الحمد لله الذي كتب على عباده الفناء، وجعل لهم من الذكر الطيب حياةً أخرى تبقى في القلوب والوجدان.
نستذكر اليوم قائدًا عظيمًا، ورمزًا خالدًا، رجلًا حمل على عاتقه همَّ وطنٍ وشعبٍ طيلة خمسين عامًا، المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه.
كان السلطان قابوس رحمه الله مثالًا للقائد الحكيم الذي جمع بين الحزم والحنكة، وبين الأصالة والمعاصرة، فسار بعُمان نحو التقدم والازدهار، بينما ظلت قيمها وهويتها العربية الأصيلة مصانة. حمل السلطان همَّ البناء والتنمية، فلم يكن قائدًا فحسب، بل كان أبًا حنونًا ومرشدًا مخلصًا جعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
تجلّت بصمات السلطان قابوس في كل شبر من أرض عُمان؛ حيث شهدت البلاد نهضة شاملة في مختلف المجالات. في التعليم، ارتفعت أعداد المدارس والجامعات لتغطي أنحاء الوطن، وتم توفير التعليم المجاني للجميع. أما في الصحة، تحولت المستشفيات والمراكز الصحية إلى صروح متطورة تقدم خدمات راقية. كذلك، شهدت البنية التحتية نهضة ملحوظة من خلال تشييد شبكة حديثة من الطرق والموانئ والمطارات.
ولم يكن دوره محليًا فحسب، بل حمل راية السلام والتسامح على المستوى الدولي. كانت عُمان في عهده جسرًا للتواصل بين الأمم، تُعرف بسياساتها المتزنة التي أسهمت في حل العديد من الأزمات الإقليمية والدولية.
خمسون عامًا من العمل الدؤوب والإنجازات العظيمة لم تكن مجرد أرقام، بل بصمات حُفرت في تاريخ هذا الوطن. وان ودّعناه بجسده، فإن روحه ستبقى حية بيننا، تسكن قلوبنا، وتلهمنا قيم العطاء والتضحية.
حملنا السلطان على كتفيه عقودًا من الزمن، وها نحن اليوم نحمله في قلوبنا إلى الأبد، نتذكره بفخر، وندعو له بالرحمة والمغفرة، مستلهمين من إرثه روح الوحدة والتقدم.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعل ما قدمه لوطنه وشعبه في ميزان حسناته، وأن يحفظ عُمان وأهلها ويعين قائدها المفدى السلطان هيثم بن طارق على مواصلة مسيرته المباركة.
راشد بن علي بن محمد الحجري