تحتفل شُرطة عُمان السُّلطانيَّة بيوم الشُّرطة، الخامس من يناير، وسط منجزات عظيمة وتحوُّلات شهدتها منظومة العمل الشُّرطي، شملت مختلف تشكيلاتها البَرِّيَّة والبحريَّة والجوِّيَّة، سواء ما يتعلَّق بالإدارات العامَّة والقيادات الجغرافيَّة والوحدات الشُّرطيَّة أو غيرها من الإدارات التخصصيَّة، وهي تتَّجه بثبات وعزم وإرادة وثقة نَحْوَ تحقيق أهدافها والوفاء بالتزاماتها وأداء اختصاصاتها، ورفع الحسِّ الأمني الوطني سياجًا منيعًا للوطن ومنهجًا عمليًّا في بناء المواطنة الشُّرطيَّة، وتعظيم دَوْر الشُّرطة في تحقيق الأولويَّات الوطنيَّة ومستهدفات رؤية «عُمان 2040». لقَدْ وجدت القيادة العامَّة للشُّرطة أنَّ عَلَيْها في إطار تحقيق مستهدفات رؤية «عُمان 2040» أن تعملَ على تأطير علاقة تكامليَّة قويَّة بَيْنَ الأمن والتنمية، في إطار الاتِّجاه نَحْوَ النوعيَّة والعُمق في تناول قضايا المُجتمع، وأن توجّهَ جهودها نَحْوَ تعزيز مساحات الشراكة في سبيل بناء وطن الإنسان وتعميق روح الولاء والانتماء والحُب العميق لعُمان وقائدها المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ. لذلك عملت على بناء منظومة أمنيَّة استوعبت التحوُّلات الَّتي يمرُّ بها المُجتمع والظواهر الاجتماعيَّة والظروف الاقتصاديَّة الَّتي عايشها المواطن وما أسفر عَنْها من موجّهات وطنيَّة تطلبتها برامج التنمية في مواجهة التحدِّيات القادمة على مَسيرة العمل الوطني، وهو أمْرٌ يستدعي رفع أعلى درجات التنسيق والشراكة بَيْنَ مختلف تشكيلات الشُّرطة لضمان كفاءة استخدام الأدوات والتفاعل مع المهام وتحقيقها بأفضل المعايير، لذلك حرصت على تعزيز مسار التكامليَّة والشراكة الشُّرطيَّة وفق أعلى المستويات وبما يضمن تسهيل حركة التواصل وتبادل المعلومات والاستفادة من الإحصائيَّات وتفعيل أُطر الرقابة والمتابعة والتنبُّؤ والاستشعار عن بُعد، لضمان أنَّ العمل الشُّرطي يسير وفق استراتيجيَّات محدَّدة وإجراءات ثابتة وأدوات مجرَّبة تتَّسم بالكفاءة والجودة والمهنيَّة والمعياريَّة والموثوقيَّة، وأنَّ القرارات المتَّخذة في إطار اللامركزيَّة تتمُّ وفق مسار قانوني وتشريعي ومنهجي مَرِن يحفظها من الاجتهاديَّة، خصوصًا في ظلِّ تعاطيها مع قضايا جوهريَّة وموضوعات حسَّاسة ترتبط بالخصوصيَّة الاجتماعيَّة والفرديَّة والمنظور الثقافي والاجتماعي والأمني، وفق نسق شُرطي متكامل المدخلات والعمليَّات للوصول إلى مخرجات تتَّسم بالكفاءة والواقعيَّة وتحقيق الضبطيَّة الشُّرطيَّة. وتحقيقًا لاختصاصات شُرطة عُمان السُّلطانيَّة في حماية الأمن العامِّ ومكافحة الجريمة، فقَدِ اتَّخذت خطوات منهجيَّة جادَّة في التصدِّي للظواهر السلبيَّة، وجرائم المخدِّرات والحوادث