انفض سامر انتخابات مجلس الشورى بعد جهد عظيم بذل في مختلف الحملات الانتخابية، وكان يوم الـ٢٧ من أكتوبر ٢٠١٩م يوما وطنيا بامتياز. ولا شك أن مثل هذه الأيام تعزز من رصيد الحركة الاجتماعية والوطنية في السلطنة، إلا أنها بالمقابل تتطلب واقعا عمليا يجني ثماره هذا الوطن العزيز، فهذه المؤسسات لم تنشأ إلا لتحقيق أهدافها الوطنية، ومن هذا المنطلق يظل الوطن والمواطن بانتظار ما سيتحقق من أهداف ومنجزات، ورغم أننا لا نريد تضخيم حجم الطموحات المنشودة من خلال المجلس إلا أننا في حالة وطنية تجعلنا نتطلع إلى تحقيق أهم مرتكزات الأمن الوطني المبني على قواعد احتياجات المواطن من تعليم وصحة ووظيفة عمل يؤمن بها مستقبله ومستقبل أسرته، وهذا هو الهم الحقيقي الذي ينتاب أبناء هذا الوطن، بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل الوطني، ومراقبة تنفيذ الخطط الخمسية، والمساهمة مع الحكومة في تقديم خطط طموحة تعالج مختلف جوانب القصور في العمل الوطني عموما .
مجلس الشورى العماني اليوم أمام مسؤوليات متجددة تقع على عاتقه كمؤسسة برلمانية تشريعية رقابية لها كل الحق في مساءلة الحكومة، وتقديم كل ما من شأنه الارتقاء بعمان، وإذا لم يتبن مجلس الشورى مواقف أكثر عملية وواقعية في معالجة تلك الهموم الوطنية فلا فائدة ترجى من هذا الصخب الإعلامي الذي يثار تحت قبته، وأعتقد أيضا أن الأطروحات والدراسات الحقيقية لا يمكن تقديمها في جلسات المجلس أثناء مناقشة الوزراء؛ لأن هذا النمط لا يغير كثيرا من الأداء الحكومي رغم إيجابيته في تطبيق أحد مسارات العمل البرلماني، وبالمقابل فإن مجلس عمان بجناحيه مجلسي الدولة والشورى مطالب اليوم بمسؤوليات جسيمة في هذه المرحلة الآنية لتقديم دراسات وخطط طموحة لانتشال الوطن من همومه، فقضية الباحثين عن عمل تتطلب القيام بعمل جذري شامل وتقديم الحلول العملية والواقعية لمعالجتها، لأنها قضية مؤرقة للغاية وتمثل تحديا كبيرا لارتباطها بحياة المواطن، لذلك يجب تجنيد كل الأدوات وتسخير كل الجهود لاحتوائها، كذلك من القضايا المهمة أيضا قضية تنويع مصادر الدخل القومي التي ننادي بها منذ عقود دون إحراز أي تقدم ملموس، وهذه قضية أخرى تتطلب تقديم الخطط والدراسات للإسهام في رفد الاقتصاد الوطني، كما تبرز مسألة أخرى من صميم عمل البرلمان وهي مراقبة وتقييم الأداء الحكومي وقياس ما تحقق في الخطط الخمسية، وهذه القضايا الثلاث تعد الأهم على صعيد العمل الوطني والحركة البرلمانية، وبالتالي فإن طرق هذه القضايا الثلاث الراهنة تمثل أولوية قصوى في قضايا الوطن، رغم أن هذه القضايا ليس من السهولة إنهاؤها بشكل تام، إلا أن المطلوب إعطاؤها الأولوية في الحركة الوطنية خلال الفترة القادمة .
إن قضية الباحثين عن عمل وتنويع مصادر الدخل ومتابعة تنفيذ الخطط الخمسية وإصلاح التعليم والصحة، وتحسين الجوانب المعيشية هي قضايا وطنية ملحة يتطلع المواطن إلى حسمها وعلاجها بالشكل الذي يعبر عن طموحه في مجلس الشورى المنتخب، وعمان تستحق أن يمثلها برلمان فاعل، وأعضاء يملكون قواعد التغيير، فهذه عمان التي نريد.
خميس بن عبيد القطيطي
#عاشق_عمان