أكتب لكم مقالي هذه المرة من العاصمة التايلندية بانكوك.. تلك المدينة التي تعج بآلاف السياح القادمين إليها من كل بقاع الدنيا.. جئتها ملبيًا لدعوة الهيئة التايلندية للسياحة للمشاركة في احتفالاتهم بعيد الماء.. التقيت في هذه الاحتفالية بمجموعة من أصدقائي الصحفيين، فعلى الرغم من أن الاحتفالية عادية جدا إلا أن الحكومة التايلندية تحرص على دعوة الصحفيين من مختلف دول العالم؛ للتعرف على هذه العادات التي تعتبر جزءًا من ثقافة الشعب التايلندي فضلا عن الحرص على إحيائها وتتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل.
استحضرت وأنا أتابع احتفالات عيد الماء هذه تغريدة للزميل محمد بن سيف الرحبي حول الفعاليات التي تنظم بمناسبة نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية 2015، حيث خلصت التغريدة إلى أنّ تنظيم الفعالية لا يرقى إلى مستوى تنظيم الدولة بل هو على أكثر تقدير يوازي تنظيم تنظيم طلبة المدارس.
التغريدة دفعتني للتساؤل: يا ترى لماذا توجّه الحكومة التايلندية هذه الدعوات لعدد كبير من الصحفيين من مختلف دول العالم فقط لمشاهدات احتفالات عيد الماء وتتكبد مبالغ طائلة من توفير تذاكر وضيافة في أرقى الفنادق وخلافه؟ الإجابة التي كانت حاضرة أنّ كل تلك الجهود تسعى ببساطة لتوظيف هذه الفعالية والتي من خلالها يتم تبني استراتيجية طويلة المدى للترويج والتسويق السياحي لتايلند، فالصحفي عندما ينقل هذا الحدث ولو في مقال أو تغريدة واحدة على الأقل أو نشر صورة فقد ساعد في تحقيق ما كان مخططا له من قبل القائمين على هذه الفعالية.. إذًا هناك فريق عمل يخطط، ويضع رؤية طويلة المدى، ويعرف نتائج هذه الرؤية التي ستعود بالنفع على قطاع السياحة حاضرًا ومستقبلا.
أعود إلى الفعاليات التي تقام بمناسبة نزوى عاصمة للثقافة العالمية وأراها حتى الآن فعاليات محليّة مقتصرة على الندوات والمحاضرات التي تتحدث عن مدينة نزوى ودورها التاريخي والحضاري، وتقام في قاعات مغلقة يحضرها إجباريًا المنظمون للفعالية ويملأون القاعة بطلبة الكليّات والمعاهد والمدارس.
اعتقد أنّ هذا الأسلوب المتبع ليس له قيمة مضافة لتعريف العالم الإسلامي بهذه المدينة الأثرية؛ التي لم ننتهز الفرصة في أن نقدمها للعالم بأسلوب ترويجي وتسويقي يرقى لمكانتها كعاصمة للثقافة الإسلامية.
كنت أتمنى أن أرى توظيفًا أفضل يوازي ضخامة هذا الحدث، وذلك من خلال دعوة الوفود الصحفية والإعلامية من مختلف دول العالم لتشارك في نقل الصورة الحقيقية للمكانة العلمية والتاريخية لمدينة نزوى. يكفينا فخرًا أن يكتب كاتب أو صحفي عن نزوى أو يلتقط مصور صورة عنها ويقدمها بطريقته لكي يعرف القارئ والمتلقي في بلده بهذه المدينة التي يُحتفى بها هذا العام كعاصمة للثقافة الإسلامية.
هناك العديد من الأفكار التي يمكن أن تطرح بهذا الشأن فقط يلزمنا الانتقال بها من خانة التقليدية إلى الأفكار الخلاقة ذات الأبعاد السياحية والاقتصادية.
وبالعودة إلى مشاركتي في تغطية فعاليات عيد الماء بتايلند فالفعالية لم تتعد مدتها الزمنية ساعتين؛ فقد كنت وزملائي ننقل مشاهدات المواطنين وهم يتراشقون بالماء في أجواء ممتعة يسودها الفرح والسرور، ورغم أنّ عدسات المصورين كانت تتسابق لالتقاط أجمل الصور إلا أنّ القائمين على الفعالية وعملا بمفهوم الترويج الناجح وفرّوا صورًا جميلة ومادة صحفية ليس فقط عن هذه الفعالية بل وزعوا نشرات تسلط الضوء على جمهورية تايلند وتاريخها وأهم المدن السياحية بها.. وهي مادة ثرية تكفي للكتابة عن هذا البلد لعام كامل..
سألت أحد مرافقي في الرحلة عن الجهة الممولة لهذا الحدث فقال إنّ الحكومة تدعو القطاع الخاص للمشاركة في تمويل الحدث وهناك تجاوب كبير جدًا بل تتسابق الشركات لتكون حاضرة في مثل هذه المناسبات انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه المجتمع.
مرّ على انطلاق فعاليات نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية ما يقارب الأربعة أشهر إلا أننا لم نقدم ما يثلج الصدر.. أتمنى أن نرى أفكارًا خلاقة تسوّق وتروج لمدينة نزوى وللسلطنة. نحتاج إلى توجيه الدعوات لعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين والمغردين.. نحتاج أن نعرّفهم بالمدينة ونترك لهم الخيار لنقل الصورة كل حسب إمكانياته، علينا فقط أن نوفر لهم البيئة الملائمة والزيارات الميدانية لأهم المعالم السياحية ونزودهم بالمواد الصحفية، وحتمًا سنحقق المردود الإيجابي؛ لأن الصحفي أكثر قدرة من غيره على نقل الصورة للمتلقي.