دخل الصراع طويل الأمد بين الكيان الصهيوني وفلسطين مرحلة ساخنة منذ 7 أكتوبر 2023، وإلى وقتنا هذا، بعد أن أعلنت حركة حماس الإسلامية الفلسطينية إطلاق عملية طوفان الأقصى وقصفت الأراضي “الإسرائيلية”، رداً على ذلك، أعلنت القدس (تل أبيب) حالة الحرب وأطلقت عملية السيوف الحديدية مع قصف منتظم لقطاع غزة.
ولم يقتصر الأمر على قطاع غزة فقط، فكيان الاحتلال بالتوازي مع ذلك، يقصف أيضاً كل من سوريا ولبنان معاً.
كيف جاء الكيان الصهيوني منم العدم إلى الوجود؟
العلاقات بين الكيان الصهيوني وفلسطين لم تكن سلمية على الإطلاق، لقد بدأ الصراع العربي الصهيوني قبل 75 عاماً، في عام 1948، وقت قيام ما تسمى “دولة إسرائيل” على أراضي فلسطين،وبحسب خطة الأمم المتحدة، كان من المقرر ظهور دولتين، عربية ويهودية، على أراضي فلسطين “المستعمرة البريطانية السابقة”، لكن العرب جميعاً، لم يؤيدوا هذه الخطة. في اليوم التالي، بدأت الحرب الأولى في المنطقة، وخلال 75 عاماً فقط، شهد الكيان الصهيوني ثماني حروب معترف بها مع جيرانها وعشرات الاشتباكات المسلحة (الانتفاضة الأولى والثانية).
ونتيجة لهذه الحروب، استولى الكيان الصهيوني بشكل منهجي على الأراضي من دول الجوار – والأهم من ذلك كله نتيجة لحرب الأيام الستة، عندما تم الاستيلاء على الضفة الغربية لنهر الأردن (في المصطلح الصهيوني – يهودا والسامرة)، وقطاع غزة، وخضعت شبه جزيرة سيناء (حتى عام 1982)، وجنوب لبنان للولاية “الإسرائيلية” (في عام 1985-2000)، بما في ذلك مرتفعات الجولان السوري المحتل إلى الآن.
وتستند التناقضات إلى وجهات نظر مختلفة حول السياسة والجغرافيا: فقد احتل الكيان الصهيوني على نصف أراضي الدولة الفلسطينية، تحت مسمى اتباع خطة الأمم المتحدة، وقد اقترحت جامعة الدول العربية مرتين (في عامي 1982 و2022) خطة لحل الصراع تناسب الدول العربية، وقد لاقت المبادرة نفسها ترحيباً في القدس، لكن نقاطها كانت تسمى “موت إسرائيل”.
الوضع داخل الكيان الصهيوني اليوم
قررت السلطات “الإسرائيلية” فرض حصار كامل على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول، وانقطعت المياه والكهرباء عن المنطقة، وانقطعت إمدادات الغذاء والوقود، بالإضافة إلى ذلك، يواصل الكيان الصهيوني القصف المنتظم لجيب القطاع.
في المجموع، يعيش حوالي 9 ملايين شخص داخل فلسطين المحتلة، مع الإشارة إلى أنه لا يوجد أكثر من 16 مليون يهودي في العالم، وقد طور الكيان الصهيوني برنامجاً ديموغرافيا، يتوقع بموجبه أن يرتفع عدد الصهاينة بحلول منتصف القرن إلى 40 مليون شخص،وفي جنوب ووسط البلاد (بالقرب من قطاع غزة)، يعيش العديد من الصهاينة في الكيبوتسات – وهي مجتمعات زراعية مكونة من طابق واحد حيث يتم الاعتراف بالمساواة في العمل والملكية المشتركة، لقد أكد الكيان الصهيوني دائماً على أنه أصبح أساس ما تسمى الدولة وفق مفهومهم وسمح لها بالظهور والتطور.
اليوم، لم يتم الاعتراف بـ “إسرائيل” كدولة من قبل 28 دولة عضو في الأمم المتحدة (من أصل 193 دولة). ومن بينها لبنان وسوريا، الدول الملاصقة لفلسطين المحتلة، بالإضافة إلى الدول العربية المؤثرة مثل الجزائر والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وإيران وعمان وقطر، وهنا يجب التنويه إلى الدور القطري مؤخراً إن كان على الصعيد السياسي أو التغطية الرائعة للأحداث على مدار الـ 24 ساعة، لا بل تُظهر آراء الغرب والشعوب الغربية الرافضة لهذه الحرب العبثية، أما بالنسبة لبلدي الكويت، فالمبادرات كثيرة جداً فعلى الصعيد الرسمي إن أي تعامل مع الكيان الصهيوني في أي مجال، يُعتبر جريمة، أما على صعيد لجنة القدس التابعة لنقابة المحامين الكويتيين، فكان لها دوراً كبيراً بموضوع الأسرى والوقوف إلى جانب الفلسطينيين ودعمهم في كل الساحات، مع الإشارة إلى أن هذا واجب علينا وأقل ما يمكن تقديمه في ظل الظروف التي يعانون منها منذ 75 عاماً وإلى الآن.
