د. صالح بن عبد الله الخمياسي
كتاب يأسرك من الوهلة الأولى ويحثك على التأمل والتفكر في تجربة حياتك. يجعلك تتسأل هل أنت تنطلق للأمام وفقا لنسختك الوحيدة؟ قد يتسائل القارئ ماذا؟ نعم فالكاتب يخاطب عقلك ووجدانك بأن لا ترضى أن تكون عاديا، بل يحفزك على الغوص في أعماق ذاتك لتكتشف كنوز تميزك التي وهبك إياها الخالق عز وجل وما إكتسبته عبر سنوات حياتك العلمية والعملية من معارف ومهارات وقدرات لكي تصقلها بعمل دؤوب وشغف لا يضاهى يجعلك تحلق لملاحقة أحلامك بأجنحة من لهب وأنت تسعى لتحقيقها لتكتشف نسختك الوحيدة التي تجعلك متميزا ومتفردا عن غيرك.

مؤلف كتاب ” النسخة الوحيدة” محمد علي شكري يطل علينا من مملكة البحرين مجسدا تواضع إنسانها وطموحه وطيبته فهو محفزا لا يؤمن بالمستحيل لغة ولا الإقتناع بالعيش على هامش الحياة منطقا ولا التسويف وهدر الوقت والإخفاق في تحقيق الأهداف عذرا. يلهمك وانت تنقل نظرك بين سطور كتابه الذي ولد من رحم الخطابة الورش التدريبية المختلفة التي نفذها في دول مختلفة من العالم فجنى ثماره العديد من المتدربين وساهمت أفكاره في تغيير مسارهم الحياتي وها هو المؤلف اليوم يجمع نفائس حكمته وخبرته بين دفتي كتاب لتعم الفائدة نطاق أوسع من القراء.
لقد تدرج المؤلف في سلم الحياة حتى وجد ما يجعل قلبه يتطاير فرحا و خياله يحلق به إلى عوالم جميلة ، وعقله يزج به للإيمان بجمال حلمه فعشق مسار الرحلة وعزم على الشعور بالخوف ومواجهته وأن يخطو للأمام بعقلية الوفرة التي تؤمن بأن الفرد منا يمكنه أن يصنع أمجاده ويجعل من التميز عادة كما يقول أرسطو ” نحن نتاج ما نمارسه مرارا وتكرارا الأمر الذي يجعل التميز عادة”.
يقع هذا الكتاب الصغير حجما الكبير ثراءا في ١٨٦ صفحة قسمه مؤلفه إلى ثلاثة أقسام وهي بمثابة محطات زجه القدر إليها وهي عبارة عن أمكنة تمثلت في البحرين، والمملكة العربية السعودية والهند، بقع جغرافية قادته للتأمل والتفكر وإستخراج العبر والدروس التي جعلته يحلق وراء أحلامه ويهدي قراءه عصارة تجربته وهو يربت على أكتافهم ويدعوهم للغوص في أعماقهم ليعثروا على مكامن تفردهم. لقد حثهم على التساؤل عما يميزهم دون غيرهم. شجعهم على الوصول إلى الخلطة السحرية التي تشكل تميزهم.
لم يكن محمد ذلك الطالب الذي ولج إلى رحاب جامعة البحرين للتخصص في الهندسة الكهربائية بناء على توصية أبيه هو ذات الشخص الذي بات عليه مواجهة الحياة بحلوها ومرها بعد تخرجه. لقد جرفته رياح الحياة يمنة ويسرة وهو يتسلح في كل مرحلة بالشهادات العلمية والخبرات العملية والمهارات التخصصية. لقد إكتشف خلال رحلتة أن ضريبة النجاح لابد أن تكون مسبقة الدفع. فلم يتوان عن المضي نحوه.
تنقل من وظيفة إلى أخرى حتى وجد نفسه مشرفا في مجال الصحة والسلامه فمقتضى منه ذلك التسلح بالشعارات العلمية والمهارات الناعمة وعلى قائمتها مهارة التواصل والتأثير والإقناع التي تألق فيها وزاده التحاقه بنادي التوستماسترز تألقا فأخذ يتنافس في الخطابة حتى غدا اول عربي من بين أفضل المتنافسين العشرة للظفر ببطولة العالم في الخطابة عام ٢٠٠٦. تمضي الأيام وتتقلب الأحوال وإذا بالشركة التي يعمل بها تتعرض إلى أزمة إقتصادية جعلتها تعيد ترتيب اوراقها والعمل تقليص عدد موظفيها وفي وسط هذه الظروف يتخذ محمد قرار الإستقالة على الرغم من معارضة أهله ومحبيه ويجد نفسه فجأة على مفترق طرق متسائلا ماذا بعد؟
وهو في معمعة الحياة تلك تتواصل معه إحدى الشركات السعودية للعمل لديها كمستشار لمشروع تود تطبيقه وحينما يسأل لماذا هو بالذات يقال له نظرا لما تتمتع به من معارف ومهارات وخبرات وقدرات تجعلك خيارا فريدا دون سواك وهو الذي كان يظن بأنه لم يعد هناك من يحتاج إلى خدماته.
