التطورات المستمرة في المشهد الفلسطيني تضع القضية في صدارة الأحداث الاقليمية والدولية حيث يرسم الشعب الفلسطيني قواعد اشتباك جديدة وإن كانت على مستويات فردية إلا أنها كبدت كيان الاحتلال خسائر كبيرة، وهذه المعادلة بلا شك تمثل قضية شائكة على شكل قنابل موقوتة تتحرك في فلسطين المحتلة والأخطر أنها تتجاوز مدن الضفة الى داخل مناطق ما يسمى ال٤٨، كما أن تزايد هذه العمليات بات يمثل حالة قلق مستمرة تجسد حالة من حالات الصراع الفلسطيني مع كيان الاحتلال .
الحدث الأخير الذي تمثل باستهداف جيش الاحتلال بعض مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية والتركيز على مدينة جنين التي دائما تقدم اضاءآت نضالية كبرى في مثل هذه المواجهات حيث تعيد الذاكرة الى صمودها العظيم عام ٢٠٠٠ م وخلال انتفاضة الاقصى ما حدث في المواجهة الاخيرة لتثبت هذه المدينة الباسلة وغيرها من المدن الفلسطينية أنها على الوعد وفي الموعد مع كل استفزاز صهيوني، واليوم لا غرابة أن يأتي الرد انتقاما لاقمار جنين التسعة الذين شيعتهم فلسطين ليلة الجمعة الماضية يأتي الرد فورا على يد شاب فلسطيني من سكان القدس الشريف (خيري علقم) الذي أكد على أن هناك أدوات استراتيجية تمتلكها المقاومة ويحتفظ بها هذا الشعب العظيم، فكانت العملية البطولية التي تأرت لشهداء جنين ردا من قبل مواطن فلسطيني واحد تجاوز كل قدرات جيش الاحتلال، ولكن الرسالة الاوضح هنا ما تمثله مثل هذه العمليات من تداعيات أمنية لتكرس قاعدة من قواعد الرد الفلسطيني وتكسر قواعد الأمن الاسرائيلي وتؤكد أن القضية الفلسطينية معززة بأوراق قوة متعددة ومتنوعة وأن هذه العمليات الفدائية الفردية باتت أحد أهم خطوط التأثير الفلسطيني .
الحديث عن العمليات النوعية ردا على الاجتياح الصهيوني لمناطق فلسطينية ينقل الصراع نحو معادلة أخرى أشد إيلاما تأكيدا لعودة العمليات الفدائية وهي إحدى البدائل الفلسطينية، كما أن تأجيل معادلة غزة – القدس أو غزة – الضفة لأسباب تكتيكية أو تهدئة مرحلية لكنها تظل الخيار الفلسطيني الأول، ولا شك أن هذه المعادلة تريثت الفصائل في تفعيلها باعتبار أن البدائل الفلسطينية الأخرى يمثل خطرا أوسع ويمتلك كل مبادئ الحرب مثل اختيار الهدف والمفاجأة والأمن والتخفية والسرعة وحرية المناورة وتحديد المسئولية الفردية عن العملية، وهذا النموذج القديم الحديث الذي يعود للواجهة مجددا يضع الاحتلال في موقف حرج جدا لا سيما بعد تكرار هذا النوع خلال السنوات الأخيرة، مما يؤكد أن الشعب الفلسطيني البطل يتولى زمام المبادرة في إدارة الصراع مع العدو، وأنه مقابل أي استفزاز أو اجتياح أو اقتحام لمقدساته قادرا على الرد ليكبد كيان الاحتلال خسائر فادحة من خلال عملية واحدة وهذه العمليات لا يمكن السيطرة عليها على الاطلاق مهما حاول جيش الاحتلال تجنبها بتشديد الحصار واقامة نقاط التفتيش لأن هناك رجالا بعزائم أبطال وقدرات ملائكية قادرون على تحقيق المعادلة .
المعادلة الأعظم غزة – الضفة مؤجلة لاعتبارات وساطية أو تكتيكية أو بالأحرى مؤجلة لوقت ما لكنها تظل الخيار الفلسطيني الاول فلا يمكن لفصائل المقاومة أن تصمت كثيرا أمام ممارسات الاحتلال في القدس وعموم مدن الضفة من تدنيس واقتحام للاقصى أو هدم منازل أو استحواذ على مساحات فلسطينية جديدة أو مصادرة أراضي في سلوان أو حي الشيخ جراح في القدس القديمة أو أي اعتداءات على أبناء الشعب الفلسطيني في جنين أو نابلس أو الخليل أو بقية المناطق في فلسطين المحتلة وأن هذه الممارسات والاستفزازات من قبل جيش الاحتلال وحكومته اليمينية المتطرفة سوف تعيد الى الواجهة هذه المعادلة (غزة – الضفة) وسوف تفعل بقرار موحد من قيادات المقاومة شعارها الدفاع عن فلسطين واستعادة الحقوق المشروعة، لذلك فالرسالة الفلسطينية واضحة وتؤكد لكيان الاحتلال إن لم يستفق من علوه الأزلي المعهود فعليه أن يتحمل كل معادلات الرد الفلسطيني، وكما قال سبحانه في محكم كتابه الكريم: “ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا” صدق الله العظيم . هذه هي النهاية والوعد الإلهي الذي يقترب ويدركه الاحتلال وكل هذه الارهاصات ما هي إلا مقدمات لمشروع التحرير العظيم، الله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .
خميس بن عبيد القطيطي