◄ معرقلو التقدم والتنمية ليسوا بالضرورة أن يكونوا من فئة المسؤولين الحكوميين وخاصة متخذي القرارات فقط، لكن يشمل الجميع ويمتد إلى أصغر موظف
تحتار أحيانًا في عنونة المقال، فكنت مُخيرًا بأن اختار هذا العنوان الواضح أعلاه، أو اختار عنوانًا إيجابيًا مثل “داعمو التقدم”، واخترت العنوان أعلاه لأن كثيرًا من القراء يميلون إلى العناوين الجذابة والحماسية والحادة، ومن هذا المنطلق تم تحديد العنوان المُختار، ولكن ما تبقى من مساحة المقال سأتطرق فيه إلى معرقلي أو داعمي التقدم والتطور.
فمن هم معرقلو التقدم في أي بلد؟ هم أولئك الذين أتيحت لهم فرصة اتخاذ قرارات مصيرية تمس حياة النَّاس وتطور المجتمع وتقدمه، فلا يقرر أو يتخذ قرارًا خلاف ذلك، أو يؤجل هذا القرار عن قصد أو دون قصد، ولا يعلم انعكاسات ذلك على الفرد والمجتمع والدولة. معرقلو التنمية هم من يبحثون عن مصالحهم الخاصة في كل قرار أو إجراء أو تشريع؛ سواءً كان من مسؤول أو من أصغر موظف، أولئك الذين يعلمون أن هناك ثغرات في القوانين والتشريعات والإجراءات التي يُمكن أن تعدَّل وتُجدَّد ويمكن تطويرها لما يتواكب مع المتغيرات الآنية والمستقبلية، لكنه يبقى صامتًا مُراقبًا ولا يحرك ساكنًا، ويلقي اللوم على غيره، رغم أنَّه يمكن أن يستخدم سلطته أو علاقاته أو قوة تأثيره ليكون داعمًا ومبادرًا وذا قيمة مضافة لبلده.
معرقلو التقدم والتنمية ليسوا بالضرورة أن يكونوا من فئة المسؤولين الحكوميين وخاصة متخذي القرارات فقط، لكن يشمل الجميع ويمتد إلى أصغر موظف إتكالي أو كسول لا يستوعب أهمية إنجاز مصالح الناس بجودة عالية وسرعة فائقة؛ فالمعرقلون درجات، ونسبة العرقلة متباينة حسب الصلاحيات والواجبات وتأثير كل شخص.
فهل نحن كأفراد المجتمع يمكن أن نكون جزءًا من معرقلي التقدم؟
الجواب من وجهة نظري: نعم.. وذلك لإيماني بأنَّ كل فرد منَّا يمكنه من خلال أفكاره ووجهات نظره أو علاقاته أو سلوكياته أو محيط تأثيره أو أي أداة يملكها يمكنه أن يكون قيمة مضافة لبلده، عليه فهناك مسؤولية جماعية تقع على الحكومة بمؤسساتها وأفرادها الذين يعملون بها والمجتمع والمؤسسات المدنية المختلفة، ويبقى التأثير متباينا بين طرف وآخر.
خلاصة القول.. إنَّ وطننا لا يحتاج أبدًا إلى مزيد من معرقلي التقدم أيًّا كانوا؛ بل يحتاج إلى الكثير من “داعمي التقدم” أينما وجدوا، ويكون ذلك من خلال قراراتهم الحكومية الحكمية، وأفكارهم النيرة المبتكرة، وسلوكياتهم اليومية، وتفاعلهم الإيجابي المستمر، وحوارهم البناء، وجهدهم الذي لا ينقطع رغم التحديات أو الإحباطات؛ فالدول- ومنها عماننا- لا تتقدم ما لم تكن الغلبة والأكثرية تتألف من فئة “داعمي التقدم” مقارنة بمعرقليه من الإتكاليين والمتقوقعين والمحبطين ومن يشبههم.
خلفان الطوقي