عشقي للتصوير: شرارة بدأت منذ عشرة أعوام و نمت بل تجذرت في أعماقي حتى غدت تشكل جزءا روتينيا من يومي فلا يهنأ لي بال دون ذلك.
قبل عشرة سنوات ، أمسكت بالكاميرا كمن يكتشف شيئًا للمرة الأولى، شيئًا كان له وقعا آسرا جعلني أنجذب إليه . لم تكن مجرد آلة تلتقط الضوء، بل كانت نافذة جديدة أنظر بها إلى العالم. في تلك الأيام الأولى، كان كل شيء يبدو مشوقًا: ظل شجرة، ابتسامة عابرة، أو حتى كوب قهوة تحت ضوء الصباح. لم أكن أعرف أن تلك الجذوة لن تنطفي بل ستنمو و سيتفرع شغفها بداخلي لتصبح الشمعة مضاءة لا ينطفئ.
في البداية، كان التصوير وسيلة للهروب من رتابة الأيام، ثم أصبح وسيلة للتعبير، ثم تحول شيئًا فشيئًا إلى أسلوب حياة. عشر سنوات مرّت منذ تلك اللحظة الأولى، وكل عام منها أضاف لمحة جديدة من ملامح هذا العشق الذي جذرته الأيام و عملت على ، وصقله، و تطويره بشكل مستمر.
ما تعلمته خلال هذه السنوات، أن التصوير ليس مجرد ضغطة زر، بل هو إحساس، انتظار للحظة، تفاعل مع الضوء، وانصهار مع المشهد. أصبحت أرى ما لا يُراه زملائي و أصدقائي ، وأشعر بما لا يُقال، وأوثّق اللحظات قبل أن يطويها النسيان . كل صورة ألتقطها تحمل شيئًا مني: نظرتي، حالتي، ذاكرتي و شغفي المتجدد و ميولي و إبداعاتي. كنت أحسن السمع و أتلقى النصائح و التعقيبات بصدر رحب و أعمل على الإستفادة منها مما ساعدني على تطوير موهبتي و تطوير قدراتي.
عشر سنوات من التدرّب، من الفشل أحيانًا، ومن المحاولات التي لا تُحصى. تعلّمت أن الصورة لا تُقاس بمدى دقتها أو نقائها، بل بقدرتها على تحريك شيء في داخلنا و التأثير على مشاعرنا. في عالم مزدحم بالصوت والصورة، يبقى للتصوير الصادق القه و جاذبيته، ذاك السحر الذي علّمني كيف أبطئ الزمن بلقطة، وكيف أُجمّد لحظة عابرة وأمنحها الخلود لتبقى حاضرة تتداولها الألسن .
اليوم، حين أُمسك بالكاميرا، لا أراها مجرد أداة، بل رفيق درب وفي و زميل محفز و جليس يساعدني بالاحتفاء بنجاحات الآخرين. لقد ، كانت الكاميرا وما زالت، مرآة لروحي، ورفيقة درب في رحلة اكتشاف الذات والعالم من حولي فمهما إختلفت مشاربنا و تعددت ثقافتنا و تباينت ميولنا إلا أن الروابط الإنسانية تجمعنا فلا زال مشهد الصورة حيا حين حرك إنسانيتنا للتعاطف مع المتضررين من إعصار شاهين فتدفقت الجموع من كافة ربوع الوطن لنجدة أخوانهم و الصورة تؤكد بأن عمان نبض واحد فكم جميل هو شغفي للتصوير الذي ظل عشق جذرته الأيام.
محمد بن سلطان الغيثي / مصور فوتوغرافي و مدرب و صانع محتوى

