لقد أوجدتم من أنفسكم الخصم والحكم، وأتحتم لأنفسكم الحق في سلب ما في جيوب الناس من مالٍ، وذلك مقابل خدمة ليس فيها خيار.. أو منافسة، فصار المواطن والمُقيم ضحيتكم الافتراضية، وقد أخضعتم الغني والفقير، والحكومة والرعية لفواتيركم المرتفعة، حتى أصبحتم بلا شاكر يشكركم، ولا راضٍ بخدماتكم، وكما يُقال: لقد أنعدم شاكروكم ولا نقول قَلّ؛ بل والكل صار يشكوكم إلى الله.
نعم إن شركة “نماء” بحديها القاطعين الكهرباء والماء، هي الخصم والحكم، ولأنَّ هذه الشركة هي من تُصدِر الفواتير بصحيحها وغيره، أو تلك التقديرية.
وإذا المرء تمنع عن الدفع احتجاجًا على الغلاء أو سوء الخدمات، ارغمتك الشركة بالدفع، وذلك بقطع الخدمة، وهي الخدمة التي لا غنى اليوم عنها، فإذا أنت استغنيت عن الماء، باستخدام الصهاريج، فإن الكهرباء ليس لها بديل، إلا شركة “نماء” صاحبة الكهرباء والمياه وحدها ووحيدها وبمفردها.
هذه الشركة أصبحت خصمًا للجميع، إلا الدافعون بصمت مع ضمان السكوت الطويل، فأصبح الكل عليه أن يدفع المقسوم، والمقرر من هذه الشركة، وعلى الكل أن يدفع ودون كثرة جدال، وإلا مشرط القطع مشهور كالسيف.
إنها الشركة الوحيدة التي بيدها استيفاء الحق بالذات، وهي الوحيدة صاحبة مبدأ “ادفع ثم راجع”، فإذا اشتكيت من ارتفاع الفواتير، سيطلب منك اختيار واحدة من الشركات التي تتعامل هي معها، وذلك لتقوم بالفحص والتأكد من صحة الشكوى، وعلى حسابك أنت وليس على حساب نماء، وإذا اشتكيت في المحاكم سينتدب خبير من الشركات التي تعمل تحت يدها، وهي بالطبع تحتاج إلى رضاها.
قال لي صديق: كنت أدفع معدلًا شهريًا 140 ريالًا لكهرباء البيت، ومرة من المرات أتفاجأ أن المبلغ قفز إلى 630 ريال، فذهبتُ أبحث عن مسؤول لكي أتحدث معه، وأفهم منه أين وقع الخطأ، فقيل لي مرة لم تدفع فاتورة شهر، فقلت ليكن الضعف وليس ثلاثة أضعاف، فأرشدوني في قاعة الخدمات إلى هاتف أسود مُعلق على الجدار، لكي أشكو إليه مشكلتي، فسألت من سيكون على الطرف الآخر، فقيل لي موظف، فقلت: أريد مسؤول صاحب قرار اتحدث معه، فقيل لي هذا النظام المعمول به لدينا.
فعلمت أن الموضوع هو مجرد متاهة طويلة، ولأنَّ الفاتورة كانت تحمل إنذارًا بالقطع، فما أحببت المغامرة، فوالدي يعيش معي في البيت، وهو كبير في السن، وإذا قطعوا الكهرباء، سوف ينصهر من شدة الحرارة، لذلك اضطررت إلى الدفع!
وصديق آخر يقول: لدي منزل في البلد، وفي فترة المدارس نقيم في بيتنا الذي في مسقط، ولكن أتفاجأ أن فواتير الكهرباء والماء تأتي وكأننا نسكن هناك، فعندما سألت عن السبب قيل لي: إنها القراءة التقديرية، فقالوا لي عليك أن تكلف أحدًا بتشغيل المكيفات لمدة أسبوع على الأقل، وذلك حتى تتحرك أرقام العداد، ولا تحاسب بالقراءة التقديرية.. وهكذا كان المقترح بالحل!!
وصديق آخر يقول: كان بمنزلي عدادان للمياه، وتأتي القراءة متساوية من العدادين تقريبًا، فطلبت من الشركة أن يقطعوا أحد العدادين، ففعلوا وأخذوا العداد معهم، وأغلقوا أنبوب المياه، ولكن فواتير العداد المقطوع ظلت مستمرة، والفواتير في ارتفاع شهري، وراجعت المسؤولين في الشركة عدة مرات، ولكن دون جدوى، وخشيت أن يقطعوا العداد الحقيقي، لإرغامي على الدفع، فلجأت للنشر عن الحالة في الواتساب، لعل أحداً من الذين يعرفون المسؤولين يساعدني، ولحسن الحظ حصل المتوقع، فشاهد المنشور أحد الأشخاص، وبواسطته تم وقف الفواتير الوهمية.
ومن أراد أن يعرف المزيد من القصص عن فواتير شركة نماء، فليدخل وسائل التواصل الاجتماعي، وسيعرف العجب العجاب، والآن طالعين علينا بحيلة جديدة، ألا وهي جدد معلوماتك الشخصية، وإلا سنعتبرك وافدًا، طيب إذا نحن في المرة الأولى احتجنا ما يقارب ستة أشهر، حتى نثبّت المعلومات الشخصية بالوثائق المطلوبة.
وأخيرًا أقول للمسؤولين: ألا يكفي من تجارب الأخطاء السابقة والقائمة من خصخصة الشركات الحكومية، التي خدمت أصحاب الجشع والطمع، ولم تخدم الحكومة والشعب معًا؛ إذ إن خدمات الكهرباء والماء، خدمات أساسية وضرورية، ليس للمواطن وحسب، وإنما لتطور البلاد وتقدمها، فالمستثمر يحتاج الكهرباء والماء.. لكي يستمر وينتج، وتنمية التجارة والصناعة تحتاج إلى الكهرباء والماء.. لكي تستمر وتطور، وكذلك التنمية الزراعية، والشركات الصغيرة والمتوسطة، فلماذا تجبرون الناس، وتقدموهم مرغمين على مقصلة الكهرباء والماء، وذلك دون حول أو قوة منهم.. وأنتم أعلم بأسلوب أرباب الجشع والطمع، يقولون: هل من مزيد؟!
حمد بن سالم العلوي