شكرا نادي العامرات .. قرار شجاع وجرئ القرار الشجاع والجرئ الذي اتخذه نادي العامرات الرياضي الثقافي في رأيي يعبر عن رأي كل مواطن عُماني إن لم يكن عربي وذلك عندما أصدر بيانا رسميا أعلن فيه عن انسحابه من بطولة كأس أبطال العالم للأندية الشاطئية 2024 المقامة في إيطاليا بسبب وجود فريق يمثل الكيان الصهيوني في المجموعة التي يلعب فيها النادي والبطولة بشكل عام.
بالطبع هذا القرار يجسد المبادئ والقيم التي يلتزم بها العُمانيون تجاه الإخوة الفلسطينيين وقضيتهم الملتهبة.. فلم يعبأ المسئولون في النادي بتبعات هذا القرار وبما قد يواجهونه من عقوبات وجزاءات من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم ولكن مبادئهم الإنسانية والتزامهم تجاه أشقائهم الفلسطينيين يتعدى أي عقوبة.. فالنادي كما قال رئيس مجلس إدارته يدعم القضية الفلسطينية وشدد على أن الرياضة كما هي وسيلة للتفاهم والتعاون بين الشعوب فإنها أيضا ليست أداة لدعم الممارسات التي تتعارض مع حقوق الإنسان.. فتعزيز قيم الإنسانية والسلام يكون من خلال الرياضة.
لاشك أن قرار نادي العامرات يدل على مدى الوعي الذي يتمتع به المسئولون والشباب في بلادنا الحبيبة وأن واجب كل مواطن مناهضة الكيان الصهيوني قدر الإمكان كل في مجاله إذا ما أتيحت له الفرصة.. خاصة في ظل حرب الإبادة الضروس التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمجازر التي يرتكبها يوميا ويقع ضحيتها عشرات الشهداء.. وبالتالي أقل رد فعل للتعبير عن الرفض القاطع لهذه الممارسات القمعية هو استخدام سلاح المقاطعة عسى أن يأتي بنتيجة ويساهم في إفاقة من يعيش في غيبوبة التطبيع.
إن سياسة السلطنة من القضية الفلسطينية واضحة واتخذت خطا ثابتا منذ بدايتها وقد أعلن المسئولون في الدولة في أكثر من مناسبة وبكافة الوسائل الشفوية والعملية وفي كل المحافل الدولية والإقليمية عن دعم السلطنة الكامل حكومة وشعبا للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وطالبت أكثر من مرة المجتمع الدولي بتحمل مسئوليته في إيجاد حل سلمي سريع وعادل وشامل لقضية العرب الأولى حتى ينعم الشرق الأوسط بل العالم أجمع بالأمن والأمان.. فالعمانيون يعتبرون أن الفلسطينيين جزء من الجسد العربي وسيأتي اليوم الذي يحصلون فيه على حقوقهم المشروعة ووطنهم المنشود ودولتهم المستقلة ذات السيادة والحدود المتفق عليها دوليا.. ولقد وصلت القضية الفلسطينية إلى منعطف خطير يتطلب حلا سريعا لإنهاء الاحتلال الجائم على صدور الأشقاء الفلسطينيين ووضع حد للقتل والقمع والتشريد والاستبداد الذي يعانون منه.
لاشك أن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى دعم معنوي ومادي كي يستطيع الوقوف في وجه العدو الصهيوني الغاشم والمطالبة بحقوقه.. ومثل هذه القرارات التي اتخذها نادي العامرات تدعم الأشقاء الفلسطينيين وتعرفهم أن إخوانهم يقفون بجانبهم يساندونهم وينبذون العدو الصهيوني حتى لو في مجال الرياضة.. فالدعم يجب أن يكون بالأفعال وليس الأقوال فقط وهذا ما ترجمه قرار النادي العماني الذي أظهر للعالم أجمع أن الشباب العماني يقف بجوار إخوانهم الفلسطينيين ويرفض الإرهاب الإسرائيلي.
