في عالمنا المعاصر المليء بالضجيج والتشتت، يظلّ التفكر والتأمل في آيات الله وسُننه من أعظم السبل للتقرب إليه وتعميق الإيمان. إنّ الطاعة والإيمان والتدبر والتأمل هي مفاتيح النجاح في الدنيا والآخرة، فهي تمثل زادنا الحقيقي في رحلتنا إلى الجنة.
إنّ قلوب المؤمنين الصافية تتذوق حلاوة الإيمان والطاعة، وتجد السكينة والراحة في التفكر في كلمات الله واتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله سلم، فالتدبر والتأمل في القرآن الكريم يفتح أبواب الرحمة والهداية، ويضيء الطريق للإنسان ليسير فيها بثقة ويقين، ففي هذا العصر الذي يميل فيه الكثيرون إلى الانشغال بالأمور الدنيوية والمادية، يظلّ التركيز على الطاعة والإيمان والتدبر والتأمل في آيات الله أمراً بالغ الأهمية، إنّ هذه القيم الروحانية هي التي تمنح الإنسان القوة والصبر والثبات في وجه تحديات الحياة ومصائبها.
لذا، دعونا نستشعر روعة الإيمان وعظمة الطاعة وننغمس في تدبر كلمات الله تبارك وتعالى، فإنّها ستمنحنا السلام الداخلي والإيمان القوي، وستكون زادنا في الآخرة ومفتاح نجاتنا إلى جنات النعيم، فلنكن من الذين يتدبرون ويتأملون في آيات الله، ويعيشون حياة الطاعة والإيمان، فإنّ في ذلك الفلاح في الدنيا والآخرة.
قال تبارك وتعالى: (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترونّ الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذٍ عن النعيم).
في سورة التكاثر، تنبعث محسنات بديعية وبلاغية تعمل على تغذية الروح وتوجيه الإنسان نحو الطريق الصحيح في حياته، حيث تتركز هذه السورة العظيمة على تذكير الإنسان بأن الحياة الدنيا ليست سوى اختبار عابر، وأنّ الأبدية هي المهمة الحقيقية التي يجب على الإنسان أن يسعى إليها.
كما تحث الآيات الناس بوضوح على تحقيق التوازن بين الحياة المادية والروحية، وتنبههم إلى خطورة الانغماس الكامل في شهوات الجسد على حساب الروحانية والطاعة لله، فتلك المحسنات البديعية تعمل على تبيان الطريق الذي يجب أن يسلكه الإنسان لينال السعادة الحقيقية، وذلك من خلال الالتفات إلى الأمور الروحية الأبدية وترك الانغماس الزائل في الأمور الدنيوية.
ومن خلال التدبر في محتوى سورة التكاثر، نجد وعظاً مباشراً وعميقاً، يدعو الإنسان للتأمل في مخاطر التكاثر والتشبّث بالأمور المادية، ودعوة للتفكر في معاني الحياة والتركيز على الأمور الروحية الأسمى، بالتالي، إنّ البلاغة والإيمان التي تنطوي عليها سورة التكاثر تعتبر غذاءً روحياً للإنسان، توجّهه نحو الصواب وتذكره بأهمية الطاعة والورع والاستقامة في الحياة، وبهذا، فإن مقدمة سورة التكاثر تشبع الروح بالحكمة والعظة، وتوجّه الإنسان نحو الطريق الذي يقوده إلى سعادة حقيقية وسلام داخلي.
فلنستمع إلى دعوة السماء في هذه السورة العظيمة، ولنسعى جاهدين إلى تحقيق التوازن بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، لنكون من الناجحين في هذا العالم ونعمل لآخرتنا.
بالتالي، إن سورة التكاثر هي إحدى السور المكية في القرآن الكريم، تحمل في طياتها رسالة عميقة تتناول انشغال الناس بمغريات الحياة وحطام الدنيا، مما يؤدي إلى إهمال الروح والتغاضي عن الأمور الروحية المهمة، حيث يُذكر في هذه السورة كيف أن البشر يستمتعون بمتاع الدنيا حتى يصيبهم الموت فجأة، فيقطع عنهم متعتهم الزائلة.
تأمل الآية الكريمة “ألهاكم التكاثر” فهي تسلط الضوء على هذا الانغماس في الأمور الدنيوية وتحذير من التشبّث بها، بينما تعلّمنا الآية القرآنية “حتى زرتم المقابر” بأن الانغماس في هذه الأمور يشوش على الرؤية ويجعل الإنسان ينسى حقيقة الموت والآخرة.
وفي شهر رمضان المبارك، يكون التركيز على الروحانية والتقرب إلى الله أكثر بسبب تركيز الأمة الإسلامية على العبادة والتسامح والتعاون، يُشجع المسلمون خلال هذا الشهر على التفكر في مضمون سورة التكاثر وفهم معناها العميق، حيث توفّر لهم فرصة للتأمل في مغريات الحياة ولذّاتها الزائلة، وتذكيرهم بأن الحقيقة الحقيقية تكمن في عبادة الله والاستعداد للحياة الآخرة.
بالتالي، يكون الاسترسال في تدبر سورة التكاثر وفهم معانيها أمراً مهماً خلال شهر رمضان المبارك، حيث يساعد في تحقيق التوازن بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، ويذكّر المسلمين بأهمية التفكير في الغايات الروحية والبعيدة المدى.