أما بالنسبة إلى الأراضي الواقعة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تقسمها الأراضي الصهيونية وهي أيضاً دولة معترف بها جزئياً، وقد تم تأكيد وضعها من قبل 138 دولة في منظمة الأمم المتحدة ولم يتم تأكيدها من قبل 55 دولة، فدولة فلسطين المحتلة غير معترف بها في “إسرائيل” والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى(عرّابة التقسيم) وفرنسا واليابان وأستراليا ونيوزيلندا وغيرها، كمالا تتمتع فلسطين المحتلة بوضع العضو الكامل في منظمة الأمم المتحدة.
وجدير بالذكر أنه يعيش في فلسطين حوالي 5.5 مليون نسمة (2 مليون منهم يعيشون في قطاع غزة).،كما أن عدد الفلسطينيين في العالم صغير أيضاً – 13.8 مليون شخص.
أما جيب قطاع غزة فيقع على شواطئ البحر الأبيض المتوسط يحد مصر وحدود الكيان الصهيوني التي احتلها، وفي الفترة من القرن السادس عشر حتى عام 1917، كانت أراضي غزة جزءاً من الدولةالعثمانية، ثم نقلت عصبة الأمم (سلف الأمم المتحدة) انتداب إدارة أراضي منطقة فلسطين التاريخية (أراضي فلسطين الحديثة) ما احتله الكيان الصهيوني وقطاع غزة والأردن وأجزاء من سوريا ولبنان) إلى بريطانيا العظمى، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية وأهوال المحرقة، والمشاعر المعادية للسامية، الكل وقد أعطى هذا زخماً أكبر للهجرة اليهودية إلى أراضي فلسطين، ففي عام 1947، وافقت الأمم المتحدة على خطة لتقسيم أراضي فلسطين إلى قسمين – يهودي وعربي، واقترحت إنشاء نظام دولي خاص للقدس، بعد أن أعلن زعيم الطائفة اليهودية، اليشوف ديفيد بن غوريون، عن تشكيل دولة “إسرائيل الجديدة”، ومن الناحية القانونية، فهي إحدى إقليمي فلسطين، هذه الحدود بين المناطق محاطة بسياج – حاجز غاسو “الإسرائيلي”، الذي بناه الجانب اليهودي عام 1994، كذلك الأمرمعبر إيريز، الذي استولت عليه حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول ثم استعادته فيما بعد، هو نقطة العبور الوحيدة للأشخاص والبضائع التي تدخل غزة من داخل الأراضي المحتلة.
يتم شراء المياه النظيفة والوقود والكهرباء في غزة بشكل أساسي من داخل الأراضي المحتلة (طبعاً قبل اندلاع الصراع)، كما يتم الحصول عليها جزئياً عن طريق البحر، ولهذا السبب يستطيع الكيا الصهيوني الحد من إمدادات الموارد الحيوية للقطاع، من خلال إطباق حصار خانق مستمر، الوقت نفسه، لا تبدي دول الجوار، خاصة مصر والأردن، أي رغبة في قبول اللاجئين من غزة.
بالنسبة للصراع القائم، في 10 أكتوبر/تشرين الأول، اتهمت حركة حماس الكيان الصهيوني باستخدام قنابل فسفورية محظورة عند قصف منطقة الكرامة، خاصة وأن استخدام ذخائر الفسفور الأبيض ضد المدنيين محظور بموجب اتفاقية جنيف، لكن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني رفضا التوقيع على الاتفاقية، لأن النية مبيتة، ولطالما اشتهرا باستخدام كل ما حرّم دولياً (فيتنام والعراق خير دليل).
بالإضافة إلى المواجهة مع فلسطين، يدخل الجيش الصهيوني في صراعات دورية مع لبنان وسوريا وإيران، والتي تقف إلى حد ما مع السلطة الوطنية الفلسطينية، كما أطلقت جماعة حزب الله اللبنانية، التي كانت تدعم حركة حماس، قذائف هاون على المناطق الحدودية في 8 أكتوبر/تشرين الأول، حيث تعرضت قرية كفر شوبا في جنوب لبنان لقصف انتقامي من إسرائيل، لكن بشكل عام، يشير سلوك حزب الله اليوم على الأرجح إلى نيته منع التصعيد في المنطقة، ووقع قصف متبادل هذه الأيام بين الكيان الصهيوني وسوريا، وبالنسبة لإيران، قال الحرس الثوري الإسلامي الإيراني إنه مستعد لخوض حرب مع الكيان الصهيوني كجزء من أي عملية مشتركة مع حزب الله اللبناني، لكن فيما يبدو أن لا قرار بذلك، لأن المرجح أن طهران لا تريد أن يتحول الوضع إلى حرب إقليمية كبرى.
في الختام لن اتهم أحد، ولن ألوم أو أعاتب أي نظام أو حكومة أو دولة، لكن أن تعتاد أعين البعض على مناظر القتل والتنكيل، يتساوون مع الكيان الصهيوني، اليوم أضع أملي كاملاً لدى المقاومة، فلا أبرع من البعض من بيع القضية وبيع الأخوة وبيع الضمير، اليوم فلسطين، لكن ربما في الغد أنتم، اليوم لا توجد أنصاف حلول، لقد توضح كل شيء، والله معكم يا أهلنا في غزة العزة.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.