هل هناك جديد فى قرارات وسلوكيات وممارسات ترامب ؟ أم أنه هو التعبير الصحيح والصريح عن الدولة الإمبريالية الاستعمارية الأمريكية ومنذ نشأتها؟
منذ اكتشاف امريكا على يد كريستوف كولومبس عام ١٤٧٩ واعتمدت الامبراطوريات الاستعمارية حينها ( البريطانية والإسبانية والبرتغالية ) على الأساليب الاستبدادية والممارسات الاستغلالية والسلوكيات غير الإنسانية وتمثل ذلك فى سحق الهنود الحمر أصحاب البلد الأصليين . والملفت للنظر هنا هو أن البروتانيين البريطانيين كانوا قد أسسوا النظام الأمريكى على تلك الأرضية التوراتية الدينية التى لاتزال تفعل فعلها حتى الآن بزعم تمسكهم بالقيم الدينية !!! كانت امريكا ومنذ البداية فى حالة انكفأ جغرافى حتى الحرب العالمية الأولى . تدخلت فى نهاية الحرب وظهر الرئيس الأمريكى ولسن الذى حكم (١٩١٢ إلى ١٩٢٠ ) بما سمى بمبادئ ويلسن الأربعة عشر والتى أراد أن يتمايز بها عن الاستعمار التقليدى حين ذاك . وكانت هذه المبادئ تمثل ثورة تقدمية فى السياسة الدولية مثل حرية الممرات البحرية وحق تقرير المصير ..الخ . ولكن كانت هذه المبادئ هى وسيلة برجماتية نفعية هدفها التواجد الدولى بصورة جديدة . وصولا للحرب العالمية الثانية والتى بعدها قد تفردت امريكا ومعها الاتحاد السوفيتى بالعالم، هنا كانت امريكا تتمايز عن السوفيت بشعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان …الخ حتى أطلق عليها رائدة العالم الحر.
وفى ظل هذه الريادة قامت بالحرب ضد الأنظمة اليسارية مثل فيتنام وقامت بانقلابات سياسية ضد أنظمة فى أمريكا اللاتينية جاءت بانتخابات ديمقراطية لأنها غير تابعة لنظامها الأمريكى . قامت بتحالف غير شريف مع تنظيمات ميلشياوية دينية لإسقاط السوفييت فى أفغانستان . كانت احداث سبتمبر ٢٠١١ مبررا لاظهار وجه امريكا الاستعماري فاحتلت أفغانستان والعراق بحجة نشر الديمقراطية تحت شعار الفوضى الخلاقة . هذا هو وجه امريكا الاستعماري الحقيقى ولذا سيكون من الطبيعى أن نرى ذلك التوافق والتكامل بين أمريكا والكيان الص ه يونى فى المنطقة العربية ذات البعد الاستراتيجى جغرافيا وسياسيا واقتصاديا أيا كان اسم الحزب الحاكم .
إذا كان بايدن أعطى لاسرائيل ما أعطى بعد ٧ اكتوبر . فترامب قد أعطى فى ولايته الأولى وسيعطى وسيعطى فى الثانية . ولذا فمقولة ترامب بتهجير مليون فلسطينى من غزة إلى سيناء وكذلك الاردن فهى تعبير عن التكوين الاساسى والتاريخي لأمريكا الاستعمارية وهى التعبير الصريح عن شخصية ترامب التى لاعلاقة أهل بالسياسة أو الدبلوماسية أو القانون أو القيم ( سوى فى الإطار الدينى الشعاراتى ) . فهو المطور العقارى وصاحب نوادى القمار الذى لايعرف غير الصفقات الغير مشروعة اكثر من المشروعة .
ولكن هنا نقول أمريكا وترامب لايعون فلسفة التاريخ وأحكام الواقع . فاين الامبراطوريات السابقة من اليونانية والرومانية والفارسية والإنجليزية
…الخ . فهذا الامبراطوريات اضمحلت وسقطت بسبب الغرور والتجبر والاستبداد . فلكل قوة حدود واكل ظلم نهاية . اما قرار التهجير هذا فمصر وشعبها العظيم وخارجيتها العريقة ردت الرد المبدئى الذى سيكون بعده ردود وردود . فمصر يا سيد ترامب فإن مرضت فهى لا تموت . مصر كم مرت بها من أحداث وحوادث طوال التاريخ وقهرتها بعزم وصلابة وقوة شعبها . مصر لا تتدخل فى شىئون أحد ولا تسمح لأحد التدخل فى شىونها . مصر تعى دورها التاريخى فى مساندة القضية الفلسطينية ودفعت الثمن لأنها قضية أمن قومى مصرى أيضا . نعم نحن فى أزمة اقتصادية ولكن لا ولن
نتنازل عن كرامتنا فى مقابل معونة هنا ومعونة هناك .
نختلف مع النظام ولكن لا نبيع الوطن . اما ان يتصور أحد أن التهجير يمكن أن يكون قرارا لأى أحد . نقول الرد هو الشعب الفلسطينى الصامد الذى يسعى ويسرع إلى الشمال فى غزة للوصول إلى آثار منازلهم إذا كانت هنا اثار باقية . فالهدم والإبادة يمكن أن تصيب الحجر ولكن البشر هم اقوى من. ذلك بإرادتهم القوية .
هنا نقول مصر صامدة وستظل باذن الله ولكن هذا لا يكون بالكلام أو الشعارات ولكن بالعمل والجهاد والنضال والأهم لموقف عربى قوى . نعم العرب يملكون ما يستطيعون الرد به سياسيا واقتصاديا. شعبيا . هذا هو وقت الجد فالتنازل سيتبعه تنازلات . والاستهداف الصه يونى يستهدف الجميع بلا استثناء . فالصمود بكرامة اكرم لنا من الاستسلام بلا كرامة . حفظ الله مصر وشعبها وجيشها العظيم .
جمال أسعد