تُشِيرُ المُؤشِّرات إلى أنَّ مبادرة تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد سوف يتمُّ تطبيقها في المستقبل القريب، خاصة وأنَّها -كما يُتداول- وَصَلت إلى الدورة التشريعية في مجلسيْ الشورى والدولة. وعليه، فمن المتوقع تطبيق القرار في بداية العام 2025.
وقد تطرقتُ في مقالات ومُداخلات عديدة إلى الآثار السلبية، والتوقيت غير المناسب، والمعطيات الخاصة في عُمان التي تُضَاعِف من هذه الآثار، لكن يبدو أنَّ للحكومة رأيًا آخر، وربما تنظُر للموضوع من مناظير أخرى، وضرورة التعاطي الإيجابي وتبادل الآراء والأفكار مع هذا الموضوع من الجميع -حكومة وأفرادًا- هو لأجل مصلحة عُمان وأهلها والمقيمين فيها لا أكثر ولا أقل.
وعليه، ومن هذا المنطلق، نكتب لإيصال وجهات نظرنا للحكومة، فقبل تطبيق هذه الضريبة التي تُعتبر الأولى بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن القلة القليلة بين دول الوطن العربي، نتمنَّى مراعاة ما يلي:
- ردة الفعل: فإذا كان القرار الحكومي ناتجا عن ردة فعل نتيجة مطالبات بعض المغرِّدين ونشطاء ساحات التواصل؛ فمن الأفضل تأجيل تطبيقها أو إلغاؤها تماما.
- الثقة الكاملة: بمعنى إنْ كان الاستشاري الدولي يُوْصِي بتطبيق هذه الضريبة؛ فذلك لا يعنى تطبيق ما يقول، بل من الأفضل -ولا مانع من- دراسة مُتعمِّقة بما ينقض استشارتهم من الخبراء المحليين الذين تهمُّهم مصلحة عُمان اليوم وغدًا، فمعلوم أن الاستشاري الدولي مُوجَّه ومُنحَاز في أحيان كثيرة، مع كامل احترامي وتقديري للجهات المستقلة.
- الخصوصية العُمانية: فعُمان حالها حال أي دولة، لديها مُعطيات معينة؛ فهل تمَّ دراسة هذه المعطيات بشكل دقيق؟ على سبيل المثال من حيث: مَنْ المستهدفون؟ وكيفية الوصول إليهم؟ وكيف ستكون ردَّات فعلهم؟ وهل أعدادهم مُجدية؟ وغيرها من الأسئلة الكثيرة الموضوعية.
- الاستهداف: إذا كان الهدف هو استهداف أصحاب الدخول العالية؛ فلابد من توقُّع أن من يتم استهدفه لن يقفوا مكتوفي الأيدي، بل سوف يجدوا طرقًا كثيرة للتهرُّب والاختفاء، ولنا فيمن طبَّق هذه الضريبة دروس وعبر.
- العائد والأثر: على الحكومة وباقي المُشرِّعين طرح سؤال جوهري؛ وهو: هل العائد والأثر من تطبيق الضريبة مُجدٍ وإيجابي؟ أو أنَّ الآثار السلبية هي أكثر بكثير؟ وهل تطبيق هذه الضريبة سوف يجعلنا في وضع تنافسي، أو أنه سوف يهرِّب المستثمر المحلي والأجنبي؟ لذلك من المهم الإجابة عن هذه الأسئلة بحياد وواقعية، والنظر إلى مصلحة عُمان العليا أولا وأخيرا دون تحيُّز.
- المنافع: المستهدفون من ضريبة الدخل على الأفراد سوف يتساءلون عن فوائد دفعهم لهذه الضريبة؟ وهل هناك منافع سوف يجنونها مقابل ما يدفعونه؟ فهل الحكومة لديها ما تجيب به؟
- المُطالبات: سقف مطالبات المستهدفين سياسيًّا واقتصاديًّا سوف يرتفع؛ فعُمان ودول الخليج لا تزال دولًا ريعية، أما الدول الأخرى التي تُطبِّق ضريبة الدخل على الأفراد فتطبِّق مبدأ “الضرائب مقابل التمثيل السياسي والمساءلة”، فهل نحن مستعدون لذلك؟
- الشفافية والعدالة: هل التطبيق سوف يكون على الجميع وبشفافية مطلقة وعدالة كاملة، أو أن هناك استثناءات للبعض. وعليه، فلابد للحكومة أن تُقنع المستهدفون بذلك أولًا.
- التوقيت: هل توقيت تطبيق الضريبة الآن مناسب؟ وهل الحكومة -لهذه الدرجة- في عجلة من أمرها؟ خاصة وأنَّ كثيرًا من شركات القطاع الخاص -بأحجامها وقطاعاتها كافة- لم تخرج بعد من آثار تذبذب أسعار النفط منذ العام 2015، ومن جائحة “كوفيد 19″، ويمكن التأكد من ذلك بالحقائق والأرقام من الجهات المختصة كالبنك المركزي العُماني ومركز الإحصاء والمعلومات والمجلس الأعلى للقضاء…وغيرها من الجهات الحكومية المعنية!!
وأخيرًا.. وفي كل الاحوال، طُبِّقت الضريبة أو لم تُطبَّق، أو عند تطبيق أي قرار سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو أمني في المستقبل، نتمنَّى مُراعاة مصلحة عُمان وأهلها والمقيمين على أرضها، واقتصادها، وأن تكون المصلحة العُليا هي الفيصل.
خلفان الطوقي