شتاؤك ينخر فينا العِظاما
فكيف لنا يا أبي أن نناما؟
فتحنا الوصيّةَ، سالتْ نزيفًا
كأنّا فتحنا جروحَ اليتامى
كأنّ المساجدَ
قد شيّعتكَ: أذانًا
كأنّ الصباحَ: حماما
فغصَّ الأذانُ، وناحَ الحمامُ
وخرّ الغمامُ عَلينَا حُطاما
وفي موكبٍ من دموعِ المنازِلِ
ها هوَ قابوسُ يلقي السلاما
ويختِم جولاتهِ السامياتِ
على شارعِ الذكرياتِ
خِتاما ..
أبي سوفَ أشكو إليك وأرجو
إذا قلتُ شكوايَ ألا أُلاما
عهدناكَ تخشى علينا الرياحَ
فكيفَ رميتَ علينا السّهاما؟
عهدناك تصفحُ عمن أساءَ
إليكَ، لماذا رحلتَ انتقاما؟
عهدناك ترجعُ بعد الغيابِ
تعيدُ إلى وجهنا الابتساما
ووجهك ملءَ البياضِ .. ينادي
أقيموا الصلاة وأفشوا السلاما
عهدناكَ ترفع سقف الجوامعِ
كي تجعلَ الأرضَ بيتًا حراما
حراما على غصة الأمهاتِ
ودمع الرجالِ وحزنِ اليتامى
وقلت استقيموا: فلما وقفنا
نصلي وراءَك خمسينَ عاما
فُجعنا بأنا نصلي عليكَ
كأنكَ ما كنتَ فينا إماما !
نصلي صلاة الجنازةِ جهرًا
فكيف يُسرُّ النهارُ الظلاما؟
فتحنا الوصيّة، أغمِض عيونَك
فالدمعُ سوف يقولُ الكلاما
الشاعر يوسف الكمالي
#عاشق_عمان