المروريَّة والجرائم الإلكترونيَّة عَبْرَ تعزيز جهود الإدارات والوحدات المتخصِّصة في تبنِّي سياسات ناضجة ومنهجيَّات مبتكرة وأفضل الممارسات العالَميَّة الَّتي تتناسب مع مُجتمع سلطنة عُمان، من خلال ما وفَّرته من تجهيزات وممكنات وقدرات بَشَريَّة امتلكت أفضل الأساليب والمعايير التدريبيَّة في التعامل مع هذه القضايا، بالإضافة إلى ذلك فقَدِ اتَّجهت إلى تعظيم دَوْر البحث العلمي الأمني في ابتكار أدوات وآليَّات متطوِّرة في التعامل مع هذه القضايا، ومن ذلك فقَدْ عملت على تمكين كُلِّية الشُّرطة بأكاديميَّة السُّلطان قابوس لعلوم الشُّرطة في تبنِّي سياسات فاعلة وأُطر نوعيَّة في تعزيز منهجيَّة البحوث والدراسات العلميَّة الأمنيَّة الشُّرطيَّة كأحَد المنطلقات المُهمَّة لتعزيز الحسِّ الأمني وبناء القدرات في مواجهة قضايا الأمن الاجتماعي وتأثيراتها على المُجتمع والهُوِيَّة العُمانيَّة في ظلِّ تزايد دَوْر التقنيَّة والمنصَّات الاجتماعيَّة والفضاءات المفتوحة وغيرها في رسم اتِّجاهات الأفراد وتغيير قناعات المُجتمعات، وأدركت أنَّ التحوُّلات الحاصلة في مفاهيم الأمن وقواعده وأُطره في إطار بناء ثقافة أمنيَّة متوازنة قائمة على كفاءة ومصداقيَّة المحتوى، وكفاءة برامج التوعية والتثقيف وقدرتها على صناعة التأثير، تستدعي ترقية دَوْر الإعلام الأمني الشُّرطي بالشكل الَّذي يستطيع من خلاله أن يثبتَ بصمة حضور له وتأثير في واقع المُجتمع. على أن توجّهَ شُرطة عُمان السُّلطانيَّة ومن خلال تعميق دَوْر البحث الأمني عامَّة والبحث الجنائي خاصَّة، والاستفادة من أفضل الممارسات الدوليَّة في مكافحة الجريمة وتعظيم الدَّوْر الإعلام الأمني وتوجيه نَحْوَ تناول هذه القضايا وتعزيز التوعية فيها وبناء القدرات الوطنيَّة الشُّرطيَّة الإعلاميَّة القادرة على إيصال رسالة الشُّرطة للمواطن والمُقِيم ومختلف فئات المُجتمع وتعزيز الخِطاب الأمني بما يتناسب مع مختلف شرائح المُجتمع وتوجيهه لتعزيز حصون الأمن الذَّاتي والسَّلام الداخلي والمسؤوليَّة الأمنيَّة والبناء الفكري الواعي المؤصّل للاعتدال والتوازن ومنع مصادرة الفكر، ومراجعة كُلِّ المسبِّبات الأخرى الَّتي تتنافى مع ممكنات الإعلام الأمني ورسالته لتحقيقِ الشفافيَّة والواقعيَّة، إنَّما يأتي تأكيدًا للبُعد النَّوعي الاستراتيجي الَّذي سَعَتْ شُرطة عُمان السُّلطانيَّة إلى تحقيقه في إطار مهمَّتها في الوقاية من الجريمة ومكافحتها وحماية المُجتمع والأفراد مِنْها. لقَدْ أدركت شُرطة عُمان السُّلطانيَّة أنَّ التحوُّلات الحاصلة في المُجتمع والتطوُّر في منظومة العمل الوطني يتطلَّب جهدًا آخر يحافظ عَلَيْه ويقنّن استخدامه ويوظّف موارده ويمتلك ثقافة استخدام هذا المنجز