النخوة صفة عربية وخلق إسلامي يميز مجتمعاتنا عن غيرها، وهي من القيم الراسخة في تاريخ العالم العربي، إنها ليست مجرد كلمة تعبر عن الشهامة والمروءة والدفاع عن المظلوم، بل هي رمز للهوية والانتماء العربي، وقد فعل العرب قبل الإسلام كل المنكرات، إلا أنهم تمسكوا بقيم النخوة والشهامة، ورفضوا أن يفرطوا فيها أبدًا، وكانت ضاربة جذورها فيهم إلى أبعد مدى، ولم يتخلوا عنها بعد ظهور الإسلام، بل تمسكوا بالنخوة العربية حتى في أشد الأوقات ضراوة كأوقات الحروب، رغم عداوتهم للإسلام ومحاربتهم للمسلمين.
فأين النخوة العربية والمروءة والشهامة مما يحدث لإخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين؟! فمنذ خمسة شهور تقريبًا وإخواننا وأهلنا في قطاع غزة يتعرضون للقتل والتشريد والتجويع والدمار والضياع جراء حرب صليبية مجنونة يشنها كيان محتل غاصب ظالم تحت قيادة إنسان معتوه مدعوم بدعم لا محدود من أمريكا والغرب في مشهد يعد وصمة عار في جبين الإنسانية، ولن ينساها التاريخ!
لقد ارتكب العدو الصهيوني المحتل ابشع الجرائم والمذابح في قطاع غزة، وقد استشهد خلال هذه الحرب المجرمة الظالمة منذ السابع من اكتوبر 2023 أكثر من 30 ألف شهيد، وبلغ عدد المصابين أكثر من 70 ألف مصاب، ولا شك أن ما يحدث في حرب الصهاينة المعتدين على إخواننا وأهلنا في غزة لهي حرب إبادة جماعية بلا رحمة ولا إنسانية ولا حقوق إنسان.
ويتعمد الصهاينة المجرمون المعتدون خلال هذه الحرب العبثية قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد، وهم لا ذنب لهم سواء أنهم وُلدوا في أرض فلسطين المحاصرة من الصهاينة وأعوانهم الداعمين لهم، الذين يتجاهلون هذه المذابح والإبادة الجماعية والتهجير والتجويع الذي يحدث أمام أنظار العالم الذي يشاهد بصمت وتجاهل فاضح متعمد عاجز حتى عن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الذي يعيش فيها أكثر من 2 مليون إنسان، يعيشون في أصعب الظروف بلا ماء وكهرباء ودون غذاء ودواء.
فأين هم العرب أصحاب المروءة والشهامة والكرامة والشجاعة ونصرة المظلوم، وأصحاب الشيّم والأخلاق العربية الأصيلة، وأين ذهبت النخوة العربية، وهل ستعود أم ذهبت إلى غير رجعة، ولا خير في أمة ضاعت عنها النخوة والمروءة والشهامة والكرامة.
إننا في الأيام الأخيرة من شهر شعبان، ولم يبقَ بيننا وبين شهر رمضان إلا أيام قليلة على بزوع هلاله ليبشرنا بحلوله، اللهم بلغنا رمضان وأيامه ولياليه وقد تغيرت أحوالنا وأحوال إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين إلى أحسن الأحوال، اللهم بلغهم رمضان وهم يعيشون في أمن وأمان وسعادة وسرور وسلام، وقد كتب الله لهم النصر والتمكين.
إنَّ القضية الفلسطينية والأحداث المؤلمة الواقعة أحداثها الآن في غزة من جرائم بشعة من الصهاينة المعتدين، إنه لحدث عظيم راح ضحيته الآلاف من الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، في مشاهد مروعة ومؤلمة تدمي القلب وتقطع الفؤاد، فكيف سيهنأ لنا بال وترتاح نفوسنا، وإخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين يعذبون ويضطهدون ويقتلون على رغيف خبر ليطعمون به أولادهم من الجوع والحرمان، فكيف سنفطر في رمضان- إن لم تنتهي وتتوقف الحرب المجرمة- على أفضل أصناف الطعام وإخواننا وأهلنا في غزة يموتون من الجوع ويأكلون علف الحيوانات لكي يعيشون أحياء.
والله إن الأمر على الشعوب العربية والإسلامية في غاية الصعوبة، لأنهم يرون إخوانهم على هذه الحالة المزرية ولا يستطيعون نصرتهم والوقوف بجانبهم، فإلى متى هذا الخذلان والذل والصمت العربي، ومتي ستنهض أمتنا العربية من كبوتها، ومتى ستعود النخوة العربية لسابق عهدها وأصالتها وعزتها، وتنصر المظلوم وترجع الحقوق لأصحابها بكل شجاعة ومروءة وكرامة ونخوة.
ورغم كل ما يحدث من جرائم ومذابح في حرب الصهاينة الظالمين على إخواننا وأهلنا في قطاع غزة، ورغم الضعف والهوان والخذلان، إلّا أن الأمل والرجاء بالله كبير، فبعد هذا العسر والظلام فاليسر والفجر آتٍ بلا محال، والنصر والغلبة والتمكين لإخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين المرابطين المجاهدين الأحرار سيكون بإذن الله قريب.
حمد الحضرمي- محامٍ ومستشار قانوني