خلال القرن الماضي، كان العالم على موعد مع ثلاث جائحات إنفلونزا انتشرت على الصعيد العالمي، لتتسبب في وفاة عشرات ملايين الأشخاص. فإضافة للإنفلونزا الإسبانية التي انتشرت بين عامي 1918 و1920 وتسببت في وفاة أكثر من 50 مليون شخص والإنفلونزا الآسيوية لعام 1957 التي راح ضحيتها مليونا شخص، عرف العالم سنة 1968 ظهور موجة إنفلونزا جديدة سرعان ما انتشرت نحو مختلف أصقاع العالم متسببة في وفاة ما بين مليون و4 ملايين شخص.
وقد ظهرت أول حالة إصابة بهذا المرض، الذي تسبب فيه فيروس إنفلونزا H3N2، يوم 17 تموز/يوليو 1968بهونغ كونغ ولهذا السبب لقّبت موجة المرض حينها بإنفلونزا هونغ كونغ. إلى ذلك، يؤمن أغلب العلماء أن فيروس H3N2، المسبب للمرض، نتاج من زيحان مستضدي من الفيروس H2N2 حيث تتم هذه العملية عند خلط فيروسين أو أكثر لتكوين نمط فيروسي جديد يحمل خليطا من مستضدات الفيروسين الأساسيين.
فيروس H3N2
وعلى الرغم من ارتباطه بعدد ضئيل من الضحايا مقارنة بأوبئة أخرى كالطاعون الأسود، الذي فتك بأكثر من ربع سكان العالم بالقرون الوسطى والإنفلونزا الإسبانية التي راح ضحيتها أكثر من 50 مليون شخص، عرفت إنفلونزا هونغ كونغ انتشارا سريعا بمختلف أرجاء العالم فصنّفت كمرض شديد العدوى.
فبعد مضي أسبوعين فقط عن ظهور أول حالة منتصف تموز/يوليو 1968، سجّلت هونغ كونغ 500 ألف إصابة بهذا المرض وهو الرقم الذي يعادل 15% من إجمالي عدد سكانها حينها. وقد واصل الفيروس انتشاره ليبلغ كل من الهند والفلبين وشمال أستراليا بحلول أيلول/سبتمبر من نفس السنة. كما سجلت حالات إصابة بإنفلونزا هونغ بكل من بريطانيا واليابان وأوروبا الشرقية وجنوب القارة الأميركية وإفريقيا مطلع العام 1969.
انتشار سريع
إلى ذلك، عرف هذا المرض ظهوره لأول مرة بالولايات المتحدة الأميركية خلال نفس الفترة بولاية كاليفورنيا. ففي خضم مشاركتهم بحرب فيتنام، نقل الجنود الأميركيون الذين عادوا لوطنهم أواخر العام 1968 مرض إنفلونزا هونغ كونغ معهم ليسجل بذلك الفيروس انتشارا سريعا بمختلف أرجاء الولايات المتحدة الأميركية متسببا في سقوط عدد هام من الضحايا.
وعند الإصابة بفيروس H3N2، تنتاب المريض أعراض قشعريرة وحمى شديدة وآلام بالعضلات إضافة لمشاكل في التنفس تستمر بين 4 و6 أسابيع. وقد سجّلت أعلى نسبة وفيات بإنفلونزا هونغ كونغ لدى كل من الأطفال وكبار السن.
ابتكار لقاح
ومع انتشار هذا المرض نحو مناطق عديدة من العالم وتسببه في سقوط عدد كبير من الضحايا، تمكن العلماء من ابتكار لقاح ساهم في وضع حد لجائحة إنفلونزا هونغ كونغ، فضلاً عن ذلك، ساهمت بعض العوامل، كوجود الرعاية الصحية الجيدة والملائمة للمرضى وتوفر المضادات الحيوية، في علاج أعراض إنفلونزا هونغ كونغ وإنقاذ حياة عدد هائل من البشر.
وعلى حسب مصادر تلك الفترة، تسبب فيروس H3N2 في وفاة أكثر من مليون شخص. وبالولايات المتحدة الأميركية لوحدها، فارق نحو 33800 مواطن أميركي الحياة بسببه خلال فترة لم تتعد السنتين.
المصدر: العربية.نت – طه عبد الناصر رمضان
#عاشق_عمان