تتوزع أحداث رواية “عتمة” للكاتب العُماني عادل الحمداني على عشرين فصلًا، نسجها الكاتب مازجًا بين عدد من تقنيات الرواية الحديثة، إذ جمع بين السرد والاسترجاع والحوار.
ويصور الحمداني في روايته الصادرة حديثًا عن “الآن ناشرون وموزعون” بالأردن، ما يدور في عقل البطلة “أميرة” في لقائها بـ”سعيد” من أن “الخذلان يخلِّف في المرء شعورًا أنه منح ثقته لمن لا يستحقُّها، لمن حسب أنه أمانهُ فصار نارَهُ التي تحرقه، لمن طلب الاستقرار معه فلقي منه هزائمه وخسائره، لذلك قيل: الخذلان الأكبر في حياة الإنسان يأتي في معظم الأحيان من الأشخاص الذين اختبرهم أكثر من غيرهم”.
ونقرأ في الفصل الأول على لسان “سعيد” (بطل الرواية): “تعلّمتُ أن مَن كنّا نراه سبب سعادتنا قد يكون ذات يوم سبب حزننا وهمومنا. لا أحد يستطيع أن يجعلنا سعداء طوال العمر، لا أحد قادر على تلبية حاجتنا المستمرة إلى السعادة دون حدود. لا بد أن يأتي وقت يتوقف فيه عن مَدنا بما نحتاج إليه وفي حالات أسوأ يسقينا المُرّ والهوان”.
وفي آخر الفصل يؤكد الكاتب على لسان أبطاله: “الحب عاد ليشعل النور في القلب من جديد. والخيبة تراقب من بعيد، تلوّح بيدها ونظرة ساخرة تملأ تقاسيمها. لا شيء يهزه بعنف كما يفعل هذا القلق الذي يسري في جسده. لا شيء يزعجه غير العتَمة التي يحملها الإنسان أينما ارتحل”.
ونقرأ في الفصل التاسع عن “ثريا” (إحدى البطلات): “فكّرت كيف سيكون ذلك المستقبل؛ نسخةً من ماضيها أم تجربةً مختلفة عنه؟ سعادةً أم حزنًا؟ راحة أم شقاءً؟ صفحة جديدة أم صفحات تشبه ما تحاول تركه خلفها؟ الذكريات المُرّة التي ظلت تلاحقها بين الحين والآخر تركت أثرًا لا تتصوَّر أنه سيزول بيُسر. فكَّرت لو أن الأمر بيدها لمحت الذكريات السيئة وأبقت على الأقل سوءًا من غيرها، لكنها تعرف جيدًا أن المرء لا يمتلك القدرة على انتقاء ذكرياته، ولا يستطيع أن يَمحوَ بكبسة زر ما لا يُحب. كل ما يُمكن فعله أن يتجاوزها قدر استطاعته أو تعوُّد عدم التأثر بها”.
وقريبًا من نهاية الرواية يجد القارئ ما يشبه الخلاصة: “(إذا أحب الرجل امرأة سقطت من عينيه باقي النساء حتى تسقط تلك المرأة أو تعتلي امرأة أخرى قلبه فلا يعود للسابقة مكان فيه”) قال سعيد دون أن يتيقَّن من أين جاء بذلك، ثم أضاف: (هذا الأمر لا يختلف لدى المرأة لكن الفرق أن المرأة تخبِّئ الرجل الذي تحب حين تُجبَر على عدم الارتباط به. الرجل لا يجد ضيرًا في البوح بحبه لتلك المرأة، ولو لم يرتبط بها لكن المرأة تخشى الكشف عن حبّها وهوية حبيبها)”.
يذكر أن الحمداني عمل في مجال إعداد البرامج الإخباريّة والحواريّة الإذاعيّة والتلفزيونيّة، نشر مجموعة من مقالاته وقصصه القصيرة في الصحافة، صدرت له سابقًا روايتان: “غرفة محكمة الإغلاق” (2020)، و”أميرة بنت تونس” 2022.
/العُمانية/