يكاد يجمع الفقه القانوني الأكثر انتشاراً على أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، ما دفع المجتمع الدولي لأخذ ذلك بعين الإعتبار.
وبناءً على ذلك، فإن المعايير الدولية تقبل وجود معايير أساسية التي هي خلاف للحقوق الفرعية، لا تقبل أي انتهاك أو خرق لها حتى في الفترات الإستثنائية مثل حالات الطوارئ الإستثنائية، لكن بشرط وهو عدم منافاة أي تدبير للإلتزامات الأخرى.
وبكل الأحوال، إن حقوق الإنسان المعتبرة بصفته كائناً حيّاً هي التي تعتبر حقوقاً أساسية، وقد تبدو هذه التسلسلية مفروضة مبدئياً ونظرياً لأن وجود الإنسان هو الشرط لكل الحقوق الأخرى.
ومع ذلك يمكن التساؤل عما إذا كانت النتائج القانونية المستخلصة هي الأفضل، وهل يمكن القول بوضع المبدأ القائم على أنه في حالة الخطر الإستثنائي يمكن حذف كل الحريات ما عدا البعض منها، قد ضمن حقاً المبادئ الأولية لحقوق الإنسان؟ وبمعنى أدق هل يجب حقاً خلط الحقوق الأولية والحقوق الأساسية؟!
في واقع الحال، هذا ممكن وللوهلة الأولى تبرز الصعوبة في إعطاء قائمة بحقوق الإنسان المتخذة بصفته كائناً حيّاً، مع التسليم أن كل حقوق الإنسان مشروطة بالحياة وأن كل نظرية حقوق الإنسان في مجملها يمكن بناؤها على صفته ككائن حي.
ثم ينبغي بصورة خاصة، ملاحظة مدى الغموض، في الصياغة القانونية لسلطات الأزمة، هذه الصياغة تستند على أن السلطة والحرية متعاديتان أو خصمان، وأن الحرية هي عدوة للفعالية، وانطلاقاً من اللحظة التي يقبل فيها هذا الطرح فإن أولوية السلطة ودواعي المصلحة العليا التي تتذرع بها الدولة، والحواجز التي تدّعي رفعها لا يمكن أن تكون إلا غير فعالة.
فمن أجل الضمان الحقيقي للحقوق الأولية للإنسان لابد من قبول المبدأ الذي يقول إن السلطة لا توجد إلا من أجل الحرية، وأن الحرية ليست عدوة للفاعلية، فالتوفيق بين السلطة والحرية يمكن أن يتم لو كان حق المشاركة بالسلطة والحرية السياسية معترف بهما للمواطن.
بالنتيجة، من أجل الوصول إلى هذا الهدف ينبغي الاعتراف بأن الحقوق الأساسية هي الحقوق السياسية، وأن الديمقراطية هي الشرط لاحترام حقوق الإنسان.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.