الغريب أنه في الوقت الذي يرفض فيه الفريق العماني المشاركة في هذه البطولة نجد أن مهاترات لا أساس لها من الصحة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وروج لها أعداء الوطن للتشكيك في موقفه إزاء القضية الفلسطينية والتي ادعت زورا وبهتانا عن عزم السلطنة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب وهو ما نفاه تماما وكيل وزارة الخارجية العمانية للشؤون السياسية الشيخ خليفة بن علي بن عيسى الحارثي بأنه لا نية للسلطنة في التطبيع مع إسرائيل، مؤكدا أن التطبيع مع دول بالمنطقة لم يمنع إسرائيل من التنكيل بالفلسطينيين.. وهو ما يؤكد مجددا على أن قيادتنا الحكيمة تعتبر دائما القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى التي يجب أن تحل على أساس عادل يعيد للشعب الفلسطيني حقه المشروع في الحياة الكريمة في وطن مستقل ذي حدود وسيادة واستقلال.. ومن يقلب دفتي التاريخ العماني يجد أن السلطنة على مدار عصورها المختلفة كانت تتصدى للمعتدي وتقف بجانب المظلوم وتدعمه بكافة المساعدات المادية والمعنوية.. والعمانيون قيادة وشعبا لن يتوانوا عن نصرة الفلسطينيين حتى يعم السلام ويعود الحق لأصحابه.
مجلس التعاون وحلم التكامل المنشود
عندما أنشئ بيتنا الكبير مجلس التعاون الخليجي كان بهدف تحقيق مبدأ الوحدة والحرص على توطيد وشائج الأخوة بين الأشقاء الذين يشتركون في كثير من السمات مثل وحدة التراث والانتماء والعقيدة فضرب المثل للوحدة والتعاون والتكامل.. وعلى مدار عمره المديد حرص قادته على تقوية هذه الوحدة باعتبارها الحل الوحيد الذي يحمي دولها من أي مخططات للاستعمار والتدخل الخارجي وبما يحقق لشعوبها الأمن والأمان والرفاهية.
ومن صور التعاون التي حققت نجاحا منقطع النظير شبكة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون التي حققت جاهزية بنسبة 100% في الحالات الطارئة وأسهمت في مساندة ما يقارب 2700 حالة دعم منذ بدء التشغيل وحتى الآن واستطاعت هيئة الربط الكهربائي الخليجي تحقيق الأهداف المرجوة من تجنب الانقطاعات الكهربائية في شبكات دول مجلس التعاون، وتمكنت من تحقيق مجموع وفورات اقتصادية تجاوزت 3.5 مليار دولار أمريكي حتى عام 2023، وذلك وفقا لتصريحات صحفية لسعادة محسن بن حمد الحضرمي وكيل وزارة الطاقة والمعادن الذي أكد أن الوفورات الاقتصادية المحققة من مشروع الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون تجاوزت تكلفة المشروع وهو ما يؤكد نجاحه بشكل ساحق.
لاشك أن كل خليجي يشعر بالسعادة والفخر عندما يقرأ عن اتساع حجم التعاون البيني بين دول مجلس التعاون في أي مجال فهذا يشعرنا جميعا بالطمأنينة على مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.. فالسياسات الاقتصادية الخليجية تسير من نجاح إلى آخر والتي نتمنى أن تتضاعف حتى يتحقق التكامل الاقتصادي الكامل المنشود.
إن التحديات التي تواجه مجلس التعاون الخليجي كثيرة.. وإذا كانت صيغة المجلس الحالية قد نجحت في الحفاظ على استمرار المجلس والسير به خطوات نحو الطموح المنشود إلا أنه من الضروري أن يزيد من قدراته الاقتصادية والدفاعية ويكون له القدرة على التأثير في محيطه عبر ما يمتلكه من وسائل وما تتوافر له من إمكانيات وأوراق من أجل أن يصبح ركيزة أساسية من ركائز العمل والتأثير سواء على المستوى الخليجي أو على المستوى العربي الأوسع بل على المستوى العالمي.
إن الأيام تثبت تباعا بما لا يدع مجالا للشك الأهمية الكبرى لحاجة الدول لتكوين تكتلات تعاونية مثل مجلس التعاون الخليجي لتذليل كافة الصعوبات التي تواجه أعضاءها في طريق تحقيق آمال وتطلعات شعوبها من أمن وسلام لاسيما إذا كان هذا التكامل في مجال الاقتصاد الذي هو أحد أسباب القوة وهو الطريق الصحيح لتحقيق الرفاهية والتوازن الاجتماعي للشعوب والتنمية المستدامة التي ننشدها جميعا.
ناصر بن سالم اليحمدي