ينكشف واقع الداخل اللبناني يوما بعد يوم ،وتتساقط اوراق التوت عن جسد وطن متهالك يضج بكل انواع التناقدات، وطن منقسم على ذاته منذ نشأة كيانه من وجه عربي بثقافة غربية لعربي على مائدة التبعية، لم يكن يوما قراره حر وبقيت ترسم سياسته بالخارج على طاولات المؤتمرات الاستعمارية تكريثا لحالة شعوبه التي تعيش قبليتها بكل إصرار ، يرعاها نظام فرز عنصري بمعايير مذهبية هو تركة من الاستعمار، بدستور طائفي وودائع بشرية اقطاع سياسي امسك ورقة الحكم وشكل الدولة العميقة، تغلغل بمنافذ الإدارة امسك مقومات السلطة أطبق على مركز القرار فيها ،استأثر بمقومات الاقتصاد عبر شركات الامتياز والوكالات الحصرية ، اطبق على الحياة العامة وقسم المواطنين مناطقيا طائفيا ومذهبيا ، بغياب مشروع الدولة الذي لم يكن يوما جديا وهدفه قيامة دولة حقيقية او أنه انطلق من مشروع يجمع ابنائه “مواطنين لبنانين”
برغم ما يمتلك لبنان مقدرات طبيعة وموقع جغرافي، بمقومات تميزه عن كثير من بلدان العالم ، إضافة لفائض كوادر بشرية ثروة قومية، تميزوا خارج حدوده تبؤا أعلى المناصب، قوة فاعلة تركت بصماتها اينما حلت وفي شتى الميادين ، رفعت اسم وطن الارز عاليا لمصافي بلدان عظمى ، الا ان كل هذا لم يترجم بالداخل في بناء مجتمع لبناني متماسك ، وبقي لبنان وطن منزوع الهوية منقسم على ذاته ، وامام كل منعطف تتنهي مفاعيل كذبة العيش المشترك والشعب الواحد ، ويغيب ترف الوحدة الوطنية لتتجلى حقيقة أن لبنان الرسالة هو فقط في ضمير أبناءه الذين يدافعون عنه يقدموا أرواحهم فداء لوطن ارادوه سيدا بمعيار القدرة على حماية ارضة وشعبه من العدو، وحرا في قراره الذي ينبع من صمود أبناءه، مستقل عن التبعية والمؤتمرات الدولية ، وطن ارادوه قويا بمقاومة، استراتيجية تصنع معادلات النصر وأوراق القوة تفرضة رقما صعبا في الشرق الأوسط، مقررا على طاولة رسم سياسات العالم ،بحجم يفوق ممالك، امارات ودول عربية، وقدرة تأثير بالاحداث تفوق مؤتمرات الخنوع والتطبيع، بعد أن بقي عقودا من الزمن مستباح بشعار “قوة لبنان بضعفه” معادلة خنوع ابقته أرضا مستباحة للاسرائيلي برا، بحرا، جوا وتاريخ مليى بالدمار والمجازر ارتكبت تحت علم الأمم المتحدة، وقف العالم كله أمامها شاهد زور كما يقف اليوم صامتا أمام ما يجري في غزة اليمن، وفي جنوب لبنان الذي يدفع فاتورة عن كل الوطن والامة ايمانا بقضية حق ، حبا للحياة بعز وكرامة ، وليس تسول على عواصم القرار أو منة من استعمار بلحظة حرجة بتاريخ المنطقة عموما، بدأت تتكشف معالمها ،حرب كبرى وصراع مشاريع لنسج معادلات اثبتت المقاومة اللبنانية قدرتها وجدواها رغم التحامل السياسي عليها الذي وصل حد العداء والتقاطع مع العدو، لا بل رهان البعض على جحافل جيوش الغرب، والتنظير لقدرة حملاته ، وتحديد أهداف يمكن للعدو استهدافها ، وهذا ليس صدفة بل استكمالا لطرح سابق والعمل لمؤتمر دولي هو قناع للتطبيع الذي سقط مع طوفان الأقصى ولم يعد مجديا ، وانتهى أمام واقع ميدان الجبهات التي صعبت بتوحدها المواجهة على العدو الاسرائيلي، نتيجة تٱكل نظام الردع عنده، شكلت له جبهة لبنان عقدة يعجز عن تجاوزها عسكريا او سياسيا، جبهة كلفت أهالى المناطق الحدودية اثمان كبيرة تعودوا عليها، لكن الذي استجد فيها فاق الوقاحة السياسية عند اليمين اللبناني الهرم ، وبقايا الاستعمار من استغلال يمارس على أبناء الوطن المهجرين المدمرة منازلهم والمهدد عيشهم وهم الذين تركوا ابنائهم على الجبهات، ليواجهوا ليس عدوا واحدا بل عدوين اثنين الصهيوني والاسوء منه الذي يستغل أزمة المهجرين اقتصاديا بجشع أو بخلفية سياسية “ما بتشبهونا” فهذا عار قبل أن يكون جرم وهو خيانة بمثابة وسام عمالة للعدو حتى بالسكوت عنه جريمة ولو لم تدخل ضمن أولويات عمل الحكومة ، ولم تحرك أجهزتها الرقابية او القضائية ، حتى المجالس المحلية تخلت عن ادوارها الوطنية والإنسانية، وهي التي ارتفع منسوب إحساس يوما اتجاه النازحين السوريين، الذين تحولوا عبئا وطنيا انقلبوا عليه بعد حفلات الاستقبال لانه لم يعد يخدم مشروعهم ، وسقط رهانهم على فتنة تلداخل، فإذا كان جرم الخيانة العظمى له معايير وشروط فهي حكما تسريمن يستغل النازحين اللبنانيين ولو لم يدخل في صلب المادة القانونية لانه لم يخطر يوما ببال مشترع أن في الوطن من يخون بوقاحة يستغل أبناء الوطن ليتقاطع مع الخارج والاهم أن منهم من يحاضر بالوطنية أو بمواقع السلطة ولا زال يعتبر نفسه شريكا بالوطن فپئس وطن يحمي هكذا بشر يجب أن يجردوا من الجنسية اللبنانية
د.محمد هزيمة
كاتب سياسي وباحث استراتيجي