قدم الشعب العماني الوفي خلال الأيام الماضية ملحمة أسطورية عظيمة من أروع معاني الحب والوفاء، وضجت عمان كلها بالدعاء إلى الله، وواصل أبناؤها ليلهم بنهارهم يدعون الله بالسر والجهر، متضرعين إليه بأن يكرم عمان بشفاء نور بصرها وقلبها النابض، وقائدها وبانيها ومجدد تاريخها، ووالد هذا الشعب العظيم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه. وجاءت تباشير الفرح بعد بيان ديوان البلاط السلطاني مطمئنا أبناء عمان باستقرار صحة جلالته ـ أيده الله ـ وكأن فجرا جديدا بزغ على عمان، وكأن الـ٢٣ من يوليو المجيد عاد من جديد فتدثرت عمان بثوب الفرح من جديد، وعاش العمانيون لحظات غامرة في حالة عفوية عبرت عن العلاقة بين الحاكم والمحكوم، في ظاهرة نادرة في التاريخ، فسجد العمانيون شكرا لله على ما أسبغ عليهم من فضل بعدما جاءت البشرى، سائلين الله أن يتم فضله وكرمه على هذا الوطن، وأن يمتع جلالته بالشفاء التام شفاء لا يغادر سقما، وأن يمده بالعمر المديد.. إنه تعالى سميع مجيب.
أولى الملاحم العمانية بدأت في الـ٢٣ من يوليو ١٩٧٠م عندما تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم مقاليد الحكم في البلاد، فقد كان تولي جلالته الحكم بحد ذاته يمثل للعمانيين بارقة أمل التقطتها مشاعرهم، وأرسلت إشاراتها لقلوب أبناء الشعب العماني بأن هناك فجرا سيطلع على عمان بقيادة هذا القائد المفدى، وقد كانت عمان حينها ترزح تحت أوضاع شديدة وقاسية من ثورات وحروب داخلية وعدم استقرار، وظروف اقتصادية وعزلة دولية، وهجرة أبنائها إلى الخارج، ومعوقات داخلية شديدة من أمية وفقر ومرض وعوز، هكذا كانت ظروف عمان قبل وصول جلالته ـ أبقاه الله ـ فخاطب جلالته أبناء شعبه: (سأجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل) وهو ما تحقق سريعا بعون الله على أرض عمان، فقاد جلالته تحولا تاريخيا في عمان رغم ظروف الحرب في بداية النهضة المباركة، وكان جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ يعمل على مسارين: الأول احتواء الموقف المضطرب وإخماد الثورة وإعادة اللحمة الوطنية، والمسار الآخر كان يحث الخطى في التنمية وبناء الإنسان والوطن، وهكذا تحققت نبوءة هذا الشعب عندما خرج لأول مرة في مسيرات العرش الأولى عام ١٩٧٠م، واستمرت مسيرة الخير بعودة عمان إلى الأسرة الدولية بالانضمام إلى المنظمات الدولية والالتحاق بركب الأمم المتقدمة، فلا عجب أن نشاهد ملاحم الحب والوفاء تتكرر في كل مناسبة وطنية.
خمسون عاما من عمر النهضة المباركة لم تكن مجرد علاقة عابرة بين الشعب والقائد، فقد وضع جلالته ـ أعزه الله ـ قواعد وأسسا متينة لهذا الوطن العظيم، وما زالت سفينة الخير ماضية في طريقها التي رسمها جلالته، وما زال العمانيون يشكلون لوحة وطنية بقيادة جلالته ـ أيده الله.
الأعياد الوطنية وأعياد النهضة مثلت مناسبات عزيزة، وبرهنت عمق العلاقة الأبوية الراسخة بين جلالة القائد وأبناء شعبه الوفي، وكذلك كانت الجولات الكريمة السامية التي أبرزت عمق هذه التجربة العمانية الفريدة التي جسدها القائد مع أبناء وطنه، وهذا لا يمكن إدراك حقيقته الوطنية لمن لم يعش على هذه الأرض الطيبة، لذا لا غرابة أن نشاهد صور جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ مرفوعة حتى في الاحتجاجات الشعبية؛ لأن هناك إيمانا عميقا لدى الشعب العماني أن استجابة جلالته ستأتي عاجلة لا محالة، وهو ما حدث بالفعل. فها هو سلطان الحكمة والسلام أنصت إلى صوت شعبه فكان للشعب ما أراد، وهكذا تمضي سفينة الخير والعطاء ترفع أشرعة الخير على عمان، وتنشر الخير والسلام أينما تصل بقيادة زعيم الحكمة وسلطان السلام.
لقد تكررت ملحمة الوفاء بين قائد عمان وأبناء شعبه عندما غادر جلالته أرض الوطن للعلاج بالخارج، فكانت قلوب العمانيين متعلقة مع الأب الكريم حتى جاءت البشرى إلى عمان فاستمرت المسيرات مع عودة جلالته من أقصى عمان إلى أقصاها، كيف لا؟ وهناك رابطة استثنائية عميقة راسخة بين هذا الوطن وقائده المفدى علاقة أبوية إنسانية عظيمة.
حفظ الله عمان وشعبها الوفي الأصيل الذي أثبتت وقائع الأحداث والتاريخ أنه رصيد عمان الثابت المكين، وحفظ الله جلالة السلطان قابوس المعظم، ومتعه بالصحة والعافية والشفاء والعمر المديد، وما ذلك على الله بعزيز.
خميس بن عبيد القطيطي
[email protected]
#عاشق_عمان