فكان العمل الشُّرطي بمثابة الحارس الأمين على هذا المنجز، والباعث له في توظيفه لخدمة الإنسان والأجيال القادمة ولصالح استدامة التنمية، وأوجدت المستجدَّات الحاصلة في المُجتمع وقضايا التنمية والتطوير والبيئة، واستخدام الموارد وتعدُّد التحدِّيات الَّتي تواجه منظومة الأمن والتنمية والبناء الإنساني الحاجة إلى تشعُّب العمل الشُّرطي وتعدُّد وظائفه وما تبع ذلك من حاجته إلى امتلاك الأدوات المناسبة والآليات الرصينة وتوافر الكفاءة البَشَريَّة والمورد الشُّرطي القادر على الاستجابة للتحوُّلات وامتلاك مستويات عالية من الجاهزيَّة والاستعداد للتعامل مع الحالات الطارئة والأزمات البيئيَّة وغيرها. لذلك وتحقيقًا لهذه المهمَّة حرصت القيادة العامَّة للشُّرطة على توفير بيئة عمل شُرطيَّة إنسانيَّة داعمة للتغيير محقِّقة للإنتاجيَّة، يجد فيها منتسبو شُرطة عُمان السُّلطانيَّة ميزات تنافسيَّة محفِّزة وواعدة تتوافر فيها كُلُّ إجراءات الأمان والسَّلامة وأساليب التحفيز وصناعة الأفكار وإنتاج الحلول وخلق البدائل، لمزيدٍ من الابتكاريَّة في العمل والتجديد في الخبرات، في مناخ مؤسَّسي يسوده الأمان الوظيفي والطمأنينة والتحفيز ورفع درجة الدافعيَّة وتوافر الوسائل الحديثة والتقنيَّات المتطورة الَّتي تساعد الشُّرطي في مختلف الرتب العسكريَّة الشُّرطيَّة والمَدَنيَّة وعلى مستوى الضبَّاط أو الأفراد لتحقيقِ تحوُّل على الأرض وبصمة حضور تتَّجه نَحْوَ فاعليَّة الدَّوْر وكفاءة الممارسة؛ ليتَّجهَ هذا الاهتمام إلى نشْرِ مظلَّة الخدمات الشُّرطيَّة في كافَّة محافظات سلطنة عُمان وولاياتها إيمانًا من القيادة العامَّة للشُّرطة بأهمِّية تسهيل الخدمات المقدَّمة للمواطنين والمقيَمين، وإنهاء كافَّة المعاملات في قاعات الخدمة الموحَّدة والمتكاملة فيما يتعلق بالمرور والجوازات والإقامة والأحوال المَدَنيَّة وغيرها، ومن خلال توظيف التقنيَّات الحديثة في تبسيط الإجراءات وحوكمة العمل الشُّرطي، والبحث عن أُطر ابتكاريَّة تتَّسم بالتنوُّع والاستدامة في طريقة تقديم الخدمة الشُّرطيَّة، والتعامل مع الأحداث المُجتمعيَّة، ووجهت جميع الإدارات إلى العمل بها في ظلِّ اختصاصاتها، متَّخِذةً من المتابعة والرَّصد الفوري للأحداث، منطلقات أسهَمت في بلْوَرَة هذا الإنجاز في ممارسات راقية يلمسها كُلُّ أبناء وطني؛ وبالتَّالي كان لهذا التوجُّه الشُّرطي الواعي لمعطيات الحاضر والمستقبل ومتطلبات المُجتمع واهتمامات ورغبات الشَّباب، أثَره الإيجابي في التقدير الاجتماعي الَّذي تحظى به جهود شُرطة عُمان السُّلطانيَّة ومساعيها لخلق توازن بَيْنَ رغبات المواطن وشعوره بالمنجز الشُّرطي المقدَّم له واعترافه به بما ينعكس على ولائه وانتمائه