تبذُل اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان جهودًا حثيثة وعملًا دؤوبًا من أجل الاهتمام بمختلف القضايا الإنسانية والاجتماعية، التي تدعم مسيرة حقوق الإنسان في وطننا العزيز، وفي احتفالها باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ركزت اللجنة على فئة كبار السن، تلك الفئة المهمة من شريحة المجتمع والتي تعد من الشرائح التي تحتاج إلى عناية واهتمام كبيرين؛ كونها الفئة التي قدمت الكثير طوال حياتها لتحصل في المقابل على حياة جميلة ورائعة لا سيما بعد التقاعد.
وقد كرمت اللجنة عددًا من المشاريع والمبادرات الحكومية والخاصة والتي تساهم بشكل كبير في مد يد العون لهذه الفئة التي تعد من أهم الفئات التي ساهمت في بناء الأجيال جيلًا بعد جيل.
هذه البادرة الطيبة هي جزء لا يتجزأ من الدور الفعال التي تقوم به اللجنة مع العديد من المبادرات الأخرى التي تعنى بالإنسان وتهتم بالأنظمة والتشريعات وتساهم في تطبيقها في مواضعها.
وفي ظل ما نجده من اهتمام كبير على مستوى مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، بفئة كبار السن، يؤسفنا ويؤلمنا أن نجد بعض حالات عقوق الوالدين، وإهمال جسيم من بعض الأبناء لآبائهم وأمهاتهم، متغافلين تمامًا مسؤوليتهم الأخلاقية والدينية والمجتمعية بل والإنسانية عن رعاية الأشخاص الذين كانوا سببًا في وجودهم في هذه الحياة، وبذلوا كل غالٍ ونفيس من أجل أن يصبحوا على ما هم عليه.
لا شك أن الغالبية العظمى من مجتمعنا الأصيل هم من البارين بوالديهم، ونجدهم يقدمون كل سبل الرعاية والعناية بكبار السن. وهذا هو الواجب على كل فرد في المجتمع، أن يولي هذه الفئة الوقورة الوقت الكاف والاهتمام اللازم، مهما كانت الظروف والالتزامات.
إننا اليوم ونحن نقلب في صفحات التاريخ، ونقلب في الكثير من المشاهد والصور فإن الذين صنعوها لنا وحققوا تلك الأمجاد هم هذه الفئة، التي اليوم تنقل الصورة وتحكي لنا القصص وتسرد لنا الحكايات وتخبرنا عن جمال الحياة في مراحلها الأولى التي عاشوها.
ولقد حمل احتفال اللجنة هذا العام شعار “خطوات مستدامة لحماية وتعزيز حقوق كبار السن في سلطنة عُمان”، إيمانًا من اللجنة بأهمية الالتفات إلى هذه الفئة، وإيلائها الرعاية اللازمة، بالتعاون والشراكة مع مختلف مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني وجميع أفراد المجتمع.
ومما يبعث على الفخر أن وطننا الغالي عُمان يُولي فئة كبار السن الاهتمام المُستحق، خاصة وأن النظام الأساسي للدولة، أكد على حقوق هذه الفئة، من خلال ضمان الحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية، والمعونة في حالات الطوارئ، والشيخوخة، ولعل أبرز مثال على هذا الدعم أن صندوق الحماية الاجتماعية يقدم لكبار السن منفعة خاصة بهم، تقديرًا وعرفانًا بأدوار هذه الفئة وما قدمته من عطاء خدمةً للوطن.
الجميل في هذا الاحتفال أنه تضمن استعراضًا لتوصيات الجلسة الحوارية التي نظمتها اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان قبل أيام؛ والتي سعت إلى مضاعفة جهود مختلف الجهات لضمان حقوق كبار السن، وتطوير الخدمات المقدمة لهم وفق أفضل الممارسات الدولية. ومما يجدر ذكره من هذه التوصيات أن الخبراء دعوا إلى “إيجاد آلية لضمان توحيد الجهود والتكامل بين جميع الجهات المعنية بتقديم الخدمات لكبار السن، والعمل على إصدار قانون شامل لحماية وتعزيز حقوق كبار السن في سلطنة عُمان يتفق مع المعايير الدولية ذات الصلة، وتحديث التشريعات الحالية”. ولا شك أن مثل هذه التوصيات ستجد طريقها للجهات المعنية، لا سيما من مجلس الشورى الذي يُعوَّل عليه في مثل هذه الأمور أن يأخذ بزمام المبادرة ويسعى لإصدار تشريع جديد يختص بكبار السن.
وأخيرًا.. إنَّ الجهود المتواصلة لحماية وتعزيز حقوق كبار السن، تعكس ما تنعم به سلطنة عُمان من تقدم في مختلف المجالات، وتؤكد أننا ماضون على الطريق الصحيح نحو تحقيق التطلعات المجتمعية وبصفة خاصة تلك التي تتواكب مع مُستهدفات رؤية “عُمان 2040”.
كلمة شكر وتقدير ومحبة واعتزاز وفخر لكل رجل وامرأة خدموا هذا الوطن وبذلوا الغالي والنفيس من أجل أن يتقدم، وأن نجد نحن- أبناء الأجيال الشابة- كل هذا الإنجاز من حولنا.
مدرين المكتومية