في الوقت الذي تسعى فيه (وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040)، بكل إمكاناتها وقدراتها، إلى أداء عملها الكبير في متابعة تنفيذ الرؤية على كافة الأصعدة والمستويات، ومع كل الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة؛ تجسيدًا للمسؤولية الملقاة على عاتقها من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله وأبقاه – والاضطلاع بالأمانة التي تحملها والسير بها لتحقيق أهدافها وتنفيذ أولوياتها؛ إلا أن ذلك لا يتأتى إلا بتعاون كافة الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع في المضي قدمًا لتحقيق أولويات الرؤية؛ كلٌّ في مجاله واختصاصه، وتحقيق معدلات الأداء المستهدفة في كل عام.
وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع زيادة جرعة العمل، والتنسيق المشترك بما يحقق المتطلبات، بعيدًا عن الإملاءات والمتابعات من الوحدة، وإنما انطلاقًا من روح المسؤولية التي يُتَطلَّب من الكل الالتزام بها.
لا شك أن وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 تعمل – على ما يبدو – ضد عقارب الساعة، وفي سباق محموم مع الزمن للحاق بتحقيق مستهدفاتها بصفتها جزءًا من المسؤولية التي تضطلع بها؛ من متابعة الجهات الحكومية والخاصة، وتهيئة كل السبل لها، وتوفير كل الممكنات التي تسهم في تحقيق أهدافها، ويعمل كافة المسؤولين والعاملين فيها ليل نهار في متابعة الأولويات والمؤشرات بدون كلل أو ملل، وعبر توظيف الإمكانيات المتاحة لهم كما ينبغي، وتوفير الموارد البشرية المؤهلة من خلال الانتدابات من الشركات والجهات الحكومية؛ لتسريع وتيرة العمل من جانب، وسد العجز في الكوادر البشرية لمتابعة متطلبات العمل بصمت من جانب آخر، تاركةً “الجمل بما حمل” من رحيق المبادرات والأعمال التي تنجزها للغير ليخطفوا أضواءها الإعلامية، مقتنعين بأنهم والوحدة مُمكِّنان للعمل وليسا منفذًا له، وتعمل والفريق من وراء الكواليس على أمل أن تُنفِّذ كل ما يخطط له؛ لكي تكتمل الرؤية على أرض الواقع، وتتحدث المشاريع عن نفسها أو من خلال الجهات التي تديرها.
ومع ذلك فإن أكبر معاناة تعانيها وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 أنها وجدت نفسها بين المطرقة والسندان، وفي مواجهة مجتمع مُتشوِّق ومتطلِّع إلى الإنجاز وإلى أن يرى الرؤية على أرض الواقع، وفي اقتران مذهل بين الأقوال والأعمال، وبين جهات عدة تتلكأ ما بدأت في التنفيذ وتتأخَّر في الإنجاز، ثم تضيع الأمور هكذا في دهاليز البيروقراطية العنكبوتية المتهالكة، أو في المجاملات الأخوية وبدون إجراءات عقابية إن جاز لنا التعبير.
فعلى الرغم من أن الوحدة تعتمد على المؤشرات المنجزة والتطورات المعلنة وتقييم الأداء من خلال ما يتم إنجازه من جانب الجهات الحكومية، فإنها لا تفصح عنها بالتفصيل كي يعرف المواطن والمجتمع بشكل عام، وحتى الحكومة، مَواطن الخلل والنقص في الأداء للوصول إلى مرامينا من رؤية عمان 2040، وهو ما يجب أن نأخذه في الاعتبار لتعزيز ثقة المجتمع بها، وكذلك لإكساب الرؤية الثقة التي تستحقها، وما يمثله ذلك من تفاعل إيجابي.
فلا يجب الاكتفاء بالمؤشرات الاقتصادية وغيرها التي لا يمكن أن يقرأها العامة من الناس، ويعرف من يقف وراءها، سواء على صعيد النمو أو عكسه؛ فمسألة الوحدة والحكومة تترتب عليها اختلال في الثقة بين الأطراف يجب أن تُعالَج بأسرع وقت ممكن؛ لتلافي ما يمكن تلافيه بجَسْر الفجوة بين الرؤية والوحدة والمجتمع.
وفي هذا الشأن، لا نغفل عن أن منظومة الاتصال يجب أن تكون أكثر استراتيجيةً وشموليةً في عكس ما يُنجَز من كافة أجهزة الدولة، وربطه بالرؤية والوحدة باعتبار ذلك جزءًا من استراتيجية تضييق الفجوة، فلا يمكن أن نجلس في جزر منعزلة، ولا يمكن أن نبقى “محلَّك سِر” في عالم لا يؤمن إلا بالإعلام والتواصل الاجتماعي وكيفية تسخيره لخدمة أهدافنا؛ الأمر الذي يتطلب تغيير الكيفية الروتينية التي تعمل بها الرؤية في التواصل مع المجتمع، وباللغة التي تفهمها كل الشرائح. هذا هو الإعلام الذي درسناه ومارسناه، وإلا فإن الرسالة لن تصل، وسنُغرِّد – هي ونحن – خارج السرب كما يقال.
بالطبع تبذل وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 جهودًا غير عادية في العديد من الجوانب المتشابكة والمتداخلة، وهذا ما أَمْلَتْه ضخامة الأهداف والمستهدفات، وهذا أمر لا غبار عليه عند اكتمال السيطرة الإدارية على كافة هذه التقاطعات إلكترونيًّا، والمضي بها نحو شواطئ الاكتمال، ولا نقول: الكمال؛ فهو لله وحده.
نأمل أن تصل كافة الأطراف ذات العلاقة إلى الصيغة المثلى التي تحكم نمط الأداء، وتنسيقه وترتيبه بحيث لا تبرز بعد الآن أيُّ مداخلات تقدح من النمط الجديد في العمل والأداء؛ فتحقيق كافة مستهدفات الرؤية، وفق الجدول الزمني المحدد قبلًا، مسألة لا تقبل أنصاف الحلول.
علي بن راشد المطاعني