بالتالي، يعلمنا القرآن الكريم من خلال سورة التكاثر أن الحياة الدنيا مجرد محطة عابرة، وأن الاهتمام الأسمى يجب أن يكون بالحياة الروحية والأبدية، وهو الدرس الذي يستحق التأمل والعمل به خلال كل أيام السنة وبخاصة في شهر البركة والرحمة، شهر رمضان المبارك.
إن سورة التكاثر، تحمل في طياتها رسالة عميقة وتحذيرات للإنسان من الانغماس في مغريات الحياة الدنيا على حساب الروحانية والتقرب من الله الواحد، تناولت الآيات المباركة في هذه السورة مخاطر التكاثر والانشغال بالمتاع الزائل على حساب العبادة والتفكير في الحقائق الروحية الأبدية، كما أشرنا آنفاً،
وفي شهر رمضان، يتوفر للمسلمين فرصة ذهبية لتدبر هذه السورة وفهم معانيها العميقة، حيث يكونون في حالة من التقرب إلى الله والتفكير في الحقائق الروحية. إن استرسال الإنسان في فهم مضمون سورة التكاثر يساعده على تحقيق التوازن بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، ويُذكّره بأن الأمور الدنيوية هي مجرد اختبارات عابرة، بينما الأبدية هي التي يجب أن يكون الانشغال بها.
بالإضافة إلى ذلك، تحذر الآيات الناس بوضوح وصراحة من الانغماس الكامل في شهوات الجسد وترك الروحانية، حيث تلقي الضوء على أن الإنسان ليس مجرد جسد مادي، بل هو تجمع من الروح والجسد، وأنّ الروح بحاجة إلى غذاء خاص يأتي من خلال الطاعة والقرب من الله، وهذا ما يجعل الإنسان يحقق الاستقامة والتوازن الروحي.
بالتالي، في شهر الطاعة، يجب أن يكون التركيز على الروحانية والتقرب إلى الله أكثر بسبب التشديد على العبادة والمساجد والقرآن والتسامح والتعاون. يُشجع المسلمون خلال هذا الشهر الفضيل على التفكر في مضمون القرآن الكريم وتدبر الآيات، ومن ضمن هذه الآيات سورة التكاثر التي تحث على التوازن بين متطلبات الجسد والروح، وتذكر الإنسان بأن هذه الحياة الدنيا مجرد اختبار عابر وأن الأبدية هي المهمة الحقيقية.
فالإنسان مطالب بأداء العبادات والمحافظة على الصلوات والاستغفار والتقرب إلى الله وطاعته، لأن هذه هي الطريق إلى السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة، إن استرسال الإنسان في فهم هذا السياق الديني يساعده على تحقيق التوازن بين الجسد والروح، ويوجهه نحو الطريق الصحيح في الحياة.
لذا، يجب على المسلمين في شهر رمضان المبارك أن يستفيدوا من هذه الفرصة لتفكير أعمق في معاني القرآن الكريم وتحقيق التوازن بين جسدهم وروحهم، وأن يستمروا في العمل على تحقيق الاستقامة والتوازن الروحي، ليكونوا عباداً صالحين ومحافظين على صلاتهم وعباداتهم، وهكذا يكونون على درب السعادة في الدنيا والآخرة.
من هنا، نجد أن سورة التكاثر تحمل في طياتها محسنات بديعية وبلاغية تعمل على تغذية الروح وتوجيه الإنسان نحو الطريق الصحيح في حياته. إنّها تذكرنا بأن الحياة الدنيا لا تعدو كونها محطة عابرة، وأنّ الحقيقية تكمن في الحياة الآخرة، وهي التي يجب علينا أن نسعى جاهدين إليها.
تعتبر هذه السورة دعوة للإنسان للتفكر في مخاطر التشبّث بالأمور المادية والانغماس الكامل في شهوات الجسد، ودعوة للتوجه نحو الأمور الروحية الأسمى والاستقامة في الطاعة والورع والإيمان، وفي شهر رمضان المبارك، نجد أنّ لكل لحظة قيمة عظيمة، فهو شهر الرحمة والغفران والتوبة. لذا، فلنستغل كل لحظة في هذا الشهر الفضيل لنصرة إخواننا وأهلنا في فلسطين وكل المستضعفين حول العالم، ولنسعى جاهدين للتقرب من الله والاستجابة لدعائه.
لنكن ممن يستمعون لدعوة السماء في سورة التكاثر، ولنكن ممن يعملون بجدية على تحقيق التوازن بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، لنكون من الناجحين في هذا العالم والآخر، فلنستمع إلى الوعظ البديع في سورة التكاثر، ولنتحلّى بالطاعة والورع والإيمان، ولنتفاعل مع هذا الشهر الفضيل بكل قدراتنا، ولندعو الله أن يحقق النصر لأهلنا في فلسطين ولكل المستضعفين في كل مكان، وأن يرفع الظلم والطغيان عنهم.
لذا، نرجو أن يكون هذا الشهر شاهداً لنا بالإخلاص والتوبة، وأن يقرّ عيوننا بنصر أهلنا في فلسطين وكل المظلومين، وأن يجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الكريم. وبذلك، نختم مقالنا بالدعاء لله بأن يتقبل منا ويجعلنا من عتقائه من النار في هذا الشهر الفضيل.
عبدالعزيز بن بدر القطان / كاتب ومفكر – الكويت.