قبل أن ينفض السامر في نهائيات أمم آسيا لكرة القدم خرج منتخبنا الوطني العماني خروجا منكسرا بنقطتين من تعادل سلبي مع منتخب تايلند وتعادل قاتل في الدقائق الاخيرة مع منتخب قيرغيزستان وسجل هدفين الاول بضربة جزاء في المرمى السعودي والاخير عبر عراك بدني على خط المرمى القيرغيزي مودعا البطولة الأسيوية بحصيلة ضعيفة وقد كانت الجماهير تمني النفس وترسم عليها آمال في تجاوز الدور الثاني كون منتخبنا الوطني العاشر أسيويا ويمتلك مجموعة من اللاعبين قدموا بطولات بمستوى عال آخرها بطولة الخليج الماضية في البصرة وقدم مباريات كبيرة رسمية أو تجريبية كما هو الحال في المباراة ضد منتخب ألمانيا قبيل نهائيات كأس العالم الماضية وقدم مباريات رائعة في كأس العرب ايضا ولكن ما حدث للاسف الشديد أن المنتخب ورغم الاستقرار الفني مع المدرب برانكو إلا أن المستوى الفني لم يكن يتقدم للأمام وأن واقع المنتخب يكتنفه شيء من الغموض ويحمل علامات استفهام كبيرة يتطلب تقصيها لأهمية المرحلة القادمة ولضروراتها الوطنية وعلامات الاستفهام التي تحيط بالمنتخب ليس لها إلا اتجاهين لا ثالث لهما وهما بصريح العبارة الاتحاد المسئول عن المنتخب والجهاز الفني الذي أكمل عدة سنوات مشرفا على المنتخب وأعتقد جازما أن أي خلل بالمنتخب وأي تراجع يتحمله بالمقام الأول الاتحاد العماني لكرة القدم فلا يمكن لأي جهد منظم ومخلص أن ينتهي بإنتكاسة كما حدث للمنتخب ولا يمكن لواقع إداري جدير أن ينتهي هكذا إلا إذا كان هناك إخفاق أو تقصير إداري وهنا يجب على إتحاد كرة القدم ونقولها بدون مواربة أو خجل أو تلعثم يجب أن يكشف عما حدث بالمنتخب إلتزاما تجاه الوطن وتقديرا لتلك الجماهير الوفية الزاحفة خلف المنتخب وإدراكا لما تمثله هذه المشاركات الوطنية في المحافل الدولية .
لاعبي منتخبنا الوطني الذين يمثلون الوطن هم أبطال خليجي 23 بالكويت وهم وصيف بطولة الخليج الماضية بالبصرة وكان فيها منتخبنا جديرا باللقب وهم من قدم مستويات رائعة في أكثر من بطولة ومحفل دولي وهم من مثل الوطن في نهائيات الأمم الأسيوية الأخيرة فكيف حدثت هذه الفجوة الكبيرة والتراجع الفني والمعنوي؟!
نجوم منتخبنا لا يمكن أن نلقي عليهم اللوم فيما حدث فهذه المجموعة أثبتت قدراتها وتجانسها ولكن الملاحظ أن المستوى بدلا من أن يسير الى الامام تراجع الى الخلف وهذا الامر يقدم دلائل على أن المشكلة لا تكمن في عناصر المنتخب على الاطلاق بل في الاتحاد الكروي الذي يقع على عاتقه ادارة المنتخب وتوفير السبل الكفيلة بالارتقاء بمستوى المنتخب ويختار الجهاز الفني الذي يحقق طموحات الجماهير في منتخب الوطن ويمتلك قراءة تفصيلية واضحة حول مستوى المنتخب ويعرف كل التفاصيل الدقيقة المحيطة بالمنتخب بل من المفترض التعرف على ظروف كل لاعب طالما يعول عليه بتمثيل مشرف لهذا الوطن، لكن ما حدث بالدوحة يوحي أن هناك تفاصيل سلبية عانى منها المنتخب .
ما زلت أراهن على نجوم منتخبنا وأكرر مجددا أن هذا المنتخب مع تطعيم بسيط يستطيع الوصول بعيدا ويستطيع أن يكون ندا لأي منتخب عالمي وليس في قارة آسيا فقط بشرط إحداث تغييرات في أجهزة المنتخب واختيار مدرب عالمي للمرحلة القادمة وبعد الكشف عن تفاصيل الخلل الذي صاحب المنتخب خلال الفترة الماضية وأحدث هذا التراجع في مستواه الفني وانتكاسة في النتيجة النهائية .