ومواطنته. وعَلَيْه، فقَدْ تجاوزت قراءة مسار التحوُّل في المعادلة الشُّرطيَّة حدود الكم، وأصبحت الأرقام كفيلة بسَردِ قصَّة النَّجاح الخالدة وحكاية التحوُّل الشامل الَّتي نقلت شُرطة عُمان السُّلطانيَّة إلى العالَمية، لِتتَّجهَ بوصلة العمل الشُّرطي إلى النَّوعيَّة والجودة، وتوجيه الأنظار في إطار الحوكمة الَّتي بدأت بصورة مبكرة في استراتيجيَّة التطوير والتحسين الَّتي اعتمدتها القيادة العامَّة للشُرطة إلى البنية التشريعيَّة، وتعظيم دَوْر القوانين في تعزيز الإنتاجيَّة والكفاءة وتمكين الوحدات والإدارات في إطار تفعيل نُظم اللامركزيَّة في القرار، ومنح القيادات الجغرافيَّة المزيد من الصلاحيَّات والممكنات الَّتي تتناغم مع متطلبات العمل الشُّرطي والتعامل مع قضاياه وأحداثه المتسارعة دوليًّا وإقليميًّا ومحليًّا، والَّذي اتَّخذ محطَّات متدرِّجة اتَّسمت بكفاءة المحتوى وشموليَّة المعالجة وتوجيه اهتمام المكوِّن التنظيمي والإداري والتشريعي والعمليَّاتي والفنِّي الشُّرطي إلى سَبر أعماق هذه القضايا الَّتي باتَت ْتشغل الرأي الاجتماعي، أو تُمثِّل هاجسًا وطنيًّا مؤرقًا نظرًا لِمَا قَدْ ينتج عَنْها من تداعيات اجتماعيَّة واقتصاديَّة وفكريَّة؛ فإنَّ إبهار التنمية والتطوير الواقعي الَّذي تقدِّمه شُرطة عُمان السُّلطانيَّة للوطن والمواطن، والصورة النموذج الَّتي باتَتْ تتصدَّرها في فِقه المواطن وقناعاته وتقدير المقيمين على هذه الأرض المباركة، ما كان لها أن تتحققَ لولا الإرادة الواعية والعزيمة الصادقة والأداء المتقَن والعمل الدؤوب للقيادة العامَّة للشُّرطة وكافَّة منتسبي شُرطة عُمان السُّلطانيَّة، لتستوطنَ رسالة الشُّرطة في إنسانيَّتها وعظمتها وأخلاقها حياة المواطن، وتنهض الإرادة الشُّرطيَّة واضعةً خطوط التأثير والاحتواء في جاهزيَّة متقنة للتعامل مع معطيات العمل الشُّرطي ومستجدَّاته، كما استمرَّت مسارات التقييم والمراجعة والتصحيح حاضرةً في كُلِّ مراحل التنفيذ تحقيقًا للعدالة وترسيخًا لمعايير الكفاءة والموثوقيَّة والمصداقيَّة؛ فكانت النتائج المبهرة خير برهان، والإنجازات الشُّرطيَّة الَّتي لامست أولويَّات واهتمامات المواطن، حاضنةً له في استيعابها المستمر لمخرجات الدبلوم العامِّ ومؤسَّسات التعليم العالي لشرف الانتساب بالعمل في شُرطة عُمان السُّلطانيَّة، شواهد ثابتة تتحدث عن نَفْسِها بكُلِّ فخر واعتزاز. تحية إجلال لحماة الحقِّ، حرَّاس المبادئ في يومهم السنوي الخامس من يناير، وهم يُسطِّرون أروع نماذج البذل والعطاء، ويقدِّمون ملحمة التضحية والبطولات، وفاء لعُمان وولاء لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم القائد الأعلى ـ حفظه الله ورعاه.
د.رجب بن علي العويسي