الحوار نيوز / بروكسل
في غضون 48 ساعة ، ارتكبت اسرائيل ،وبدعم امريكي و دولي ،ثلاث جرائم واعتداءات في لبنان و العراق و ايران .
في الضاحية الجنوبية استهدفت احد قادة المقاومة في حزب الله ،وفي إيران ، مستهدفة رئيس المكتب السياسي لحماس الشهيد إسماعيل هنيّة ،وفي العراق حيث استهدفت مواقع للحشد الشعبي في جنوب بابل ،أدّت لاستشهاد عدد من مقاتلي الحشد . والاعتداء على مواقع الحشد الشعبي يظهر جلياً التعاون الوثيق بين إسرائيل وامريكا والتحالف الدولي ، والذي يسمح لإسرائيل بالقصف ،ولربما يشارك معها بالقصف ، بَيدَ وجودهم في العراق ( واقصد التحالف الدولي والحليف الأمريكي) هو لمحاربة الإرهاب وتعزيز قدرات الدولة !
إسرائيل تُطبّق ، وبطريقتها ، أسلوب ” وحدة الساحات ” في الاعتداء والاغتيالات ، و تحققّ هدفيّن : الاول هو اظهار قدرتها في تحديد وتشخيص الهدف وكذلك الوصول اليه ، والهدف الثاني هو لمعرفة و اختبار رّدْ محور المقاومة، هل ستتلقى ضربة واحدة موّحدة من قبل محور المقاومة ،وبعنوان الرّدْ على هذه الاعتداءات والاغتيالات ام ضربات متعدّدة ولاهداف متعددة من قبل اطراف محور المقاومة ؟
هل سترد طهران على تل ابيب ، وقد وعدَ السيد الخامئني في البيان الذي اصدره ،بالثأر و الانتقام ؟ وهل سترد بيروت الضاحية الجنوبية على جنوب تل ابيب ؟ وهل ستشارك اليمن في العمل الانتقامي ،وبموجب اسلوب او شعار ” وحدة الساحات ” ؟
إسرائيل في حربين : حرب ابادة في غزة ،وحرب اعتداءات واغتيالات خارج غزّة، او حرب اغتيالات عربية واقليمية . ولو كان وجود وحضور لقادة من محور المقاومة في دول العالم ، في فنزويلاً مثلاً او في اوربا ، لما تردّدت اسرائيل في السعي لاغتيالهم . كل أصناف الجريمة والقتل متاحة لإسرائيل ، وفي كل مكان ، و ما تقوم به ،حسب قواميس امريكا و بعض دول الغرب ،ليس اعتداء او ارهابا ،و انما دفاع عن النفس !
إسرائيل ،ورغم انها في حربين ،و رغم الدعم الصهيوني الأمريكي وغير الأمريكي لها في هاتين الحربين ،هي تدور حول نفسها وتتآكل ،ولم ولن تحقّق ما تصبو اليه وهو الوجود والأمن والهيمنة . اغتالت احمد ياسين فجاء بعده من أشّد و اقوى منه، وهو الشهيد إسماعيل هنيّة .اغتالت العياش فجاء محمد ضيف وجاء السنوار ، وجاء وجاءَ …
تحارب في شمال غزة وتنتقل إلى وسطها ثم إلى جنوبها ،ثم تعود لتقاتل ،مرّة اخرى في شمال غزّة ، وهكذا دواليك .. هي في حلقة مفرغة من الإنجازات ومليئة بالإخفاقات ، الاّ اللّهم من قتل الأطفال وهدم المساكن والمستشفيات والجوامع والطرق وشبكات الماء .
اغتيال هنيّة في طهران هي رسالة إلى محور المقاومة ،مفادها ساحتكم ( وحدة الساحات ) وبلدانكم في حالة حرب مع إسرائيل وهي مُباحة لنا ومتاحة لقواتنا وطائراتنا . وهي رسالة تحدّ و دعوة إلى المنازلة ،إلى الحرب .لم تقدمْ إسرائيل على اغتيال هنيّة في دولة اخرى ،و انما تعمدّت ارتكاب جريمتها في طهران .
نجاح إسرائيل في تحديد مكان اقامة هنيّة ، ونجاحها في الوصول اليه يجعلُ المتابع يتساءل عن وفاة الرئيس رئيسي ،في تحطّم طائرته ؟
هل اطمأنّت إسرائيل على استحالة اقدام محور المقاومة على بدء الحرب او الرد فقط بالصبر الاستراتيجي وليس بالحرب ؟ وهل أسدلت إسرائيل الستار، وعلناً ، على جهود السلام ودولة فلسطينية ،بعد قرار الكنيست الإسرائيلي برفض مشروع اقامة دولة فلسطينية ؟
لا اقول يبدو، وانما أنا متيقن من أنّ اسرائيل تمضي ، وتمضي الآن و علناً بمسار القتل والحرب ، وبدعم واضح وصريح ايضاً من امريكا .
استعداد اسرائيل وامريكا للحرب ،بل وسعيهما لها ،دليل على انَّ إسرائيل تواجه حقيقة خطر الزوال ، و مَنْ يواجه خطر الزوال ،يتجاوز كل الخطوط الحمر ،ويتجاوز” كماليات ” أمن وسلام وحقوق شعب فلسطيني.. الخ.
اننا امام مشهد و مصير المنطقة بيد الميدان ،حيث ينحسر المسار السياسي .
قبلَ اغتيال الشهيد إسماعيل هنيّة ،رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، اغتالت اسرائيل وبدعم أمريكي ، المسار السياسي لكل ما له علاقة بفلسطين .
لم يعدْ غير طريق القدس وطريق المقاومة إلى فلسطين . أوصدت إسرائيل ، وبدعم أمريكي ، مسارات السلام ،و مسارات الحل السياسي .
لن يكُ لرد محور المقاومة ايّ اثر سياسي وعسكري ما لمْ يستهدف الرد المتوقع تل ابيب .
تكرار استهداف تل ابيب يجعل من عاصمة الكيان هدفاً عسكرياً مشاعاً ولم يعد ،كما كان في السابق ، امراً محرّماً او كبيراً في عواقبه .
عدم استهداف تل ابيب ستعتبره اسرائيل علامة ضعف ، وستقود اسرائيل إلى التمادي في الاغتيالات والاعتداءات.
قد يكون صادقاً وزير الخارجية الاميركي حين ينفي علم الادارة الامريكية بعزم او بإقدام اسرائيل على اغتيال هنيّة ، لأنَّ اسرائيل هي التي تقرر ، وما على امريكا الاّ الموافقة بالرضا او بالإذعان . و غالباً ما تخشى اسرائيل كشف المستهدف في الاغتيال وحيثيات العملية خوفاً من إفشائها و فشلها ، واحياناً تضطر اسرائيل إلى اعلام الجهات الأمريكية المختصة ،ليس لطلب الموافقه ،وانما لطلب الدعم في تنفيذ العملية .
السفير الدكتور جواد الهنداوي