لم يكن السقوط حصرًا على الصهاينة وكيانهم الغاصب، وإنما شمل هذا السقوط أمريكا والغرب المنافق معها، وطغاة العرب، وخونة الأمة، وذلك من هول ما حصل في صبيحة السابع من أكتوبر 2023م في غزوة “طوفان الأقصى”، هذه الغزوة المُباركة التي خَطَطَ لها ونفذها الجنرال الفلسطيني (محمد الضيف أبو خالد) والتي أصابت الكيان الصهيوني بالشلل التام، ولمدة تزيد على أربعة وعشرين ساعة؛ الأمر الذي جعل أمريكا ترسل على عجل حاملة الطائرات (جيرالد فورد 78) وطاقمها الحربي المُرافق لها من مجموعة مدمرات حربية، والآن تُوعز أمريكا إلى حاملة طائرات حربية أخرى، لكي تبحر لنجدة إسرائيل وبرفقتها مجموعتها القتالية، كما أرسلت فرنسا دعمها كذلك، وأرسلت بريطانيا أيضًا بارجتين حربيتين لنصرة ربيبتهم إسرائيل، التي صنعت على أعينهم وأيديهم، لتظل شوكة في قلب الوطن العربي.
لكن؛ وكما أكد الدكتور حيدر بن علي اللواتي، العميد والبروفيسور السابق في جامعة السلطان قابوس، وبروفيسور الحاسوب والذكاء الاصطناعي في جامعة الكويت للعلوم والتكنولوجيا حاليًا، خلال حديثه لإحدى الفضائيات العربية يوم معركة “سيف القدس”، “نجحت المقاومة الفلسطينية في تحطيم هيبة الردع الصهيوني، وفرضت معادلة جديدة الصواريخ مقابل سلاح الطيران، وأنهت أكذوبة الردع الصهيوني، ونجحت في نسف نظرية أمن الكيان الصهيوني، والصهاينة سيعيشون من اليوم وصاعدًا الرعب والقلق، ومتوقع هجرة معاكسة نحو دول الغرب، ونجحت في إعادة بوصلة الأمة نحو عدوها الأكبر، بعد أن حاولت أبواق الصهيونية والعربية المتصهينة حرفها بعيدًا عن الكيان الصهيوني، ونجحت في إحياء قضية فلسطين والقدس، وجعلت القضية الفلسطينية تتصدر من جديد المشهد العربي والإسلامي والعالمي والإنساني، وذلك بعد عقود من التهميش. لقد نجحت المقاومة كذلك في إفشال التطبيع، وصفقة القرن، واتفاقات أبراهام، والتي استهدفت شرعنة الاحتلال، واستباحت المقدسات، ونجحت في إفشال مساعي العرب المتصهينة في تشويه صورة الشعب الفلسطيني، وذمّهُ وتخوينهُ وإظهارهُ بائعاً لقضيته، وأكدت تمسك الشعب الفلسطيني بقضيته، ونجحت في تكريس معادلة جديدة، تربط القدس بغزة، بعد أن كانت القدس خارج نطاق المقاومة، ومن الآن أي انتهاك أو اعتداء ضد القدس، سوف يكون هناك رد فعل من المقاومة، وباختصار حققت المقاومة نصرًا استراتيجيًا كبيرًا، وجعلت المشهد أكثر وضوحًا للشعوب، إذن؛ فلسطين هي القضية، والكيان الصهيوني هو العدو، والأقصى هو الهدف والشعار .. فهذا الكلام كان عن معركة “سيف القدس” وكانت معركة بالصواريخ وحدها”. (انتهى تعليق الدكتور حيدر).
إذن؛ ما عسانا أن نقول عن غزوة “طوفان الأقصى” التي شملت هجوماً بالصواريخ بداية ويقدرها الصهاينة بثلاثة آلاف صاروخ، وخمسة آلاف صاروخ كما قالت غرفة العمليات المشتركة في غزة، ومعنى هذا أن الهجوم لم يكن خلسة، أو تحت جنح الظلام، ولكن هجوم الشجعان كان ضحى وعلى رؤوس الأشهاد؛ حيث بدأ بهجوم بري بعشرات السيارات ذات الدفع الرباعي، ودراجات نارية، وكوماندوز جوي بطائرات شراعية، وهجوم بحري بالضفادع البشرية، وقد أفنت المقاومة في غزوتها هذه، فرق عسكرية بأكملها، ودمرت دبابات وآليات عسكرية، وغنمت عددا كبيرا من الأسلحة والآليات الحربية، وكذلك استحوذت على معلومات استخبارية لا تقدر بثمن.
