يكتسب إطلاق التصويت على الهوية البصرية الوطنية أهمية كبيرة؛ لاختيار الأفضل من بين الخيارات المطروحة ولوضع خارطة طريق للعلامة التجارية لسلطنة عُمان في الداخل والخارج، وذلك بعد جهود كبيرة بذلت من جانب فريق البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية (نزدهر) دامت 12 شهرًا؛ لإيجاد الأرضية الملائمة لتصميم هوية تعكس ملامح هذا الوطن، وتقدم رسالة واضحة للعالم عن سلطنة عُمان وبمكنوناتها وإرثها التاريخي العريق، فالوصول إلى اختيار هوية بصرية وطنية واحدة تُمثل البلاد في حد ذاته خطوة هامة على المسار الصحيح للترويج للعديد من المجالات والتعريف بهذا الوطن، الأمر الذي يُحفزنا جميعًا لاختيار الأفضل من الهويات التي ستعرض للتصويت للعامة لمدة أربعة أيام خلال الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر لعام 2024 الجاري، والهوية البصرية تهدف في إطارها العام؛ لتحقيق مكاسب اقتصاددية واجتماعية من خلال التركيز على جلب الاستثمارات الداخلية والخارجية وأيضًا تفعيل وتعضيد الترويج السياحي باعتباره أحد أعمدة اقتصادنا الوطني الهامة؛ إضافة لتنمية المواهب المحلية في كافة المجالات وتأهيلها للاضطلاع بدورها في رفد العجلة الاقتصادية بطاقات مبدعة، وأيضًا استقطاب المواهب العالمية في إطار منظومة متكاملة لإبراز قدرات الوطن التنافسية.
وعبر هذه المحاور تبرز الدول قدراتها التنافسية على الصعيد الإقليمي والدولي، فسلطنة عُمان ستعمد للدخول لحلبة التنافس بين الدول ولكن من خلال منظورها الخاص المستمد من هويتها المتميزة والمتفردة، وبالتالي فإن التصويت المجتمعي على ثلاث هويات بصرية، يهدف بداية ونهاية للحصول على دعم المواطنين والمقيمين باعتبارهم جزءًا فاعلًا في المجتمع العُماني الكبير.
بلا شك أن الجميع يدرك أهمية الهويات البصرية الوطنية ودورها الترويجي للدول، وعلى ضوء ذلك فإن الدول والشركات تتسابق في إبراز ما لديها من إمكانات وقدرات، وإبراز ما ترغب في أن يراه العالم باعتباره مُبهرًا ويضيف للوطن قدرات تنافسية قوية، كل ذلك يجعلنا نلتف وندعم بكل طاقاتنا هذه المبادرة الوطنية الرائعة التي جاءت بعد مخاضات طويلة لاختيار هوية وطنية بصرية تُعبر بصدق عن بلادنا وتغدو عنوانًا لها في كل المحافل الإقليمية والدولية، وبإعتبارها مجسدة للسمات والخصوصية العُمانية، والتي يعرفها العالم لكنها لم تبلور بعد على صيغة إستراتيجيات وخطط تهدف للنهوض بالعديد من الجوانب مثل الاستثمار والسياحة وغيرها من المجالات.
بل إن هذه المبادرة جاءت بعد مراحل طويلة من العمل الدؤوب لإيجاد صيغة تعكس ملامح دولة عريقة مثل سلطنة عُمان لديها الكثير مما تقدمه للعالم، ولعل طرح الهوية البصرية للمواطنين والمقيمين على حد سواء يعبر عن فلسفة المشاركة في صنع القرار، وهو النهج الحكيم الذي تنتهجه الحكومة في إطار تفعيل روح المشاركة الإيجابية، وباعتبار أن الهوية البصرية الوطنية تُمثل الشعب كله والوطن جميعه .
فهذا التصويت يُعد نقلة نوعية في مسار العمل التشاركي الذي من شأنه أن يضمن الإجماع على الهوية الملائمة والمعبرة بصدق عن مكنونات الوطن وتوجهاته الآنية والمستقبلية، وفي كل المجالات التي أشرنا إليها .
فالهوية البصرية الوطنية تعكس العديد من العناصر الثقافية والفنية المعبرة بصدق عن مكنونات البلاد، وأن التصويت على اختيار أفضل شعار يُمثل سلطنة عُمان أمام العالم بأسره نحسبه مسؤولية وطنية تحتم على الجميع المشاركة في هذا الجهد عبر الموقع الإلكتروني الذي صُمم خصيصًا لهذه المبادرة التي تهدف إلى تسليط الضوء على سلطنة عُمان عالميًّا، وما يميزها بين الدول هي ومنتجاتها وثقافتها وإرثها التليد.
لقد بذلت جهودًا كبيرة حتى يتسنى الوصول إلى ثلاثة نماذج للهوية البصرية الوطنية من بينها جمع 5.500 استبيان دولي، وتحليل أكثر من 3.8 مليون كلمة مفتاحية في محركات البحث لتحديد أفضل السبل لتنفيذ الهوية الوطنية العُمانية، وأكثر من 700 صورة تُجسد سلطنة عُمان بكل مكوناتها؛ وذلك برعاية وقيادة فريق متكامل يضم نخبة من المبدعين من المصممين والرسامين والمصورين الذين تدارسوا الأفكار التي من شأنها أن تعكس ما نصبو إليه إزاء تقديم سلطنة عُمان بالوجه المشرق .
بالطبع طرح الهوية الوطنية للتصويت له من إيجابيات منها: تعزيز الشعور بالمشاركة، تتمثل في اختيار الهوية الوطنية وتعزز المشاركة الشعور بالانتماء والملكية الجماعية للرموز الوطنية، وزيادة القبول العام والتقليل من احتمال وجود اعتراضات واسعة، بل تضفي أكثر من الشفافة وإثراء الهوية بالتنوع، وظهور أفكار جديدة وإبداعات تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي في البلاد، وتعزيز الثقة في الهوية المختارة بأنها تُمثل رغبة المجتمع .
نأمل من الجميع المشاركة الفاعلة في اختيار ما يعكس ويعبر عن الوطن بنحو مميز، وألا نتردد في المشاركة التي سوف يكون لها دور في تزكية أفضل شعار من بين الشعارات المطروحة، وفي هذا الإطار لا يسعنا إلا أن نشكر كل من شارك في هذا العمل الجبار، وخاصة القائمين على البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية (نزدهر)، وكل الجهات المحلية والشركات الأجنبية التي أسهمت في هذا العمل المحوري .
علي بن راشد المطاعني