لست متحاملا بل كنت ايجابيا في النقد والدفاع عن المنتخب ولكنني أعتقد جازما أن الاخفاق الذي تعرض له المنتخب في نهائيات أمم آسيا يقع على عاتق الاتحاد العماني لكرة القدم وعلى رأسه رئيس الاتحاد الذي كان يفترض أن لديه التشخيص المثالي لوضعية المنتخب ولكن أن يرفع رئيس الاتحاد سقف التصريحات الاعلامية بأن يصل المنتخب بعيدا في النهائيات والحقيقة أن المنتخب يعاني من تدهور وتراجع فني تأكد من خلال الخروج الذي عكس تفاصيل ما وراء الأكمة والتي يجب تقصيها وتشخيصها بهدوء وعقلانية دون تهور أو انزياح غير واقعي لذلك نقول أن هذه المرحلة تتطلب دراية وخبرة وتجربة وحلول واقعية .
خلال الأيام المقبلة لا شك سوف تصدر الكثير من الملاحظات والمقالات المعنية بالمنتخب وربما تجد بعضها يفتح ملفات كبرى فيما يتعلق بتطوير الكرة العمانية ومنظومة الكرة العمانية ولكن علينا التدبر والتأمل والهدوء والواقعية والابتعاد عن التهويل والاستفادة من الخبرات والنقاد دون انزياح بعيد من الصعب تحقيقه، حيث نعلم جميعا الاشكاليات التي تواجه الدوري المحلي ونعلم الاشكاليات التي تواجه الاحتراف الحقيقي ونعلم الاشكاليات التي تواجه تطوير المرافق والمنشآت الرياضية وهذه لا يمكن أن تكون مجزأة فإما مكتملة وإما عدم الخوض في تفاصيل هذه الملفات وأعتقد أن عدم الخوض في هذه الملفات الثقيلة أجدى ومن الصعب تحقيقها بالشكل المنافس لما يتوفر لدى الاشقاء في السعودية أو قطر أو الامارات على سبيل المثال مع التنويه الى أن منتخبات هذه الدول لم تتفوق على منتخبنا مؤخرا وهذا يتضح من خلال المواجهات الأخيرة معها ليتأكد لنا انه يوجد بدائل وأوراق قوة لدينا في عمان وهذه الاوراق قد تحقق المشروع الرياضي إن توفر الفكر السليم وانتقاء الكوادر الرياضية بشكل فني دقيق واكتشاف المواهب بشكل مبكر واختيار الأفضل لتمثيل المنتخب ويظل أهم إجراء ممكن هنا هو تغيير منهجية الانتخابات التي يعلم الجميع كواليسها والتي تجسد واقعها للأسف من خلال عدم تحقيق شيئا يذكر للرياضة العمانية؟!
نعم نحن نطمح الى دوري عالمي ونطمح الى مرافق ومنشآت رياضية تضاهي أكبر دول العالم وأكثرها تطورا ونطمح الى تحقيق احتراف رياضي نموذجي ولكن ينبغي ايضا أن نكون واقعيين ما هي الامكانيات المتاحة وقبل ذلك علينا أن نتساءل عن المنتخبات التي تصل الى نهائيات كأس العالم هل يتوفر لديها كل هذه المعطيات بالتأكيد سوف نجد هناك منتخبات حتى تكاليف المعسكرات لا يتوفر لديها وأتذكر هنا عندما صعد منتخب ليبيريا الى نهائيات كاس العالم تبرع نجمه جورج ويا بتكاليف المعسكر الخارجي وهذا على سبيل المثال وليس الحصر وهنا يتأكد لنا أننا في عمان يمكن أن نقدم منتخب عالمي اذا ما توفرت له بعض المعطيات بناء” على أوراق القوة التي يجب أن نعمل عليها في المشهد الرياضي العماني والامر لا يحتاج الى بيوت خبرة مستوردة لسبر تفاصيل المشهد الرياضي العماني بل هناك من النقاد الرياضيين من يستطيع تحديد الاطار العام والأدوات والآليات المطلوبة ويستثمر في أوراق القوة في المشهد الرياضي العماني الذي يمتد من رأس مسندم الى ظفار كقاعدة رياضية متينة عاشقة لكرة القدم وتشكل حواضن رياضية ذات جماهيرية كبرى في الفرق الاهلية والمدارس الكروية والحواري والشواطئ والتي تشكل رافعة جيدة معززة بالمتابعة الجماهيرية الهائلة والجهود الذاتية التي تشكل قاعدة رياضية وجماهيرية كبرى ترفد المنتخبات الوطنية وهذه المساحة الكبيرة كفيلة بإفراز مواهب نوعية في مختلف الألعاب الرياضية بشرط العمل على احتضانها واكتشافها وتوظيفها في دوائر رياضية متدرجة لرفد المنتخبات الوطنية وتوفير أجهزة فنية تواكب كل مرحلة من مراحل البناء والتدرج والاهتمام بالمراحل السنية والمدارس الكروية مع التركيز على الادارة المناسبة وإبعاد المتسلقين على الرياضة عبر آلية انتخابية محكمة تحقق المأمول، وهذا الواقع الرياضي يمكن تحقيقه بكل أريحية وانسيابية وسهولة اذا أشرف على الرياضة والادارة أصحاب التجارب الناجحة وفقنا الله وإياكم لخدمة عمان وتمثيلها التمثيل المشرف بعون الله .
خميس القطيطي