أولت حكومتنا الرشيدة اهتماما كبيرا بالقطاع الخاص حيث اعتبرت أنه أحد جناحي الاقتصاد الوطني الذي يحلق به في سماء التنمية والازدهار لذلك حرصت على تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة لرؤوس الأموال ووفرت الدعم اللازم والتسهيلات الكبيرة لإقامة المشاريع حتى يقوم القطاع الخاص بدوره المنشود.. وعملت على تشجيع الراغبين في إقامة مثل هذه المشروعات عن طريق تقديم مجموعة متكاملة من الخدمات الفنية والتدريبية والاستشارية لأصحاب المشروعات الصغرى والصغيرة والمتوسطة إلى جانب الترويج لمنتجاتها وغرس ثقافة ريادة الأعمال الحرة لدى الشباب ودعم الابتكار إيمانا منها بما توفر هذه المشروعات من مردود إيجابي على المجتمع فهي تساهم في توفير فرص العمل وتحسن من الاقتصاد الوطني وتنهض بالمجتمع ككل.
ومؤخرا أشارت الإحصائيات إلى أن مساهمة المؤسسات الصغيرة والصغرى في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت إلى 7.4 مليار ريال عُماني بما يمثل 17.7% من إجمالي الناتج المحلي المحقق في السلطنة بالأسعار الجارية والذي سجل 41.8 مليار ريال عُماني، وهذا يعني أن هذه المؤسسات أصبحت تمثل دعامة لا يستهان بها في صرح الاقتصاد الوطني ناهيك عن تأثيرها على تحقيق سياسة التنويع التي تنتهجها الحكومة.
ولا يقتصر دور هذه المؤسسات على المساهمة الاقتصادية فقط بل تلعب دورا كبيرا في توفير الوظائف للباحثين عن عمل وتمكين الشباب اقتصاديا في كافة المجالات حيث ارتفع عدد العاملين في المؤسسات الصغيرة من 495 ألفا خلال عام 2022 إلى 574 ألفا خلال عام 2023، كما زاد عدد العاملين في المؤسسات الصغرى من 574 ألفا في 2022 إلى 658 ألفا خلال عام 2023، وذلك من إجمالي 1.8 مليون من العاملين في القطاع الخاص في السلطنة وفق الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.. وهذا يعني أن المؤسسات الصغرى والصغيرة تضم العدد الأكبر من العاملين في القطاع الخاص وهذا يجسد دورها الهام في المجتمع.
لاشك أن ارتفاع أعداد المؤسسات الخاصة الصغرى والصغيرة وأيضا المتوسطة يدل على اهتمام الشعب الوفي بما يساهم في تطوير الاقتصاد وينهض بالبلاد ويؤكد على نجاح الدولة في توعية المواطنين بأهمية ريادة الأعمال التي يتخطى مردودها الإيجابي الحاضر للمستقبل.. فقد أيقنت أن الاستثمار الحقيقي ليس في المشروعات المقامة بل في المواطنين أنفسهم بإدراكهم ووعيهم لما ينهض بالبلاد ويرتفع بها نحو المعالي.. لذلك شجعت الشباب على الإقدام على إنشاء مؤسساتهم الخاصة مع توعيتهم بأن المسألة سوف تحتاج للصبر والمثابرة فالمشروع كي ينجح يحتاج لوقت وكد وعرق وفكر وصبر وعزيمة قوية وفي ذات الوقت لم تقصر معهم حيث وفرت لهم التسهيلات والبرامج التي تساهم في إنجاح مشاريعهم.. وقد كان الشباب على قدر الثقة التي أولتها لهم الحكومة فانطلق نحو بناء مؤسساته الناجحة التي تدفع بعجلة التنمية وترفع راية عماننا عالية خفاقة بل إن الإحصائيات تشير أيضا إلى تزايد أعداد المؤسسات الصغيرة التي يرتفع تصنيفها إلى متوسطة وكذلك المتوسطة التي ترتقي لتكون مؤسسات كبيرة.
إن هذه المؤشرات الإيجابية وغيرها الكثير في كافة المجالات تدل على أننا نسير في طريق تنفيذ رؤية عُمان 2040 بخطى ثابتة ومستقيمة وواثقة حتى نصل للتنمية المستدامة الشاملة.. فكل التحية لكل يد تساهم في تحقيق النمو والتطور والتقدم لبلادنا الحبيبة.
ناصر بن سالم اليحمدي