هذه الحاله تجعله يتمعن في تجربته ويسبر أغوار تميزها وكذلك يكتشف أن الأمر لا يقتصر عليه فقد سبقه والده في تفرده وكذلك صديق والده صقر الهندي الذي التقى به في الهند خلال رحلة علاجية لوالده. فبعد تقاعده من عمله
في البحرين وإثر زيارة صديقة علي (والد المؤلف) للعلاج إكتشف صقر أن نقطة تميزه وتفرده تكمن في قدرته على أن يكون مرشدا للسياحة العلاجية فهو يجمع بين إتقانه للغة الإنجليزية و فهمه للثقافة العربية وعلاقاته الكبيرة في المؤسسات الطبية والصحية مما يجعله يعمل وفقا لنسخته الوحيدة.
يطور محمد هذه الفكرة من خلال التحدث عنها في المؤتمرات والمحافل الخطابية ويتعمق في بلورتها إلى ورشة تدريبية ليتسع نطاق تأثيرة فيكتب لها النجاح وتسهم في مساعدة الكثير من الناس على تبي التغيير الشخصي والنأي عن التشكيك في قدراتهم وتثبيط عزائمهم.
ها هو المدرب العالمي محمد علي شكري يلملم صوت حكمته و ما جناه من دروس و عبر من خلال تلك الخطب الملهمه و الورش التدريبية المتواترة و خبراته المتراكمة يهدي للقراء مبادئ النجاح و التميز من خلال تبني فكرة العمل من منظور أن لكل فرد منا نسخته الوحيدة التي تؤهله لأن يتميز عبرها في كتاب أسماه ” نسختك الوحيدة” و أنت تتنقل بين صفحات هذا الكتاب يخيل إليك بأنك تقف أمام الحكيم الصيني كونفوشيوس و هو ينير لك الطريق من خلال هذه المبادئ المتمثلة في التالي و ينثر رحيق حكمته و خزامى تجربته و يهمس لك بالفوائد التالية:
١- بالرغم من عدم وجود قاسم مشترك بين الخطوات التي تخطوها الآن لا تعتقد بأن قيامك بها يعد مضيعة للوقت. لأنها ستتقارب معا لتشكل مزيج متجانس.
٢- ان ما تضيفه إلى سلة مهاراتك وقدراتك اليوم من شهادات وخبرات سيولد قوة متفردة ستعينك على التميز.
٣- قد تبدو الأمور الحالية لديك مبعثرة وغير مرتبه، ولكنها تؤدي إلى نتائج سعيده
٤- على النقيض من المثل الشائع ” سبع صنائع والبخت ضائع” فإن مبدأ نسختك الوحيدة يشير إلى أن كل المهارات التي تجمعها في سلتك وأنت تشق طريقك في الحياة ستؤتي أكلها لأن هذا التنوع والتعدد سيولد قوة لا تضاهى.
٥- يجب أن تلاحق الفرص وتسعى إلى خلقها عوضا عن الإنتظار لكي تخلق لك.
٦- ركز على الصوره الشموليه لا المنظور الجزئي. وحدد أين تكمن الحاجة لما تتمتع به من مهارات وقدرات ومعارف في السوق وأسعى للظفر بالفرص.
٧- السلام الداخلي ولأجل تحقيق ذلك تجنب القلق من اقدام الآخرين على تقليدك والشعور بالقلق من المنافسة وكذلك لا تقارن نفسك بالآخرين فالكل لديه نسخته الوحيدة.
ويختتم المؤلف كتابه بتزويد القارئ بخمس ومضات ويدع له التفكر فيها كيفية تطبيقها في حياتك وهي تتمثل في التالي:
١- كن على يقين بأن لديك نسختك الوحيدة التي تميزك عن غيرك.
٢- إحرص على التعلم المستمر واكتسب مهارات وخبرات جديدة تعزز قوتك وتعظم أثر نسختك الوحيدة.
٣- إحرص على توظيف الفرص والإستفادة منها بشكل مستمر
٤- إسعى لمعرفة ما يتطلبه العالم من حولك وكيف يمكنك أن تساهم لتلبية ذلك بثقة.
٥- فكر بالسلام العالمي الذي سيكون نتيجة حتمية لتطبيق المؤشرات الأربع السابقة. وهكذا فإن تتكيف في العمل وفقا لنسختك الوحيدة يعني أنك ستستبدل الخوف بالحب والصراع بالسكينة و التوتر بالفرح في بيئات عودتنا على التفكير بأن مثل هذه السلبيات أمر حتمي، ولكن بتفكيرك الإيجابي وإيمانك بالعمل لنسختك الأولى تثبت المثبطين عكس ذلك.
هذا الكتاب يدعوك للتأمل بداخلك ويحفزك على العثور على القاسم المشترك بين النقاط المتفرقة في حياتك وما إكتسبته خلال محطاتها المختلفة من معارف ومهارات وقدرات لتكتشف خلطة تميزك السحرية، فمن خلال ما يزودك به من تساؤلات في نهاية كل فصل من فصوله يمكنك العثور على فسيفساء نسختك الوحيدة والتميز عبر جمالها وتفردها وما تمدك به من قوة تجعلك تفخر بأنك الخيار الأول في مجالك وتنطلق من خلالها بعقلية الوفرة لتحقيق أحلامك فهو يناشدك بأن تدع القلق وتنشد التميز.
د. صالح الخمياسي
باحث ومدرب وكوتش في القيادة الذاتية والتغيير الشخصي.

