التجارة المستترة مرضٌ عُضال وآن الآوان لعلاجه
*التجارة المستترة بين الواقع والحقيقة *
*فإننا نستطيع القول أنها خطوة جريئة وفعالة سوف تساهم في معالجة هذه القضية والقضاء عليها تماماً*
إن قرار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار يعتبر الحقنة المنيعة والمضادة للتجارة المستترة
إن التجارة المستترة مرضٌ عضال أصاب السلطنة منذ سبعينيات القرن الماضي ، ويعتبر هذا المرض من أخطر التحديات الي تواجه كافة أقطار العالم بشكل عام وسلطنة عمان بشكل خاص . فهي من الآفات التي لا يمكن رصد تحركاتها وتأثيرها بسهولة والتي تؤثر بشكل مباشر على استنزاف اقتصاد البلد من خلال الضغوطات التي قد تمارسها من وراء الستار خاصة عندما تكون كبيرةً جدًا وذات عوائد مرتفعة باختلاف نوع النشاط ومدى انتشاره وقوته .
إن التجارة المستترة ظاهرة خطيرة كان لابد من التعامل معها واستئصالها من جذورها
فقد تعددت أشكال الاستغلال لخيرات هذا الوطن بطرق خبيثة ومتنوعة وأصبح الكثير من التجار يمتلكون فقط إسم على الورق في الكثير من الانشطة وذلك ليسهل الطريق أمام العمالة الوافدة في السيطرة على معظم المنشآت العاملة بالأنشطة وبذلك فإن الوافد أصبح هو المالك الحقيقي لتلك الانشطة ويستفيد منها بشكل أوسع ويلقي فُتات الربح القليل لصاحب الاسم الذي سُرق اسمه لإجراءات التراخيص والبيانات في العمل .
ولعل أن التجارة المستترة أصبحت السد المنيع ضد الكثير من المواطنين في ممارسة الأنشطة والتجارة الحرة وكسب رزقهم وذلك لأن الوافدين هم المسطيرون بصورة أو بأخرى على السوق والأنشطة المختلفة . وكل ذلك يؤدي في النهاية إلى وضع المواطن المتفرغ الطموح في خانة عدم القدرة على منافسة الوافد ، وقد يتكبد حينها خسائر باهضة يضطر بسببها إلى إغلاق نشاطه الذي يعتمد عليه كمصدر لكسب رزقه وقوت عياله .
ولعل التجارة المستترة كان لها الدور البارز في الوقوف أمام طموحات الباحثين عن عمل ،و ذلك لأن المواطن المتفرغ والمحب للعمل أصبح في حالة الخوف والقلق من منافسة الوافدين الذين أمسكوا ذراع السوق من النصف ولم يصبح للمواطن القدرة على الوقوف أمامهم او منافستهم وهذا مما خلق بيئة صعبة للباحثين عمل في دخول السوق خوفًا من الخسارة .
إن قرار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار الذي سوف يساعد بشكل فعال في التغلب على هذا المرض بس وأنه سوف يساهم في التقليل من التحويلات المالية الكبيرة للوافدين الذين أصبحوا في بلدانهم من الأثرياء وكل ذلك كان على حساب المواطن و عدد كبير من الباحثين والمسرّحين من العمل .
وممّا يُذكَر في هذا الشأن قول السلطان الراحل قابوس طيّب الله ثراه بموضوع التجارة المستترة وتشديده على خطورتها ، وممّا قاله :
“…… الأهم من ذلك كله ، وأقول بكل وضوح ، هو أن نبتعد عن التجارة المستترة ، فهي ليست في صالح أبنائنا وبناتنا ، ولا في صالح الكبار الذين يرون الاستفادة من الوافد نظير مال يسير يتقاضونه من الوافد ، وذلك فيه مضرّة بالاقتصاد الوطني تماماً ، ويجب أن نعي هذا الشأن ، ونعطيه كل الاهتمام لأن فيه خسارة لهذا البلد ”
(سيح الشامخات في ٢٠١٣/١/٢٧)
وهذا ليس الا دليل ساطع على خطورة التجارة المستترة وتأثيرها الواسع على اقتصاديات الدولة ونموها .
وكما يتضح لنا فإن التجارة المستترة تعمقت جذورها في المجتمع العماني في كل أنواع اقتصادياته المهنية ، التجارية والزراعية والصناعية وفي مختلف الأنشطة
والمجالات .
ولعل جهود السلطنة في السنوات الماضية كانت محط لفت الانظار الا أن هذه الظاهرة كانت صامدة أمام كل تلك الجهود . لذلك بعد قرار مكافحة التجارة المستترة الصادر من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاسثمار وبمساعدة الجهات الأخرى فإننا نستطيع القول أنها خطوة جريئة وفعالة سوف تساهم في معالجة هذه القضية والقضاء عليها تماماً .
ومن هنا فإن قرار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار يعتبر الحقنة المنيعة والمضادة للتجارة المستترة بل وإنه سوف يعمل على معالجة هذة القضية من كل الجوانب حفاظاً على المجتمع العماني من الآثار المترتبة منها ويأتي ذلك من خلال المتابعة لتنفيذ القرار بمساندة الجهات الأخرى و الرقابة الشاملة على الأنشطة والمنشآت بمختلف أشكالها بما فيها التأكد من صحة البيانات والمعلومات في الوثائق والتراخيص إضافة الى توعية افراد المجتمع عبر مختلف الوسائل الاعلامية حول التجارة المستترة والعقوبات والجزاءات المترتبة في حين مخالفة نص القرار .
ومن هنا يأتي دور المواطن في تقديم يد العون للجهات المعنية والإبلاغ عن حالات التستر لإتخاذ الاجراءات القانونية وبذلك يستطيع حينها المواطن العماني ممارسة الانشطة المختلفة وسط تنظيم قانوني مبني على تشريعات وأسس قانونية ورقابة شاملة في مختلف المجالات .
هزاع بن صالح البلوشي – مدير العلاقات العامة بشركة الهوية الاولى للعلاقات والدعاية والاعلان