يأتيك المدعو أراز علم أو أو ذاكر شاه أو افتخار علي أو أبو الكلام أو كرشنان كوتي.. وغيرهم الكثير، أحدهم أو كلاهما أو جميعهم للعمل لديك بأية مهنة كانت، ولنأخذ مهنة عامل مزرعة كمثال، فتعلمه كل شيء حتى تلك السلوكيات التي تُعنى بنظافته وتغذيته وملبسه ..
ولكونه جاء من موطنه لا يلم بأبسط الأشياء في المهنة التي قدم من أجلها فتدربه على كل صغيرة وكبيرة، وبجهد جهيد ومعاناة لا توصف يبدأ شيئاًِ فشيئاً في اكتساب أبسط مَهارات العمل..
ولما يصبح قادراً على ذلك تبدأ سلسلة الطلبات (أرباب يريد زيادة سليري.. أرباب تكليف شغل زيادة.. أرباب أنا يريد يروح بلاد.. ماما مريض.. بابا في موت.. مدام تعبان.. تشيكو جاي جديد، أنا مريز يريد يروح بلاد عشان علاج) وهكذا دواليك..
فتحاول جاهداًِ تلبية بعضاً من تلك الطلبات الشائكة التي لا تنتهي، ويدك على قلبك مخافة أن تخسر الجهد والمال اللذان بذلتهما لاستجلابه، وفي سبيل الهدف الذي استجلبته من أجله، ولكنك لا تستطيع لذلك سبيلاً بسبب تعدد الطلبات، وتنوع الخيارات المتوفرة لديه ..
فيؤول الأمر إما إلى هروبه إلى جهة غير معلومة فالحاضنات كثر، والعائد وفير، أو مغادرة البلاد والعودة بكفالة أخرى ، وربما لا يتكلف حتى الذهاب إلى موطنه، وإما المجيء متهندماً ومتأنقاً كمستثمر بكل يسر وسهولة، بعدما تم تسهيل إجراءات الاستثمار للأجانب إلى درجة غير معقولة ..
وتكون الحصيلة النهائية خسارة رب العمل، وربما ترك المزرعة ، أو إغلاق منشأته التي هي مصدر رزقه الوحيد ..
كل ذلك يحدث بإسناد وتشجيع من القانون والتشريعات المنظمة لسوق العمالة الوافدة، فالعامل الهارب سيعمل في الحاضنات التي تؤويه، وسيتنقل بين الحاضنة والأخرى بكل أريحية وطمأنينة، ولما يكتفي من جمع تحويشة العمر، ويتخذ قراره السيادي بمغادرة البلاد يجد تذكرة سفره تقول له هيت لك، فهنا تكمن الحماية من خلال تأمين قيمة التذكرة وزيادة عليها من الأرباب ، ربما تحسباً لارتفاع قيمة التذاكر في الوقت الذي يقرر العامل فيه المغادرة..
وعلى الأرباب المسكين الذي أمسى ليس بأرباب الصبر على دوامة متاعب الحصول على مأذونية بديلة ليكون أرباباً من جديد، مع التسليم بأن سلطة الأربابية انتهت من زمان، بعد الممانعة الرسمية من احتجاز جوازه، فأصبح العامل حراً طليقاً من يومها..
أما من غادر السلطنة وعاد مباشرة بكفالة جديدة أو كمستثمرٍ بدون كفالة، فالقانون أيضاً سهّل له هذه الطريقة بعدما تم إلغاء شرط المدة الإلزامية المفروضة على العمالة الوافدة وهي سنتين، حيث كان لا يسمح له بالمجيء إلى السلطنة مرة أخرى قبل انتهاء تلك المدة المقررة، أو الحصول على موافقة كتابية من كفيله السابق ، الأمر الذي حفظ هيبة المواطن العماني الكفيل لذلك الوافد ..
لقد سررنا غاية السرور للقرار الجريء بوقف المأذونيات الجديدة لإحدى الجنسيات التي استكبر بعض أهلها وعاثوا فساداً وإفساداً في سوق العمل، ويا حبذى لو يتم تطبيق هذا الإجراء على جنسيات أخرى رفعت خشمها بعد أن طُبق القرار على منافسيها من الجنسية المحظورة، فخال لها أنها الفرقة الناجية، وإنه لشيء حسن لو يتم شمولية هذا القرار لبعض الجنسيات ذات الأكثرية العددية من العمالة الوافدة طالما أن الخيارات البديلة موجودة ..
فحريٌ بالجهات المعنية بتنظيم وضبط سوق العمل مداومة تحديث إجراءات استقدام العمالة الوافدة، وفرض التشريعات التي تحفظ هيبة الكفيل العماني، وتحافظ على استقرار مشروعه، وإن تعيد شرط المدة الإلزامية لعودة المغادرين إلى ما كانت عليه، وأن تجعل العصمة على العامل بيد كفيله الأول الذي علمه أبجديات، العمل ولو على بعض العمالة البسيطة كمزارع وما شابهها..
وهنا لا عزاء لكفلاء اللوحة التجارية أصحاب التجارة المستترة الذين أعطو الوافد الخيط والمخيط مقابل حفنة هزيلة من المال يرميها له الوافد بين الفترة والأخرى..
ومن يتحجج بما تمليه علينا منظمات حقوق الإنسان فعليه أن يتأمل أدوارها الإنسانية في قطاع غزة خلال حرب الإبادة التي يشنها الصهاينة الأشرار وأذنابهم من اليهود والنصارى والعرب تحت مرأى ومسمع العالم أجمع دون أن تحرك تلك المنظمات ساكنا..
ونحن ولله الحمد في عمان كفل لنا ديننا الحنيف كل ما من شأنه المحفاظة على حقوق الآخرين، ولسنا بحاجة إلى من يعلمنا كيفية حفظ الحقوق والذمم، وبشهادة الجميع أن السلطنة وأهلها هم خير أناس يتمسكون بهذه المبادئ الأصيلة، ويكفينا شرفاً وفخراً وتقديراً شهادة التقدير الصادرة من رسول البشرية صلوات ربي وسلامه عليه ( لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك)
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي
السبت ١٨ شوال ١٤٤٥
الموافق ٢٧ إبريل ٢٠٢٤