مرضا شديدا فأخذها زوجها ومعه وفاء للمستشفى الذي فأجأهم الطبيب بان فاطمة لديها فشل كلوي في الكليتين ولابد من متبرع لها بصورة عاجلة فاخبر اولادها بان يبدأو في إجراء الفحوصات لتطابق لكليتهم مع امهم الا ان بناتها رفضن بحجة انهن صغيرات ولديهن أطفال لتربيتهم أما محمد فقال انا مازلت صغيرا واريد ان اعيش حياتي …لم تبقى الا وفاء التي كانت قد قامت بإجراء الفحوصات بالفعل وتطابقت فحوصاتها مع كليتي امها .
بعد اسبوع من العملية أخبر ابو وفاء زوجته :أن أولادك تخلو عنك ولكن وفاء التي رفضتها والتي كرهتيها كل تلك السنين هي من انقذتك…هي وفاء وفاء يا فاطمة
فكرت الام كثيرا ندما على كل ما فعلته بإبنتها …ناد الاب وفاء فاسرعت لحضن امها.. كم كانت متعطشة لهذا الحضن و الاحساس بالحب والحنان ولاول مرة تقول لها امها : سامحيني يا ابنتي ..انتي الغالية …كم انت جميلة الروح ..سامحيني على كل تلك السنوات الماضية القاسية ..لقد كنت عمياء لا أرى الا ما اريد …سامحيني…
هنا وضعت وفاء يدها على شفتي امها قائلة: ساحبك فانت امي ….
بكت الام وهي تقول : انت وفاء وبك الوفاء ياغاليتي …احبك
هدى الزدجالية
#عاشق_عمان