وقد علم مسبقًا هذا المُخطِط الإستراتيجي الكبير، أنَّ البدء بالهجوم الصاروخي له عجائب كثيرة، فسيحقق أهدافًا سريعة؛ حيث سيدفع بجرذان الصهاينة إلى الملاجئ، وهنا يسهل صيدهم صيد الشباك وبالجملة، وأخذهم أسرى إلى غزة العزة والشموخ، وهذا ما حصل بالضبط، فسِيق القطعان جمعًا وفرادى إلى غزة، لكي يبدأ وضع مختلف بشأنهم، وذلك بعد أن تضع الحرب أوزارها، والمتوقع أن تُبيّض سجون العدو من الأسرى الفلسطينيين المظلومين جميعهم، مع ضرورة الوضع في الاعتبار شرطًا مهمًا، ألا يتم تصفيتهم غدرًا بعد الإفراج عنهم كما جرت العادة، أو إعادة القبض عليهم من جديد.
إنَّ بعض المرجفين في الأرض، ولكي يذرُّ الرماد في العيون، تجدهم يتباكون على شهداء غزة، فنقول لهم؛ لا داعٍ لذرف دموع التماسيح على أبطال غزة، لأن كل فلسطيني على أرض فلسطين، هو ضمن مشاريع القتل والتصفية والإقصاء، أو أن يهجُّ في أرض الله الواسعة.. عدا فلسطين، إذن؛ وكما يقول المثل؛ النصر يساوي صبر ساعة.
وبعد هذه الغزوة المباركة، سيرحل الصهاينة إلى بلدانهم التي أتوا منها، فهم قد أتوا للعيش الرغيد في الأرض الموعودة، التي قيل لهم إنها أرض بلا شعب، ولكن الشعب الفلسطيني وعلى مدى 75 عامًا، ظل يقول لهم كل يوم وإلى اليوم ها أنا ذا موجود على أرضي، وعلى المحتل الغاصب أن يغادر، وإن الحياة على أرض فلسطين، لا تقبل القسمة على اثنين، بدليل أن الصهاينة لا يرون في الفلسطينيين شركاء لهم، وإنما بعض من الحيوانات غير الأليفة.
إنَّ هذا الجمع الغربي غير الحميد، قد بلغ به الملل، وهم يقدمون كل شيء لإسرائيل منذ 75 عامًا، وذلك حتى تطوع لهم إسرائيل الوطن العربي، وقد عجزت أن تحمي نفسها، وذلك رغم البطش والغدر والتنكيل والفصل العنصري، فإنها لم تقوَ على الوقوف أمام أول غزوة حقيقية تقوم بها المقاومة الفلسطينية، وأن الهزائم سوف تتوالى من بعد هذه الغزوة.
لذلك نقول إن الجميع سقطوا عند أسوار غزة، تلك الأسوار العظيمة التي دفع فيها دافعوا الضرائب في الغرب ثمانية مليارات دولار، لم تصمد ساعة واحدة أمام المقاومة، ولن يجدي نفعًا التدمير بالطائرات والصواريخ، ولا الحشود الغربية الكبيرة في بحر فلسطين، وإنما سوف تزيد من إصرار المقاومة على التحرير، وتزيد الشعب الفلسطيني على التمسك بأرضه وبالمقاومة، فحتى الخونة سيكفون عن خيانتهم، عندما يرون المستقبل لا يسير في صالحهم.
وخلاصة القول نؤكد على القاعدة الذهبية “من يجرؤ ينتصر”؛ فطوفان الأقصى الجريء والشجاع له ما بعده، والنقاط التي ذكرها الدكتور العُماني حيدر اللواتي، وأوردتُها حرفيًا في مطلع هذه المقالة، ستتحقق كذلك حرفيًا، وهو كان يعلق على عملية “سيف القدس” التي جرت قبل عامين من غزوة “طوفان الأقصى”. إذن.. على الصهاينة أن يحجزوا تذاكر المغادرة، وأن أمريكا والغرب المهزومين في أوكرانيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وشرق آسيا، قد فهموا الحقيقة المُرّة لأن غزوة طوفان الأقصى، هي بداية النهاية للمسرحية الدامية في فلسطين..
نصر الله المقاومة، وأيدها بالقوة والتمكين، وإن النصر آتٍ بإذن لله، وينصر الله من ينصره.
حمد بن سالم العلوي