تمتلك دولة الاحتلال ترسانة تكنولوجية تتيح لها إطالة أمد المواجهة بتفوق جوي واستخباراتي واحتياط نووي غير معلن يستخدم كورقة توازن رادعة بدعم من تحالف غربي يوفر لها غطاء استراتيجياً عند تعقد المعادلات.
لكن هذا التفوق لا يلغي حقيقة أن الجانب الإيراني يمثل ثقلاً نوعياً في معادلة توازنات القوى الإقليمية.
ففي ليلة لم يعكر صمتها سوى هدير القدر انهمرت صواريخ فارس كمطر غزير تدك بعزم الحديد جسد الكيان المرتجف وسط ذهول الغرب وحلفائه وقد تحولت دفاعاتهم المتغطرسة إلى خيوط دخان تذروها ريح الشرق الصاعدة من أعماق الجبال.
تجاوزت هذه الصليات من الصورايخ منظومات الدفاع الأمريكية والصهيونية ومن حالفهم من بعض العرب وبقي الكيان كالغريق في لجة مظلمة تبتلعه الأمواج دون يد تمتد للإنقاذ.
خلف هذا الانهيار تقف معادلات السيادة والجغرافيا فإيران التي تحرسها جبالها الراسخة كالأوتاد منذ بدء الخليقة تقابلها دولة الاحتلال العارية في بقعة ضيقة مكشوفة كل منشآتها معروفة وكل بنك أهدافها مستنزف حتى آخر ورقة فيه.
حيث لا تملك تل أبيب ترف الاحتماء طويلاً في الملاجئ الموحشة الرطبة التي تعجل بتفشي الأسقام النفسية وتدفع الحشود إلى شوارعها تطالب بالفرار من وطن بني على رمال متحركة.
في السماء تتباين كلفة الصراع الكيان يدفع الملايين في كل طلعة جوية يملأ خزانات طائراته بالوقود في الجو كما يشرب الظمآن من سراب بينما صواريخ إيران كالسيف في قبضتها تنطلق بلا طيار ولا خوف من الأرواح أو استنزاف الموارد وإن طمع العدو في المساس بأعماق الجغرافيا الإيرانية الجبلية فلن تسعفه مقاتلاته الهشة بل يحتاج إلى قاذفات B-52 الثقيلة المحملة بقنابل الانصهار الحراري والضغط التفجيري وهي تقنيات تحتكرها واشنطن وحدها وإن أقدمت عليها فتحت على قواعدها في الخليج أبواب الجحيم.
أما أزمة الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية فقد بلغت ذروة الاستنزاف ولن تصمد طويلا في وجه زخات القصف المتواصلة وكلما ازدادت الوتيرة انفتح الفضاء أمام الضربات كالموج فوق الموج.
ولم تستنفد طهران أوراقها بعد فاستهداف ناقلات النفط للدول الموالية للكيان عبر مضيقي هرمز وباب المندب كفيل بخنق شرايين الطاقة العالمية ودفع الغرب وأمريكا إلى ظلام اقتصادي دامس تتوقف فيه مصانعهم وتغرق ناقلاتهم في عمق البحار كأجساد عائمة بلا منقذ.
وعلى طاولة الأوراق النووية تظل ورقة الإعلان قائمة فإن أعلنت طهران امتلاكها السلاح النووي انقلبت معادلات الردع رأساً على عقب وتحول الخوف إلى عقيدة سياسية جديدة في ديانة الغرب المهزوزة.
مازال الكيان ينزف ديموغرافياً ثمانية ملايين أغلبهم مزدوجو الجنسية يترقبون أول طائرة للهروب في الوقت الذي تغزل فيه فارس مجدها من صبر التاريخ يأكل شعبها من زرعه ويلبس من نوله ويسكن ثراه لا يستدين من موائد الغرب و يقف جيش احتياط فارسي يتضخم كموج بشري هادر ملايين ينتظرون إشارة المرشد ليملؤوا الأرض زحفاً.
هي مواجهة لم تعد تحتاج إلى شهادة فالضعيف يفتش عن حماية وراء الحدود والقوي يصنع القرار من صبر شعبه وسواعد رجاله.
سوف تكون بإذن الله تعالى للقدر كلمة الفصل وما النصر إلا من عند الله.
أحمد بن علي الشيزاوي

